بقلم: مصدفة عبيد

السكوت على المذبحة 

طعم الغدر لاسع فى الحلوق . مر مرار العلقم . الظلم ضارى وظلم ذوى القربى أشد ضراوة . يأتى الرصاص من حيث لا نحتسب. باردا ، قاسيا ، مدويّا كنهاية حتمية لزمان من الشهامة . 
 
فى رمضان الماضى سبقنا إلى الجنة شباب مصرى مسالم بات يحرس فى سبيل الوطن . ستة عشر جندى قتلوا غيلة ولا أحد يعلم حتى الآن بأى ذنب قتلوا !
وقتها تعهد الرئيس مرسى بتقديم الجناة إلى العدالة بأسرع ما يمكن ، وذكر بيان للقوات المسلحة بأن المعتدين سيدفعون الثمن . ومر الشهر تلو الشهر ، ولم يحدث عدل ، ولم يجر ثأر ، ولم تشهد مصر ما يدل أننا نعيش فى دولة لها كرامة ، ولديها عزة وكبرياء . لم يقل لنا أحد من المسئولين ــ لا الرئيس ولا الوزير ولا المهللين والمطبلين لولاة الامورــ  ماذا جرى ؟ وكيف تحققت العدالة فى هذه الجريمة ؟ 
 
من غزة الأسيرة انطلق القتلة كسهم طائش أخطأ  قلب صهيون إلى قلب مصر . من فلسطين الحبيبة رش الخونة غدرهم كافرين بالعروبة والاخوة والجيرة والتاريخ ..  من هناك ردوا الدعم بالدم ، والنصرة بالخسة  ، والعرفان بالنكران  . والمؤسف ــ رغم التسريبات المتكررة بأن منفذى المذبحة خرجوا من غزة ــ أن أحدا من حماس لم يعتذر ، ولم يساعد فى كشف القتلة أو تقديمهم للعدالة . 
 
غدر الإخوة ينطق بالعبرية .  غدر المتأسلمين يضخ كذبا وغشا . غدر معجون بجهل وسوء نية وحقد أعمى . " هل جزاء الاحسان الا الاحسان ؟ ".  يقول أمل دنقل راسما وجع الغدر :  " لم يصح قاتلى بى :  انتبه /كان يمشى معى / ثم صافحنى / ثم سار قليلا / ولكنه فى الغصون اختبأ ./ فجأة ثقبتنى قشعريرة  بين ضلعين / وأهتز قلبى كفقاعة وأنفثأ / وتحاملت حتى تحملت على ساعدى /فرأيت ابن عمى الزنيم /واقفا يتشفى بوجه لئيم / لم يكن فى يدى حربة أو سلاح قديم / لم يكن غير غيظى الذى يتشكى الظمأ ." 
 
حماس ليست فلسطين ، والقتلة ليسوا سوى خدم لدى الأعداء . من يقتل مصريا فليتبوأ مقعده من النار . من يقتل مسالما آثم . من يعتدى على صائم دون وجه حق هم سفلة السفلة . لو كانوا معروفين وجبت محاكمتهم ، ولو كان لحركة حماس صلة بهم لوجب حسابها ، ولو كان لأحد ما داخل غزة  مسئولية لصار من اللازم القصاص منهم فورا . 
 
بعد ثمانية شهور من المذبحة أخشى أن أقول : أيها الرئيس :اصمت . أيها الجنرال : كفى خداعا  .  أيها الجالسون على المقاهى: ترحموا على الشهداء . أيها الكتبة : اذرفوا مداد أقلامكم . ويا أمهات الشهداء لا تنتظروا ثأرا ، فليس لدينا من يثأر . والله أعلم .