بقلم: محمود الفرعوني
بسم الأمة المصرية, بسم الحزب المصري الليبرالي الذي أتشرف بالانتماء إليه، يسعدني أن أرحب بكم جميعًا وأشكركم على الحضور, كما أشكر حركة "أقباط من أجل مصر" على تنظيم هذا المؤتمر وعلى نضالهم المشروع من أجل ترسيخ الدولة المدنية والمساواة بين جميع أبناء الوطن دون تمييز. فتحية لجميع أنبياء الحرية الذين قالوا "لا" للظلم والوصاية والاستبداد في وجه من قالوا "نعم".

أيها الأخوة والأخوات
لقد جئنا اليوم كأحزاب سياسية لنناقش قانون موحد لدور العبادة، والذي من المفترض أنه من البديهيات في الدولة الديمقراطية التي لا تفرق بين مواطنيها على أساس الدين أو الجنس أو العقيدة.. فلا يمكننا أن ندّعي أن هناك ديمقراطية في وجود خط همايوني وشروط تعجيزية تكبل إخواننا الأقباط في بناء دور عبادتهم. لذلك جئنا اليوم لنكسر حاجز الخوف ونتجاوز الثوابت العقيمة التي صنعها الاستبداد.. جئنا لنشعل شمعة الحرية وسط ظلام القهر والاستعباد.
فكيف نستنشق هواء الحرية وإخواننا في الوطن يُمنعون من بناء كنائسهم ويُحرمون من تولي بعض الوظائف في الدولة لا لشيء سوى أنهم لا يدينون بدين الأغلبية. وكيف نتذوق طعم الحرية وجاري القبطي يسافر مئات الكيلو مترات في سبيل الوصول لمكان يتعبد فيه في حين أن المساجد لا يمكن حصرها في أية قرية أو حارة مصرية. فالحرية لا يمكن أن تتجزأ.
إذًا هي معركة الحرية, معركة في مواجهة الوصاية والرجعية, معركة كل المصريين الأحرار المؤمنون بنور الحرية وأمن العدالة. معركة في مواجهة نظام شمولي معادي للحريات ومدمن فرض الوصاية على عقول وضمائر الناس حتى في كيفية ممارسة شعائرهم الدينية, هذا النظام القمعي الذي حاصر الأحزاب وكمم الأفواه خلق بديلاً أكثر ظلامًا ورجعية قبل أن يخرج غير مأسوف عليه إلى مكانه الطبيعي في مزبلة التاريخ.
لذلك علينا كقوى مدنية أن نصنع البديل,علينا أن نناضل من أجل تحقيق الحلم المصري في التغيير مهما كلفنا ذلك من تضحيات، فبنك العدالة ما زال مفتوحًا بالرغم من أن أعداء الحرية يحاولون غلقه بحجة أن الرصيد لا يكفي أو أننا غير مؤهلين للديمقراطية.

أيها الإخوة والأخوات
دعونا نحلم بالمستقبل بعد أن سرقوا منا الماضي وأصبح الحاضر لا يُطاق, نحلم بدولة مدنية دينها هو المواطنة ومذهبها الحريات الفردية وشريعتها التعددية وعقيدتها تداول السلطة ولغتها حقوق الإنسان وشعارها أنه "لا صوت يعلو فوق صوت الحريات"، نحلم بعقد اجتماعي جديد في دولة مدنية تقدس الحريات الفردية وتحترم حقوق الإنسان، دولة ينص دستورها على أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ومصلحة الأمة المصرية هي المصادر الرئيسية للتشريع، دولة نصبح فيها مواطنون أحرار وليس رعايا, دولة يحكمها القانون وليس عساكر الأمن المركزي وزوار الفجر. ليس هذا هو نهاية الحلم, بل هو البداية لقيام مصر بدورها التاريخي كنموذج للحريات في منطقة تعاني شعوبها من ظلمات التطرف وجحيم الاستبداد.

أيها الإخوة والأخوات
قبل أن أختم كلمتي هناك أشياء أحب أن أقولها لإخواني في الوطن الذين يشعرون بمرارة التمييز. دعونا ونحن نناضل من أجل الحرية والعدالة أن لا ننخدع ونشرب من كأس النظام المستبد اعتقادًا منا أن البديل هو الجماعات غير الشرعية، لأن جماعات الإسلام السياسي هي الابن الشرعي لنظام الوصاية والحرمان, ولم يذكر لنا التاريخ يومًا أن الحرية يمكن أن تمنح فالحرية دائمًا ما تنتزع ولا بد لها من ثمن يدفعه المناضلون الأحرار, علينا أن نساعد في تفكيك الدولة الشمولية التي قايضتنا بالخبز مقابل الحرية فخسرنا الاثنين معًا. علينا أن نرتفع للأمجاد السماوية التي تقابل الظلم بقوى التحدي والإبداع, علينا أن نؤمن بالتعددية وندافع عن حق الآخرين حتى وإن اختلفوا عنا, لأن حريتهم مرتبطة بحريتنا لأننا لا يمكن أن نكون أحرار وبعض إخواننا في الوطن ممنوعون حتى من ذكر ديانتهم. عليكم أن تشاركونا في بناء أحزاب سياسية تدافع عن الحريات.
فيا أحفاد الفراعنة.. تقول الأسطورة المصرية الرائعة أنه في هذه البقعة المقدسة من أرض الوطن وقفت إيزيس تلملم جسد زوجها أوزوريس بعد أن قتله أخيه ست الشرير في أول صراع بين الخير والشر في تاريخ الإنسانية. فهل سيفعلها أخوة الوطن ويلملموا جسد الأمة المصرية بعد أن أنهكه الفيروس الوهابي؟ أم سيظلوا منتظرين المنحة من الحاكم حتى يأتي يوم لا قدر الله يحكمنا فيه ماليزي أو تركي ويومها سندفع جميعًا الثمن ونحن مقهورون؟

محمود الفرعوني
وكيل مؤسسي الحزب المصري الليبرالي (تحت التأسيس)