بقلم: عماد توماس
لم يكن متوقعا ما حدث بهذه الصورة التى ربما لا يستطيع اشهر المخرجين ان يخرجها بهذه الروعة..الالاف يحتشدون بالكاتدرائية ..لحظات ويبدأ البابا عظته وبحسب التقليد الذى اعتدنا عليه يبدأ البابا بتحية وشكر الضيوف الذين جاءوا للتهنئة بالعيد..الاجواء هذه المرة ملبدة بالغيوم..فتاوى متشددة تحرم تهنئة المسيحين بأعيادهم الدينية كونها تخالف العقيدة الاسلامية..اصوات معتدلة تخرج وتنادى بان التهنئة بالعيد مسألة اجتماعية ليس لها علاقة بالعقيدة
 
وسط كل هذه الاجواء يبدأ البابا فى شكر الدكتور مرسى العياط رئيس الجمهورية على مكالمته قبل بدء القداس وايفاده مندوبا عنه..صمت مطبق داخل الكاتدرائية ..تكاد لا تسمع صوتا ..ثم ينتقل البابا ويشكر هشام قنديل على برقية التهنئة التى ارسلها وايفاد مندوبا عنه...نفس حالة الصمت مستمرة..وبتكرر نفس الامر مع شكر رئيس مجلس الشورى
 
يتحول المشهد 180 درجة عندما يبدا البابا فى شكر الشيخ الامام احمد الطيب، شيخ الجامع الازهر وايفاد الدكتور محمود عزب ممثلا له. التصفيق ياتى من كافة ارجاء الكاتدرائية تشعر كأن المنتخب المصرى قد سجل هدفا واحرز كأس الامم..فرغم ان البابا قد منع التصفيق فى الكاتدرائية وهو ما التزم به الشعب فى الاجتماعات السابقة الا ان هذه المرة لم يكن احد يستطيع ان يتحكم او يوقف هذه المشاعر الفياضة الحقيقية غير المصطنعة.. كيف اجمع الالاف من الحاضرين فى الكاتدرئية على الصمت عند تحية البابا للمسؤليين السياسيين وصفقوا بحرارة لشيخ الازهر وتكرر نفس الامر مع تحية البابا للفريق السيسى، وزير الدفاع والمستشار احمد الزند، رئيس نادى القضاة بالاضافة الى التصفيق للفنانين (عادل امام وهانى رمزى) والشيخ مظهر شاهين
 
الملفت للنظر أيضا ان نفس حالة التصفيق الحار لشيخ الأزهر تكررت فى احتفال الطائفة الانجيلية فى مدينة نصر وكأن مسيحيو مصر قد اجمعوا على حب الازهر وشيخه الطيب حتى ان القس صفوت البياضى علق على التصفيق الحار لشيخ الازهر قائلا " اعلم مدى حبكم للشيخ الطيب لانه من بيت طيب"
 
اما الرسالة التى ارسلها مسيحيو مصر للسلطة الحاكمة ان تهنئتكم لا تلزمنا، ولن تؤخر او تقدم، وان الازهر بوسطيته هو صمام الامان لكبت وصد  الدعاوى المتطرفه التى تخرج بين حين واخر وان القوات المسلحة هى القادرة على عودة الامور الى ما كانت عليه بعد الـ 18 يوما فى ميدان التحرير ونبدا رحلة جديدة لتعويض اكثر من سنتنين فى عمر هذا الجيل. كما أن الرسالة وصلت الى القضاء المصرى ان يبقى مستقلا بعيدا عن اى انحيازات سياسية وان تعيين النائب العام باطلا 
 
والرسالة الثانية كانت من البابا تواضروس فى عظته التى قدمها، فى صلاة الجمعة العظيمة وقداس العيد مساء السبت، ففى عظة الجمعة العظيمة يتحدث البابا عن الملك "بيلاطس" البنطى  الذى حكم اليهودية من 26 الى 36 ميلادية ويصفه بالحاكم ضعيف الشخصية الذى اهتز امام شعب اليهود ولم يكن يفهم شريعتهم ليهود وعندما هتف اليهود "ليس لنا ملك  الا قيصر" علق البابا "دلوقتى بقه قيصر حلو اللى بيحتلهم" ثم اوضح البابا كيف تعامل المسيح مع كل هذه العداوة بطلب الغفران لهم.
 
وفى عظة قداس العيد يقول البابا ان هناك  اموات فى الفكر مشيرا الى "شاول" الطرسوسى الذى كان يضطهد المسيحيين فرغم كونه انسانا متعلما وكان يفتخر انه تعلم على قدمى "غمالاليل" لكن كان فكره ميتا فكان يضطهد كنيسة الله بافراط ولكن الله لم يشأ ان يتركه 
 
فهل يعى الدكتور مرسى العياط  القابع فى قصر الاتحادية الرسالتين:  رسالة الرفض الشعبى له من الكاتدرائية وأن تهنئتة من عدمها لا تلزم الاقباط  وحضوره او غيابه عن قداس العيد لن يفرق معهم، ورسالة البابا ان الحاكم الضعيف هو الذى لم يفهم ولم يحترم عقيدة المواطنين المختلفين عنه وستكون نهايته قريبه لا محال. فهل تفهم الاتحادية رسائل الكاتدرائية !!