الأقباط متحدون - الفشل يطارد المرأة المصرية على أبواب البرلمان
أخر تحديث ١٧:٤٩ | الأحد ٢ فبراير ٢٠١٤ | طوبة ١٧٣٠ ش ٢٥ | العدد ٣٠٨٨ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

الفشل يطارد المرأة المصرية على أبواب البرلمان

ارشيفيه
ارشيفيه

 أكد خبير اسرائيلي ان الفشل سيلاحق المراة المصرية إذا قررت دخول المعترك السياسي، فرغم مشاركة المرأة المصرية في صناعة المشهد السياسي، الا ان ثقافة المصريين لازالت تفرض نفسها على الواقع، واستشهد الخبير بمريم ميلاد التي فشلت في الانتخابات 3 مرات، الا انها لازالت تقبل التحدي.


القاهرة: اثارت مشاركة المرأة المصرية في صياغة الحياة السياسية قبل وبعد ثورتي الخامس والعشرين من كانون الثاني (يناير)، والثلاثين من حزيران (يونية) انتباه المراقبين، ففي المقابل لازالت المرأة تجلس على مقاعد المشاهدين حين الحديث عن ممارسة العمل السياسي على ارض الواقع. وكان الخبير الاسرائيلي تسيفي بارئيل من بين مراقبي واقع المرأة المصرية، وترجم وجهة نظره في تلك الاشكالية الى تقرير مطول نشره بصحيفة هاآرتس العبرية، واكد ان عمل المرأة السياسي على ارض الواقع، بات محكوم عليه بالفشل، حتى بعد ثورتين غيرتا ضمنياً ملامح الواقع السياسي في الدولة المصرية.

واستشهد الخبير الاسرائيلي بالدكتورة مريم ميلاد رئيس حزب "الحق"، مشيراً الى انها اول امرأة مسيحية تدشن حزباً سياسياً في بلادها، واضاف: "ثلاث مرات خاضت فيها ميلاد المنافسة في الانتخابات البرلمانية، الا انها منيت في نهاية المطاف بالفشل، لكنها لم تصاب بالاحباط او اليأس وقررت خوض المنافسة خلال الانتخابات المرتقبة، التي لا يدري احد حتى الان موعدها، ولمن لا يعرف ميلاد، فهى مدججة بافكار تهدف الى اصلاح المجتمع المصري، خاصة وضع المرأة في هذا المجتمع".
شجاعة واصرار وراء العمل السياسي

وقال بارئيل ان ميلاد البالغة من العمر 30 عاماً تقريباً، انهت دراستها في جامعتي "ميزوري" بالولايات المتحدة، و"اكسفورد" ببريطانيا، الا انها تبدو كما لو كانت طالبة حتى الان. وخلال لقاءات صحافية تداولتها شبكة الانترنت على موقع الـ "يوتيوب"، قالت ميلاد: "الاصرار والشجاعة هما سبب ضلوعي في العمل السياسي"، ففي البداية كانت ميلاد عضواً في الحزب الوطني الديمقراطي خلال حكم مبارك، الا انها اصطدمت بسياج ذكوري معادي للمرأة داخل الحزب، وعن ذلك تقول مريم بحسب الخبير الاسرائيلي: "الرجال الذين سيطروا على الحزب الحاكم حينئذ، بذلوا قصارى جهدهم لتزييف نتيجة الانتخابات البرلمانية، ولم يدخروا وسعاً في محاولات إفشال المرأة، رغم ان المرأة المصرية شاركت في الانتخابات بنسب تزيد عن الرجل".

ويكشف بارئيل النقاب عن ان ميلاد ليست في حاجة لدعم مادي من احد، إذ انها تمتلك عدة شركات، وتبرم العديد من الصفقات التجارية الناجحة، كما انها تنفق من مالها الخاص على حزب "الحق" الذي تترأسه. وبحسب ما نقلته الصحيفة العبرية عن صحافي مصري بجريدة الاهرام: "المعروف عن ميلاد تعمدها تحريك المياه الراكدة، واهتمامها بالحوار المجتمعي في مصر، الا انه يبدو انها تسبق زمانها، فلا يزال المصريون اسرى للثقافة السياسية، التي تفضل الرجل على المرأة.

وأضاف بارئيل انه يبدو ان تلك الثقافة التي المح اليها الصحافي المصري هى التحدي الذي حملته مريم ميلاد على عاتقها، خاصة انها كانت طالبت اللجنة المعنية بصياغة الدستور "لجنة الخمسين" بإدراج بند ضمن مواد الدستور يمنح المرأة نسبة تمثيل ثابته في البرلمان "نظام الكوتة"، الا ان طلبها واجه تجاهلاً من اللجنة، ما يضطر النساء الى خوض المنافسة في الانتخابات على قائمة الاحزاب او كمرشحات مستقلات. وابدى بارئيل دهشة وحسرة، حينما قال: "للاسف الثورة التي احتفل المصريون بذكراها الثالثة مؤخراً، لم تستطع الحفاظ على حق المرأة في نسبة ثابته في البرلمان، كما كان عليه الحال في عهد مبارك".
64 مقعداً برلمانياً للمرأة في عهد مبارك

ففي عام 2009 اوعز الرئيس المصري الاسبق حسني مبارك بتخصيص ما لا يقل عن 64 مقعداً للمرأة من اجمالي مقاعد البرلمان البالغ عددها 518
 مقعداً، الا ان هذه المادة لم تجد مكاناً خلال انتخابات البرلمان السابق بعد ثورة كانون الثاني (يناير)، وكانت النتيجة تمثيل ضئيل للمراة في البرلمان لم يتجاوز الـ 12% من اجمالي المقاعد التي كانت مخصصة للمرأة في عهد مبارك، ولم تمثل المرأة في برلمان ما بعد الثورة سوى بنسبة 2% فقط، وتنتمي تلك النسبة في مجملها لحزب "الحرية والعدالة"، الجناح السياسي لجماعة الاخوان المسلمين، وكانت هذه النسبة اقل بكثير عند المقارنة بنسبة تمثيل المراة في البرلمان التونسي، إذ بلغت نسبة تمثيل المرأة في البرلمان 23% من مجالس البرلمان، وكذلك الحال بالنسبة لليبيا، التي بلغت نسبة تمثيل المرأة في برلمانها 17%.

وتشير المعطيات الى انه في إطار الاستعدادات للانتخابات البرلمانية في مصر، عقد المجلس القومي للمرأة برئاسة الدكتورة ميرفت التلاوي جلسه نقاش مطولة، للتداول حول سبل ادراج المرأة على القوائم التي تخوض المنافسة في الانتخابات المقبلة، وبحسب الخبير الاسرائيلي، اكتشف المشاركون في الجلسة النقاشية ان المشكلة التي تقف في مقابل اسلوب "الكوتة"، هى ان الدستور الجديد ينص دون تفصيل على التزام الدولة بعدم التمييز بين الرجل والمرأة في مختلف النواحي، الا انه يبدو - وفقاً لبارئيل - ان المادة الخاصة بذلك يخيم عليها الضباب، إذ انه حتى مجلس الدولة وهى الهيئة المعنية باصدار الفتاوى القضائية، اعربت عن اعتقادها بان القانون لا يحدد عدد معين من النساء اللاتي ينبغي تعيينهم في الهيئات القضائية او البرلمان.
قيادة الاحزاب في ايدي الرجال

وفي هذا السياق يشير الخبير الاسرائيلي الى انه ليست هناك حاجة لتفسيرات او لفتاوى بعيدة المدى، لاستشعار رغبة الاحزاب المصرية في اقصاء المرأة لمواقع متأخرة، والابقاء على قيادة الاحزاب في ايدي الرجال مع تفادي الاصطدام بخرق ايعازات الدستور، إذ ان مجلس الدولة اوصى بعدم تعيين المرأة بين صفوفه، او بعبارة اخرى استبعاد المرأة من تعيينات القضاة.
واستند المجلس الى توصيات اللجنة السابقة التي انعقدت عام 2010، واوصت بعدم تعيين المرأة قاضياً، مشيرة الى ان المرأة لا تستطيع الانتقال والاقامة في محافظات بعيدة عن القاهرة، بسبب انعدام الظروف المناسبة لعمل المرأة القاضي، ومن بينها انعدام توفير الظروف المناسبة لها خاصة اذا كانت أماً، كما قالت اللجنة في توصياتها: "ان تجربة تعيين القاضيات فشلت تماماً، خاصة بعد ان فشلت اربع قاضيات في الحفاظ على حياتهن الاسرية، وانفصلن عن ازواجهن بعد تعيينهن في منصب القاضي".
اذا كانت تلك هى توصيات مجلس الدولة، المعني بتفسير مواد الدستور الجديد، فمن المستحيل ان تفوز مريم ميلاد او غيرها من المرشحات في الانتخابات البرلمانية المقبلة. واقتبس الخبير الاسرائيلي حديث الدكتور باسم كامل عضو "الحزب المصري الديمقراطي"، حينما قال: "تستغل المرأة لدينا في العمل السياسي، ففي حين كانت المرأة سباقة في التصويت على الدستور وغيره من الاستحقاقات، الا اننا في المقابل لا ننشر صورها في قائمة مرشحي الانتخابات".
مساحة ضيقة في المشاركة السياسية

وفي تعليقه قال بارئيل: "ان الدكتور كامل لم يُضف جديداً في حديثه، إذ تشير المعطيات الموثقة الى ان المرأة المصرية شكلت نسبة تفوق الـ 50% في نسبة المشاركة في التظاهرات التي صنعت الثورات المصرية، خاصة ثورتي كانون الثاني (يناير) 2011، و30 حزيران (يونية) 2013، وخلال الاستفتاء الشعبي على الدستور المصري الجديد، بلغت نسبة تصويت المرأة 55%، وكان لها الفضل في ارتفاع نسبة التصويت على الدستور لـ 60%، وحتى اذا كانت تلك المعطيات غير دقيقة، الا انها توضح بشكل لا يدع مجالاً للشك الفجوة الكبيرة بين حضور المرأة المصرية ومشاركتها في صنع الحياة السياسية، وبين المساحة الضيقة التي يحصلن عليها من الرجال عند المشاركة السياسية على ارض الواقع".
الاتهامات الموجهة للرجال المصريين في هذا الصدد لا تحتاج الى برهان او دليل، بحسب الخبير الاسرائيلي تسيفي بارئيل، إذ ان البيانات والارقام تتحدث عن نفسها، ومن الممكن في هذا الصدد التطرق الى تصريحات رئيس الوزراء المصري الدكتور حازم الببلاوي خلال حضوره مؤتمر ديفوس الاقتصادي بسويسرا، التي اشار فيها الى ان "غالبية نساء مصر ستختار الفريق اول عبد الفتاح السيسي للرئاسة، نظراً لأنه "رجل وسيم". ورغم ان تلك التصريحات لاقت سخطاً بالغاً وتعليقات ساخرة من الشارع السياسي المصري، الا ان الببلاوي لم يتراجع وحتى لم يعتذر عنها.
وعاد بارئيل للحديث عن الدكتورة مريم ميلاد، مشيراً الى انه اذا اردنا الوقوف على اسباب فشل ناشطة بارزة مثل ميلاد في اقتحام المعترك السياسي، يتضح انها هى عينها التي تجعل من الصعب على مناصريها تأييدها على طول الخط، فقبل انتخابات البرلمان عام 2011، اعلنت ميلاد القبطية انها ستكون سعيدة بالتعاون مع سلفيين او مؤيدي جماعة الاخوان المسلمين، واضافت: "حزبي ليس حزباً مسيحياً، لأنه يفتح ابوابه امام الجميع"، ولعل تلك التصريحات كانت سبباً في حالة السخط، التي سادت الاوساط المسيحية في مصر.
حملة انتقادات ضد المعزول

وبعدة عدة اسابيع عادت ميلاد لتقول: "ان منشقين عن حزب "الحرية والعدالة" الجناح السياسي لجماعة الاخوان المسلمين انضموا لحزبها "الحق". بعد ذلك اجرت ميلاد حواراً مطولاً مع التلفزيون المصري، شنت فيه حملة من الهجوم والاتهامات ضد الرئيس المعزول محد مرسي على خلفية سوء ادارته للبلاد، لدرجة ان القائمين على التلفزيون المصري قطعوا عنها البث بشكل مفاجئ، وقبل شهر تقريباً وجهت انتقاداً لاذعاً لوزير الداخلية محمد ابراهيم، وقالت ان قرار ادراج جماعة الاخوان المسلمين على قائمة التنظيمات الارهابية جاء متأخراً.
وزعم الخبير الاسرائيلي ان حركات المعارضة المصرية هى الاخرى لن تؤيد مريم ميلاد، إذ ان الاخيرة طالبت كل من يرغب في الاحتفال بالذكرى الثالثة لثورة كانون الثاني (يناير) بالحصول على تصريح بالتظاهر، وفقاً لما ينص عليه قانون التظاهر، وقالت: "اننا بدون رئيس وبدون برلمان لا يتبقى لنا سوى القانون"، لكن جبهات المعارضة المصرية ترفض جملة وتفصيلاً قانون التظاهر، ويعتبرونه تفريغاً صارخاً للثورة المصرية من مضمونها.

وخلص الخبير الاسرائيلي الى انه لم يعد امام المرأة المصرية بعد ذلك سوى الوقوف امام ابواب الاحزاب "الذكورية" مجدداً، حتى يتمكن من ممارسة العمل السياسي، فحتى رئيسة المجلس القومي للمرأة الدكتور ميرفت التلاوي، لا يمكنها بحسب تقديرات بارئيل منح صوتها لحزب "الحق"، الذي تترأسه مريم ميلاد، نظراً لأن الاخيرة ليست فقط نموذجاً شاذاً للحياة السياسية في مصر، وانما لانها مسيحية وحديثة السن بما فيه الكفاية. ويبدو ان الثورة المصرية التي لوحت برايات المساواة، وهتفت بشعارات الوحدة الوطنية من دون تفرقة في الدين او الجنس، لا تزال حبيسة مفاهيم محافظة حيال المرأة، وبات حتمياً ان مصر رائدة الحركات النسائية في منطقة الشرق الاوسط، انجرّت حالياً خلف تونس، وحتى وراء ايران.
 

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
تنوية هام: الموقع غير مسئول عن صحة أو مصدقية أي خبر يتم نشره نقلاً عن مصادر صحفية أخرى، ومن ثم لا يتحمل أي مسئولية قانونية أو أدبية وإنما يتحملها المصدر الرئيسى للخبر. والموقع يقوم فقط بنقل ما يتم تداولة فى الأوساط الإعلامية المصرية والعالمية لتقديم خدمة إخبارية متكاملة.