كتب: ابوالعز توفيق
فى ظل جو عام مشحون بالكراهية مفتوح على مصراعيه للشحن ضد الأقباط وفى الحض على الكراهية فى الأعلام المتشدد ، وفى ظل طرح فى كل عيد لهم إشكالية عدم تهنئتهم بالعيد عليهم بحجة أنهم كفار ..!!!
ماذا نتوقع أن يحدث فى القرى والنجوع البعيدة التى تستقبل ذلك ، وتضعه فى عقلها الباطن ، وفى ظل ذلك الاحتقان السياسى و الطائفى الدائر على المشهد المصرى والذى يخرج الآن فى كل قطعة فى مصر و يطل علينا بوجهه الكئيب ، وفى ظل تراخى القيادات السياسية وهى جزء من المشكلة فى وضع حل جذرى لها بتفعيل وإعلاء شأن القانون على الجميع ، حدثت تلك الواقعة التى اتهمت فيها مدرسة ابتدائي بازدراء الأديان والتبشير وهى تهمة الموسم المتداولة المنتشرة بشكل كبير للبطش والتنكيل بمن يريدون أن ينتقموا منه حتى لو كانت تلك الواقعة غير حقيقة على الإطلاق ، فبمجرد ذكرها تنتشر عمليات التحريض والتجمهر ومن ثم تتطور الأمور إلى أحداث مؤسفة ينتج عنها الحرق والتكسير والضرب وقد تنتهى إلى مصرع أشخاص وكل يحدث ذلك لأشخاص لا ذنب لهم سوى أنهم من نفس ديانة المتهمين بالازدراء فقط لا غير وقانون الازدراء يطبق فقط على الأقباط أما من يفعل كل ذلك فى الأعلام المقروء والمسموع من المتطرفين والمتشددين فحدث ولا حرج وهو ما يزيد من عملية الاحتقان على المشهد المصرى
دميانه عبيد عبد النور – معلمة دراسات اجتماعية – تم تعينها فى شهر يناير 2013 ومدرستها الأساسية مدرسة منشية النوبة الابتدائية المشتركة التابعة لمركز الطود محافظة الأقصر وتم انتدابها فى مدرستين آخريتين هما مدرسة الشيخ سلطان ومدرسة أبو عنان وتذهب كل أسبوع يومين لكل منهما لتعليم المواد الاجتماعية وفى يوم الاتنين 8/4/2012 فى مدرسة الشيخ سلطان فى حاجر العديسات فى فصل 4/2 كانت تعطى درسا عن الحالة الدينية أيام الفراعنة وتعدد الآلهة وقيام اخناتون بالتوحيد والتحقيق والحساب بعد الموت وأن الديانات الثلاث السماوية هى اليهودية والمسيحية والإسلام ، طبقا لما هو موجود ومقرر فى المادة وكان حاضر الدرس موجه المادة الأستاذ عبد المعين والذى خرج من الحصة بعد توقيعه على شرح
-2- المعلمة قبل انتهائها بعشر دقائق ، وقامت هى بتوزيع الأسئلة على الطلبة وسماع إجابتهم وتصحيحها وانتهت الحصة وخرجت ، وبعد ذلك قامت بشرح نفس تلك المادة فى الحصة الخامسة لفصل 4/1 وانتهى اليوم الدراسى وانصرفت .
إلا أنها فى يوم الأربعاء 10/4/2012 فاجأها الموجه بأن انتدابها قد إلغى وعليها التوجه لمدرستها الأصلية منشية النوبة ولما سألت عن السبب قال لها إن ثلاثة طلبه فى حصة 4/2 اتهموها بأن أسأت وازدرت الإسلام فقالت كيف وأنت كنت موجود فى شرح المادة ، فقال لها بعد ما مشيت فى العشر دقائق الأخيرة هم ادعوا عليك ذلك .
وقام أولياء الأمور بالشكوى لمدير المدرسة الذى أجرى تحقيقا شاملا لكل الطلبة والطالبات فى المدرسة ليس فى فصل 4/2 الخارج منه الاتهام ولكن فى الحصتين 4/2 و 4/1 ليتأكد أنها لم تقل ذلك فى الفصلين ، ووجد أن ثلاثة أطفال هم من يدعون ذلك وأقوالهم متضاربة ومختلفة بينما نفى جميع الطلاب حدوث ذلك إطلاقا وهو ما دفع مدير المدرسة لإنهاء التحقيق بعدم وجود أى ازدراء وتبرئة ساحة المعلمة واعتقد مدير المدرسة والمعلمة أيضا أن هذا كلام مختلق من خيال العيال وان الموضوع انتهى بذلك فى حجمه
ولكن الأمور تطورت بإرسال شكاوى وفاكسات للمديريات و محافظ الأقصر ولوزارة التعليم أيضا ، باتهام المعلمة بالازدراء وطلب تحويلها للتحقيق وطلب فصلها من المدرسة ، وفعلا تم لهم ما أرادوا، فلقد صعد الموضوع بشكل كبير فحققت ثلاث جهات معا تحقيقا شاملا بخلاف تحقيق مدير المدرسة : - حيث سألت المعلمة دميانه هل أنت قارنت فى الحصة بين البابا شنودة والرسول كما قال التلميذ الأول فى 4/2 .؟ - فنفت المعلمة تماما أنها ذكرت ذلك الكلام من الأصل وهو لا يدخل فى نطاق شرح المادة المقررة . - وسألت أيضا هل عندما ذكر الرسول وضعت يد على رقبتك طبقا لما قالته التلميذة الثانية فى 4/2 وكذلك وضعت يدك على بطنك عندما ذكر الرسول كما ذكرت التلميذة الثالثة فى نفس الفصل ؟ . - فنفت المعلمة تماما أنها ذكرت ذلك من الأصل ولا يوجد فى طبيعة شرحها أى استخدام للإشارات أثناء الشرح حيث أن موجه المادة كان موجودا أثناء الشرح طوال الحصة وخرج قبل انتهائها بعشرة دقائق ، كما انه فى العشرة دقائق الأخيرة فى فصل 4/2 لم تشرح ولكنها كانت تسأل الطلبة والطالبات ولم تتطرق لذكر الرسول أو الإسلام إطلاقا أو الإساءة لهما بأى صورة أو شكل أو إيماءة بالأيدى .
- وسالت لماذا هم اتهموك بذلك
- فقالت أنا لا اعرف لماذا وأنا لسه منتدبة حديثا و لا اعرف حتى شكل الطلاب أو أسمائهم أو أتعرف على المدرسين وبمجرد انتهاء حصتى اذهب فى حجرة المدرسات وأقوم بتحضير الدرس التالى الذى اشرحه .
وانتهى التحقيق الأول معها وأجرى تحقيقا ثانيا بعد أيام بمعرفة مجلس أمناء المدرسة لسؤال طلبة وطالبات المدرسة فى الفصول التى تقوم بالشرح بها فانتهت نتيجة تحقيقهم على كذب كل ما قيل وأصدروا مذكرة بذلك موقعة من كل أعضاء مجلس أمناء المدرسة من ثلاثين توقيع ( مرفقة مع التقرير ) .
-3- كذلك أجرى بعد أيام تحقيقا ثالثا من مجلس أمناء الإدارة وفى المدارس الآخرى التى شرحت بها للتأكد أنها لم تقم بشرح أو قول ذلك وخرجت نفس نتيجة التحقيق مثل الأولى والثانية وأصدروا مذكرة بذلك موجودة بالإدارة.
كذلك اجرى تحقيقا موسعا بمعرفة رجال المحافظة وسط رتل من سياراتهم مما أضفى قلقا متناميا فى القرية وقلقا تجاه وضع المعلمة ، وانتهت التحقيقات بنقل مدير المدرسة للإدارة التعليمية بالطود بسبب تطور الأحداث عنده وهو من برأ ساحة المعلمة ،كما تم إلغاء ندبها وإرجاعها لمدرسة منشية النوبة الابتدائية
وتدخل بعض من مدرسى المدرسة وطالبوها بالذهاب للمدرسة والاعتذار عن ما صدر منها ولكنها رفضت الاعتذار عن شىء لم تقله إطلاقا ، وفى نفس الوقت كان هناك تجمع من شباب القرية دون العشرين بالعصى انتظارا لضبطها وتكسيرها عند ذهابها للمدرسة والاعتذار...!!!
و فى تالى يوم استملت المعلمة فى مدرسةالنوبة وفى طابور صباح كان الكلام من المدرسين والطلبة على حكم من يزدرى بالدين الإسلامى وحكمه فى الشرع مما جعل تلاميذ المدرسة ومدرسيها ينظرون إليها بكل كراهية ويعتبرونها مسيئة لدينهم مما جعل مدير الإدارة التعليمية يأتى مسرعا بعربته ويطلب فورا نقلها وإحضار أوراقها ودوسيها من المدرسة للإدارة التعليمة فورا ، خوفا من تطور الأمور فى تلك المدرسة أيضا .
وتدخل بعض حكماء القرية واعتبروا أن الموضوع هو كلام عيال ومنتهى ، وان هناك حزازات بين المدرسين ودفع بالموضوع تصعيدا لتصفية الحسابات بينهم وانتهى بنقل مدير المدرسة والمعلمة إلى الإدارة التعليمة .
كما طلب منا كمركز حقوقى إلا نقوم بأى دور لأن الأمور هدأت ولا نحتاج لفتح الجروح مرة أخرى ولكن كان هناك نار تحت الرماد ينفخ فيها .
وبالرغم من نتيجة التحقيقات كلها لصالح المعلمة وكذلك إرسال سبعون من أولياء الأمور فاكسات وتلغرافات لإعادة المعلمة ومدير المدرسة للعمل بالمدرسة كما أن احد المحققين وقع فى ورقة مجلس أمناء المدرسة أنها لم تقم بذلك ..إلا أن أخوه كان من ضمن الشاكين ...!!!
ولكن تطورت الأحداث بقيام بعض أولياء الأمور الذين لجئوا لمحامين متشددين وقدموا شكوى لنيابة الأقصر بذلك متهمين المعلمة بازدراء الدين الإسلامى وبالتبشير ، وطلبت النيابة ضبط وإحضار المعلمة وكذلك سماع شهادة مدير المدرسة الذى شهد ونفى ذلك وفى حضور من لفيف أعضاء من محامى لجنة حقوق الإنسان ، وكان من الغريب أن تقوم القضية من النيابة بناء على شهادة أطفال عمرهم لا يتعدى العشر سنوات وهو لا يجوز حتى لو تقدم ولى الأمر بذلك طالما لم يقع عليه ضرر مادى على ابنه ، وكان من المفترض أن تطلب النيابة التحقيقات التى جرت سابقا فى المدرسة والإدارات القانونية ومجلس
-4- أمناء المدرسة و الإدارة قبل أن تصدر أمرا بالضبط والإحضار وكذلك تضاربت شهادات الأطفال وهو ما يدفع بسؤال لماذا لم تقم بطلب استدعائها فقط وليس ضبط وإحضار وهو ما يلقى بظلال الشك والخوف من أهل المعلمة أن تأخذ أربعة أيام حبس لإرضاء المتشددين رافعى البلاغ ...!!!
وكما زيد عدد الأطفال من ثلاثة إلى تسعة أطفال نتيجة للشحن الطائفى وقرروا عدم التوقف إلا بفصلها
كما للأسف تناول الأعلام الصحفى بشكل يؤكد أنها متهمة فعليا حتى أنه لم تسمع أقوالها مما أثار حفيظة الكثيرين ، فكيف مدرسة مسيحية تزدرى الإسلام وتبشر فى مدرسة كل طلبتها ومدرسيها كلهم مسلمين..!!!
ونحن نؤكد أنها عدم مهنية وعدم مسئولية منهم على الإطلاق وكثيرا منهم اخذ أقوال أشخاص فى أول يوم طلبوا التحقيق ولم ينشروا أقوال نفس الأشخاص الذين نفوا تماما ما حدث بعد التحقيق ووقعوا عليه بأسمائهم يبرؤوا ساحة المدرسة المتهمة ..وهو عار يلحق بمن يدعون أنها صحافة
كما نشجب الدور السلبى لنقابة المعلمين التى لم تقف مع المعلمة وكذلك دور النقابة المستقلة التى وقفت مع المدرسة التى قصت شعر الطالبة بالرغم من كونها مخطئة ولم تقف مع المعلمة موضوع التقرير التى أثبتت التحقيقات براءتها
وأخيرا تعيش المعلمة دميانه عبيد فى قلق شديد فكيف تجرؤ بعد ذلك على الدخول فى أى حصة فى أى مدرسة للشرح بعد ذلك فمن يعلم ماذا يخبئ لها ، والتى استهلت حياتها المهنية بهذا الكم والزخم من الشحن والكراهية والطائفية البغيضة ، وكيف تشرح المواد الاجتماعية وأيديها ترتعش خوفا أن يؤول كل شىء تقوله ، وكذلك يعيش أهلها فى قلق دائما من تطور الأمور وتصاعد وتيرتها وخصوصا تخوفهم من العرض على النيابة والخوف من حبسها وخصوصا ما ظهر من توجه النيابة من طلب الضبط والإحضار. كما هو شىء مشين أن تستهل به حياتها المهنية وفى مقتبل حياتها الخاصة.
وعلى الجميع لكى يحكم بالعدل أن يضع نفسه مكان المعلمة التى تعدت العشرين من عمرها بقليل ومكان أهلها الذين لا ينامون ليل ولا نهار والقلق الشديد يساور حياة ومستقبل ابنتهم ووضعهم بين جيرانهم من المسلمين والمسيحيين