الأقباط متحدون - يا حبيبي يا بساليسك!
أخر تحديث ٠٨:٤٥ | الثلاثاء ١٨ مارس ٢٠١٤ | برمهات ١٧٣٠ ش ٩ | العدد ٣١٣٢ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

يا حبيبي يا بساليسك!

علي سالم
علي سالم

 في رواية فولتير «ZADIG» التي ترجمها طه حسين عن الفرنسية ترجمة رائعة بنفس الاسم «زاديج»، وترجمها كاتب هذه السطور عن الإنجليزية ترجمة على قد الحال، بعنوان «صادق»، وهو ما كان يقصده فولتير، لأن أحداث الرواية تدور في منطقة الشرق الأوسط قبل ظهور الأديان، ولذلك اختار لأبطالها أسماء تنتمي للعرب أو للفرس.. صادق، سميرة، قادر.. إلخ.

 
البطل إذن اسمه صادق، وهو صادق بالفعل، ونتيجة لصدقه دفع الثمن غاليا وطورد من الجميع فتاه متشردا في بلاد المنطقة، حتى حبيبته أُخذت أسيرة في حرب من حروب المنطقة التي لا تنتهي وضاعت بعد أن انتقلت من مكان إلى مكان ومن مالك إلى آخر. وفي فجر ذات يوم بينما كان صادق يسير بالقرب من غابة على حدود نهر الأردن، سمع أصواتا جميلة لنساء يتحدثن في غنج ورقّة.. تعالَ لي يا بساليسك.. اظهر لحبيبتك يا حبيبي يا بساليسك.
 
اقترب صادق من الأصوات فشاهد عددا كبيرا من النساء يتحدثن برقّة وتوسل مع مخلوق لا يراه، وهنا حدثت المعجزة.. كانت حبيبته الضائعة بينهن، عندما رآها أغمي عليه كما أغمي عليها، وأفاقا ليتبادلا القبلات والدموع.. ما هي حكاية هذا البساليسك الذي تناجينه وتتوسلن إليه أن يظهر لكنّ؟
 
فأجابت: نحن جميعا جوار عند صاحب القلعة الذي يعاني من سمنة مفرطة أعجزته عن الحركة والمشي حتى أنه عاجز عن ركوب حصانه، ولقد جرب أدوية كثيرة غير أنها فشلت جميعا في إنقاص وزنه، وأخيرا أشار عليه أطباء القلعة بأن يشرب شوربة البساليسك.. وهو حيوان صغير يعيش في الغابة ولا يظهر إلا للنساء فقط عند الفجر.. لقد وعدنا مَن تستطيع منا الإمساك بالبساليسك، سيعتقها ويتزوجها على الفور.
 
بعد عدة ساعات صعد صادق إلى القلعة ومعه قِربة من جلد الماعز ممتلئة بالهواء، وطلب مقابلة صاحب القلعة، وقال له: أنا طبيب قادم من مصر يا مولاي، وتخصصي الدقيق هو العلاج بالبساليسك، ليس بواسطة الشوربة التي تؤخذ عن طريق الفم ولكن بذراتها التي تتسرب إلى الجسم من خلال المسام.. هذه القربة ممتلئة بشوربة البساليسك، سأقذفها لك، فتلتقطها، وتقذفها لي.. هكذا ستعرق، وعرقك سيختلط بشوربة البساليسك، التي ستتسلل موادها الفعالة إلى جسمك.. عندها ستتخلص يا مولاي من الوزن الزائد. وهذا ما حدث، وبعد عدة أيام، استطاع الرجل بعد هذه الحركات العنيفة أن ينام نوما هادئا وأن يتحرك ويبارز بسيفه وأن يركب حصانه، وهنا قال له صادق: لقد عالجتك يا مولاي بالرياضة البدنية.. لا يوجد على الأرض حيوان اسمه البساليسك.. وأنا الآن أطلب منك أن تعطيني أجري، وهو أن تعتق حبيبتي لكي أتزوجها. رحّب الرجل بذلك ودعا صادق على العشاء، غير أن صادق اعتذر وغادر القلعة هو وحبيبته على الفور، كان يعرف أن أطباء القلعة لا بد أن يدسوا له السم في الطعام.
 
في كل مكان وزمان توجد قلعة ويوجد صاحب لها، كما يوجد أيضا جهلاء يعالجون الناس بالأكاذيب الكبيرة، وفي كل مكان وزمان أيضا يوجد أشخاص صادقون، يقولون الصدق ويدفعون الثمن غاليا.

نقلا عن الشرق الاوسط

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع