أكدت غادة والي وزيرة التضامن الاجتماعي ورئيس مجلس إدارة صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي، إصرار الصندوق على حماية الوطن والمواطنين وخاصة الشباب والنشء من الإدمان والتعاطي، مشددة على أن الدولة تولي اهتماما كبيرا بمكافحة الإدمان، وتعمل من خلال محاور عديدة أهمها الجانب التوعوي الوقائي والطبي والأمني والتشريع.

جاء ذلك خلال فعاليات افتتاح ورشة العمل التشاورية لعدد من القضاة وأعضاء النيابة العامة حول مشكلة تعاطي وإدمان المخدرات وأبعادها القضائية والنفسية والاجتماعية والتي تستمر لمدة يومين، ويتخللها توقيع بروتوكول تعاون بين الصندوق ومصلحة الطب الشرعي بحضور المستشار محمد حسام وزير العدل والمستشارة سوزان عبد الرحمن مساعد وزير العدل لقطاع حقوق الإنسان، والمستشار خالد عبدالوهاب مساعد وزير العدل لشئون الطب الشرعي والخبراء، واللواء مجدي السمري مساعد وزير الداخلية مدير الإدارة العامة لمكافحة المخدرات عضو مجلس إدارة الصندوق.

وأضافت "والي" أن مشكلة المخدرات تمثل أحد أهم القضايا التي تواجه المجتمع المصري باعتبارها قضية وجود لا تقل في أهميتها عن قضية مكافحة الإرهاب، وباعتبارها مشكلة تقوض فرص التنمية وتهدد السلم الاجتماعي نظرًا لارتباطها الوثيق بالجرائم المختلفة وحوادث الطرق والمرافق العامة والتي كان آخرها فاجعة قطار محطة رمسيس الشهر الماضي التي عصفت بحياة العشرات من المصريين.

وأشارت الوزيرة إلى أن حجم قضايا الإتجار وتعاطي المواد المخدرة التي تطلع عليها بالتقارير الرسمية الصادرة من وزارتي (العدل والداخلية) تؤكد أهمية استمرارنا في بناء جسور التواصل مع أعضاء الهيئات القضائية والتشاور معهم بشأن كافة مستجدات مشكلة المخدرات، لاسيما في ظل المسؤوليات الجسام الملقاة علي عاتقهم للبت في هذا العدد من قضايا المخدرات والذي وصل في عام 2017 إلى 54 ألف قضية مخدرات وفقًا لتقارير الإدارة العامة لمكافحة المخدرات.

وأكدت الوزيرة حرص الصندوق على أن تتناول فاعليات ورشة العمل، الممتدة على مدار يومين، قضية المخدرات ليس فقط من منظورها التشريعي والحقوقي بل أيضًا من منظورها الاجتماعي والنفسي، حيث سيتم تناول عرض تحليلي لخريطة التعاطي والإدمان في مصر وكافة تطوراتها وجهود خفض الطلب في مصر وارتباطها بمنظومة العدالة الاجتماعية من منظور حقوقي، ومناقشة نظم الإيداع والتدابير العلاجية البديلة للعقاب وفقًا لأحكام القانون المصري وعلي ضوء التجارب الدولية الناجحة في هذا المجال.

وأضافت أن ورشة العمل ستعني ببحث مشكلة غسل الأموال المتحصلة من جرائم المخدرات وسبل زيادة فاعلية المنظومة القانونية لمواجهتها على نحو يحقق التنسيق المطلوب بين الجهات الأمنية وجهات التحقيق والقضاء لمكافحة هذه الظاهرة الخطيرة وتحقيق الغرض النفعي لعقوبات المصادرات والغرامات المحكوم بها في هذا النوع من القضايا لتجفيف الثروات المتحصلة من المخدرات ومنابع الاتجار فيها، كما ستتناول تفصيلًا طبيعة مرض الإدمان والجوانب النفسية والاجتماعية لمريض الإدمان والتي سنضعها تحت بصر سيادتكم لأنها قد تفيد في النظر في قضايا التعاطي بشكل خاص.

وأكدت "والي" اهتمام الدولة الواضح بتطوير التشريعات الحاكمة والمنظمة للتعامل مع قضية الإدمان بجوانبها المختلفة حيث تم الارتقاء بأعداد المراكز العلاجية من 12 مركزا في عام 2015 إلى 22 مركزا في عام 2018، وسيتم إضافة 5 مراكز علاجية جديدة خلال العام الحالي لنصل إلى 27 مركزا علاجيا وهي مراكز (المنيا) والذي بدأ تشغيلها تجريبيًا تمهيدًا لافتتاحه من جانب رئيس مجلس الوزراء، ومركز (مطروح) الجاهز للافتتاح في يونيو المقبل، و(الفيوم) (جاهز للافتتاح في يوليو القادم)، ومركز (عباس حلمي) بالإسكندرية، وسوهاج وسيدخلان الخدمة في نهاية هذا العام.

ولفتت "والي" إلى أن الصندوق وضع خطة طموحة للتوسع في المراكز العلاجية في كافة محافظات الجمهورية بحلول عام 2022 وفقًا لبرنامج الحكومة المعتمد من البرلمان، واستفاد من خدمات العلاج 116 ألف مريض إدمان في عام 2018 حيث قدمنا لهم الخدمات العلاجية والتأهيلية مجانًا وفي سرية كاملة، وقدمنا قروض لدعم المشروعات الصغيرة للمتعافين بتمويل من بنك ناصر بلغت قيمتها مليون وستمائة ألف جنيه.

وأشارت إلى أن الصندوق نجح بالتنسيق مع الشركاء في تنفيذ حملات للكشف علي المخدرات بين الفئات الأكثر عرضة للمشكلة، وتمكنا من خفض نسب التعاطي بين السائقين المهنيين من (24%) عام 2015 إلى (12%) العام الحالي، وقمنا الأسبوع الماضي بتسليم الإدارة العامة للمرور (50 ألف) كاشف استدلالي للكشف عن المخدرات تدعيمًا لهذه الحملات خلال هذا العام، كما نجحنا في خفض نسب التعاطي بين سائقي الحافلات المدرسية من (12%) عام 2015 إلي (2,7%) خلال الفترة الحالية، وخلال الشهرين الماضيين تم الكشف علي أكثر من (8 آلاف) موظف في (8 وزارات)، وإحالة (279) موظف متعاطي للنيابة الإدارية مع إيقافهم عن العمل.

وعلى مستوى الوقاية الأولية، قالت الوزيرة إنه تم تنفيذ برامج وقائية علي مستوي (5000) مدرسة و(1500) مركز شباب هذا العام، وسيقوم الصندوق خلال شهر رمضان المقبل ببث حملة جديدة من حملات "أنت أقوي من المخدرات" والتي حققت تفاعلًا كبيرًا بين الشباب، حيث شاهد المرحلة الأخيرة من الحملة أكثر من (37 مليون مشاهد) على مستوى وسائل التواصل الاجتماعي.

يذكر أن الورشة ستناقش عدد من مشروعات القوانين ذات الصلة بقضية تعاطي وإدمان المواد المخدرة والتي تأتي اتساقًا مع التغيرات المستمرة التي تطرأ علي الظاهرة، حيث تشهد المرحلة الحالية حالة حراك غير مسبوق لتطوير المنظومة التشريعية المتعلقة بالقضية، ومن أهم هذه المشروعات: مشروع تعديل قانون المخدرات والذي يتم من خلاله تجريم حيازة وإحراز المخدرات التخليقية التي تتصف بأنها مركبات كيميائية غير متناهية ويتعذر إدراجها ضمن جداول المخدرات بما يُمّكن الدولة من التصدي الحاسم لهذه المركبات الكيميائية والتي انتشرت خلال الآونة الأخيرة ومنها مخدر الاستروكس والذي تضاعفت أعداد المتقدمين للعلاج منه خمسة أضعاف في عام 2018 مقارنة بعام 2017 وفقًا لبيانات الخط الساخن لعلاج الإدمان، وقد اعتمد مجلس الوزراء بجلسته رقم (28) هذا القانون في تاريخ 30 يناير 2019 وتم إحالته لمجلس النواب.

ومشروع قانون مواجهة مشكلة تعاطى وإدمان المواد المخدرة بين العاملين بالجهاز الإداري للدولة والذي يتم بموجبه فصل الموظف المتعاطي للمواد المخدرة بموجب حملات يقوم بها صندوق مكافحة الإدمان بالتعاون مع الأمانة العامة للصحة النفسية، ويتم إحالة العينات الإيجابية لمعامل متخصصة لتأكيد النتائج بشكل قطعي، مع وجود هيئة مستقلة لنظر التظلمات متمثلة في مصلحة الطب الشرعي ضمانًا للحيدة.