الأقباط متحدون - من الأرض الحمراء .. زوار البرارى يودعون دميانة على أمل العودة فى العام القادم
  • ٢٢:٠٤
  • الاثنين , ٢١ مايو ٢٠١٨
English version

من الأرض الحمراء .. زوار البرارى يودعون " دميانة " على أمل العودة فى العام القادم

إيهاب رشدي

أقباط مصر

٤٥: ٠٤ م +02:00 EET

الاثنين ٢١ مايو ٢٠١٨

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

  ايهاب رشدى  - تصوير ماريو مدحت 

فى مايو من كل عام تتهافت قلوب الآلاف من الأقباط للوجود فى تلك البقعة من أرض مصر ، والتى تقع جغرافيا غرب فرع دمياط من النيل ويطلق عليها برارى بلقاس – تتبع محافظة الدقهلية . 
 
هنا يقع دير الشهيدة المصرية دميانة فى واحدة من قرى مصر الجميلة " قرية دميانة " . 
 
هنا عالم مختلف يعيشه زوار هذا المكان وحياة مختلفة يحيونها على مدار 3 اسابيع تبدأ مع بداية مايو وتنتهى بعيد القديسة دميانة فى اليوم الـ 20 من الشهر والذى يوافق 12 بشنس حسب التقويم القبطى ، هنا حياة أهل الريف ببساطته وجماله وهدوئه تمتزج بالعبادة والنهضة الروحية التى ينظمها الدير لرواده ، فيسعى أهل المدن فى اشتياق شديد الى تلك الحياة ، يكتفى بعضهم بقضاء يوم واحد ، وهناك آخرون لا يشبعهم سوى الاقامة فى الخيام لعدة أيام أو طوال فترة الزيارة والتى تمتد حتى صباح العيد . 
 
تنتشر الخيام فى رحاب الدير يسكنها محبو العفيفة دميانة ، الأميرة المصرية ابنة مرقس والى البرلس والزعفران ، عاشت فى عهد الملك دقلديانوس والذى شهدت فترة حكمه أزهى عصور الاستشهاد لمسيحيى مصر ، حتى ان الكنيسة القبطية جعلت التقويم القبطى مرتبطا ببدء ولايته  ، رفصت الاميرة 
 
دميانة الزواج فقد جذبتها محبة السيد المسيح ، فبنى لها ابوها قصرا تتعبد فيه مع اربعين عذراء مثلها ، وصارت اول عذراء فى مصر تعرف الحياة الرهبانية . 
 
وفى نفس المكان الذى يوجد به ديرها الحالى ، هنا الأرض الحمراء التى ارتوت بدماء دميانة العفيفة ومعها الـ 40 عذارى بعد ان رفضوا عبادة الاوثان ، وجاءت الملكة هيلانة ام الملك قسطنطين إلى مصر بعد انتهاء عصر الشهداء ، لتقيم كنيسة باسم القديسة فوق المقبرة التى تضم جسدها مع اجساد العذارى . 
 
صلوات القداس الالهى والالحان الكنسية تنشرها الميكروفونات المعلقة بين الخيام ، يسمونها هنا الاذاعة وهى تلك التى يبثها الدير لزواره منذ الصباح الباكر ، وفى الكنيسة تطلق الفتيات والسيدات الزغاريد بانضمام طفل جديد للمسيح بعد ان يقوم الكهنة بتنصيره ( بتعميده ) خلال صلوات القداس الالهى .
 
ارتبطت موالد المصريين مسلمين ومسيحيين بالحمص والحلاوة ، فلا يمكن لزائر الدير ان يرحل دون المرور على باعة الحمص والحلاوة الذين تتعالى اصواتهم بين الوقت والآخر " بعودة يا دميانة " ، يقيم الباعة فى أرض الدير سوقا يضم كل ما يحتاجه الزوار من الخضروات والفواكه واللحوم والحليب الطازج ، وآخرون يبيعون الهدايا التى يحملها زائر  الدير لأحبائه والخطيب لخطيبته ، تذكارا من دميانة .  
 
أما الاطفال فيجدون متعتهم فى ركوب الحمير التى يأتى بها أهالى قرية دميانة لكى يرتزقوا منها خلال أيام العيد . 
 
فى المساء تنطلق الزفة التى تطوف بين الخيام وتنتهى إلى الكنيسة الكبرى حيث تبدأ صلوات رفع بخور العشية ، الشمامسة يحملون شارات القيامة البيضاء ، وايقونة الشهيدة دميانة ، الاباء الكهنة وعلى رأسهم نيافة الانبا بيشوى رئيس الدير يحملون المباخر ، وشباب الكشافة يسيجون حولهم ، وأيادى الجميع من النساء والرجال والاطفال تمتد لتلامس الايقونة لنوال البركة . 
 
وعقب زفة الايقونة يتجمع الزوار ويرددون أغنية خاصة بالايقونة يقولون فيها :  
يازوار ياللى فى الدير الايقونة طالعة 
انا كل سنة اجيلها  وحألف واغنيلها 
لو عندك حاجة قدمها دى الايقونة طالعة 
وبأزف فى أرض الدير ومقولش كلام من غير 
دميانة هى الخير دى الايقونة طالعة 
دميانة هى الخير وكل سنة بنجيلها 
يا خسارة ده آخر يوم زوارها جات بالكوم 
بالالف وبالمليون دى الايقونة طالعة 
يا زوار ياللى فى الدير خلى الزفة والعة
اقترن دير الشهيدة دميانة بالانبا بيشوى مطران دمياط ورئيس الدير ، فقد تولى من نحو 40 عاما رئاسة الدير وتم رسامة 25 راهبة مصرية به لتعيد سيرة قديسة المكان التى سمت فوق رغبات وشهوات العالم بعد أن ملأ السيد المسيح كيانها ، بعد ذلك أعترف  المجمع المقدس للكنيسة القبطية الارثوذكسية بهذا الدير رسميا في يوم 20 فبراير 1979م 
 
ومؤخرا أعلن محافظ الدقهلية دير القديسة دميانة مزارا دينيا وسياحيا متميزا ، وقد تمت إضافته بالدليل السياحي الجديد للمحافظة بالتعاون مع هيئة تنشيط السياحة نظرا لقيمته الكبيرة والتاريخية .
 
فى أمسيات وسهرات مايو بجوه الربيعى ونسمات الريف المصرى الجميل تنطلق فى رحاب الدير الاغانى الشعبية التى تختلف تماما عن الالحان والتماجيد الكنسية ، بعض تلك الاغانى يحفظها مرتادوا  الدير عن 
 
ظهر قلب لأنها تحوى عبارات موزونة وضعها بعضهم باللغة العامية فى عبارات بسيطة لمدح القديسة دميانة التى تتعلق قلوبهم بها 
نايمين ع القش وعجبانا 
هيه هيه دميانة 
واللى ما يقول يا دميانة تصبح حماته عيانة 
واللى ما يقول يا دميانة تصبح شفايفه ورمانة 
الانبا بيشوى عايش ليكى وبيزرع شجره فى اراضيكى 
لنزورك سنوى وان عشت يا دميانة لأزورك سنوى 
وإن مت يا دميانة لابعت لك ولدى 
دميانة فى بلقاس والعدرا فى الزتون 
دميانة فى بلقاس ومارجرجس ميت دمسيس 
دميانة يا دميانة باركينا وفى كل سنة نيجى بس ادعينا 
انتى ويا العذارى يا قديسة يا نوراة 
علمتينا الطهارة وده كله عشان فادينا 
انتى فوق القبة نورك بان حبة حبة 
علمتينا المحبة وده كله عشان فادينا 
انتى جوه الكنيسة يا حمامة يا قديسة 
وحلفت لاعملك هيصة والكل يرد علينا 
دميانة يا دميانة باركينا باركينا 
 
 وفى صباح يوم عيد تكريس كنيسة القديسة دميانة ببرارى بلقاس وعقب قداس العيد يبدأ الزوار فى جمع حاجاتهم وامتعتهم للرحيل عن اجمل بقاع الأرض من وجهة نظرهم وهم يرددون " بعودة يا دميانة " حيث يتطلعون بحنين إلى العودة للدير فى العام القادم .
 
 
 

 









الكلمات المتعلقة