الدكتور شوقي كراس كما عرفته
بقلم: منير بشاي
سمعت عن الدكتور "شوقي كراس" وعن الهيئة القبطية الأمريكية منذ بداية نشاطهم القبطي الحقوقي في السبعينات من القرن الماضي. وكنّا في لوس أنجلوس ننتظر مجلة الأقباط القادمة من "نيوجرسي" بشغف شديد ونقرأها بنهم من الغلاف للغلاف وبعد قراءتنا لها كنا نعطيها لآخرين للقراءة وهم بدورهم يعطوها لآخرين.
وأشهد أن هذه المجلة وكلماتها النارية وأبحاثها الموثقة كان لها أكبر الأثر على فقد ساعدتني وآخرين غيري على فهم أبعاد القضية القبطية وتمهيد الطريق لي ولآخرين للانخراط في هذا العمل.
ولكن مشاركتي الفعالة في العمل القبطي وتعرفي الشخصي على الدكتور شوقي كراس لم يحدث إلا سنة 1981 وما بعدها. كان ذلك على إثر أحداث سبتمبر الأليمة التي أدت إلى القبض على حوالي 1500 مواطن منهم العدد الكبير من الأقباط الذين يشملون آباء أساقفة وآباء كهنة وقساوسة من الطوائف الإنجيلية وكثير من أراخنة الشعب القبطي.
وصدر قرار بتحديد إقامة قداسة البابا صاحب القداسة الأنبا شنوده في الدير في وادي النطرون وألغى اعتراف الدولة به، وأوقف صدور مجلة الكرازة.
هذا الحدث في اعتقادي كان هو الشرارة التي أشعلت النار في العمل القبطي في المهجر في ذلك اليوم وفور سماعنا للخبر رأينا مئات الناس يجتمعون أمام باب الكنيسة في لوس أنجلوس دون سابق ميعاد. كان الكل منفعلاً والبعض يبكون والآخرين يصرخون. منذ تلك اللحظة تكونت جماعة نشطاء كاليفورنيا تحت قيادة اثنين من أبائنا الكهنة، عقدت مئات الاجتماعات الخاصة والعامة كذا نظمت المظاهرات الشعبية للشعب القبطي كهنة وإكليروس بل وممثلين للطوائف الأرمينية والأرثوذكسية الشرقية وكانت هذه النشاطات تغطيها وسائل الإعلام الأمريكية والعالمية. كان هذا بمثابة زلزال عنيف هز لوس أنجلوس المدينة المعروفة بزلازلها.
وفي أحد هذه الاجتماعات كان مدعوًا للكلام د. شوقي كراس وكنت أنا قائد الاجتماع وفيه تم التعارف الشخصي بيني وبينه. وكنّا دائمي الاتصال عبر التليفون والفاكس (لم يكن الإنترنت معروفًا في ذلك الوقت). وفي إحدى مكالماتنا كنت قد سردت له تفاصيل موضوع يتعلق بالقضية القبطية، فطلب مني كتابة الموضوع وإرساله له بالفاكس. وإذ أبى أفاجأ أن أجد الموضوع ينشر بالكامل في مجلة الأقباط كأول مقال لي في المجلة.
بعدها تكررت كتابتي في كل عدد باللغتين العربة والإنجليزية. ثم تطور الأمر بعد ذلك إلى أن عهد إلى بمهمة الإشراف على تحرير المجلة فكنت أعدها له وأرسلها له للطباعة.
كان د. كراس رجلاً مخلصًا للقضية القبطية بلا حدود، كان شعلة متوهجة من النشاط، كان دائمًا يردد قول الكتاب المقدس: شددوا الركب المخلعة، وقوموا الأيادي المسترخية.
وكانت القضية القبطية تستحوذ على كل وقته وفكره وتستنفذ كل ماله وإمكانياته ومواهبه. وكانت علاقته بالناس تبنىَ على أساس القضية. من أجل القضية كان يختلف مع الناس ومن أجل القضية كان يمد يده للتصالح معهم. كانت القضية هي حياته وطعامه وشرابه والهواء الذي يستنشقه. وكانت آلام الشعب القبطي في فكره على الدوام فكان دائمًا يكرر أننا لن نتركهم أبدًا.
أتمنى أن نقتدي بسيرة هذا الرجل العطرة وأن نفرح روحه في السماء بأن نسير على نفس الدرب ونكمل العمل الذي ابتدأه.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :