نادر شكري 

في الوقت الذي تمر مصر بمرحلة بناء على كل المستويات الاقتصادية ، وإعادة هيبتها على المستوى الدولي ، وفى الوقت الذى كنا نأمل فيه البدء في تغير الثقافة والعمل على تأسيس أجيال جديدة تتواكب مع التطور في البنية الاقتصادية ، إلا أن هذا الأمل بدأ يتبخر في ظل سيطرة الفكر الدينى على مؤسسات التعليم والذى لم يصل فقط في القرى والنجوع و يرجع البعض السبب فيه للأوضاع الاقتصادية ، بل وصل الأمر إلى المناطق الحضرية ذات الطبقات الاقتصادية العليا .

 

في " مدينتي " بالقاهرة والتي تعد من أرقى المناطق السكنية لم تخل من الفكر الرجعى الذي يؤسس للتمييز الديني ويرسخ الفرقة بين الأطفال ، وهذا ما ظهر في حضانة " كيدى كوليدج بمدينتي " ملك رجل الأعمال طلعت مصطفى ، عندما فجرت والدة طفلة قبطية عن كارثة ترتكبها الحضانة تتعلق بترسيخ التمييز الديني بين البراعم الصغيرة وعمرهم لا يزيد عن ثلاث سنوات ، عندما ذهبت والدة الطفلة " لولى بيتر صبحي " للحضانة للاطمئنان على طفلتها من خلال شاشات توضع في الاستقبال يمكن من خلالها مراقبة طفلك داخل الفصل ، وبالمتابعة في الشاشة لم تجد الأم طفلتها بالفصل رغم وجود كل زملائها ، فذهبت للاستقبال للسؤال عن طفلتها ، وبالبحث عنها تم العثور على الطفلة تجلس بمفردها خارج الفصل .

 

وجاءت الصدمة للأم بأنه تم إخراج الطفلة خارج الفصل " لأنها مسيحية ومينفعش تقعد في الفصل لأنه يتم تحفيظ الأطفال القرآن وهنا تعجبت الأم وتساءلت وهل يتم إعطاء الأطفال في هذا العمر " عامين " لحصة دين اسلامى وتحفيظ القرآن وكانت الإجابة بنعم ، ولماذا لا يتم تدريس الدين المسيحي وكانت إجابة إدارة استقبال الحضانة " مينفعش ندى دين مسيحي أصل الإدارة رافضة تعيين حد مسيحي يشرح الدين المسيحي" .

 

شعرت والدة الطفلة بغضب شديد لعقاب طفلتها بهذه الطريقة وعزلها عن زملائها وبداية زرع التمييز الديني في هذا العمر الذي يجب أن يتعلم فيه الطفل الإبداع والعمل الجماعي ، فماذا يشعر زملاء لولى عندما يتم طردها من الفصل بهذه الطريقة لأنها مسيحية ، وماذا يشعر الأطفال تجاه المسيحية والصورة الذهنية لهم بعد عزل طفلتها عنهم لكونها مسيحية ، غضبت الأم و طلبت إحضار طفلتها وتركت الحضانة وتضامن معها بعض الأمهات المسلمات لهذه الطريقة التي تم التعامل بها مع الطفلة البريئة التي ظلت في عزلة خارج فصلها ، رافضين حصة الدين التي تفصل بين الأطفال ، ومن المفترض أن تعلمهم مبادئ المحبة والمواطنة والتعاون .

 

هل هكذا نبنى جيل جديد يقوم على مبادئ ثورة 30 يونية التي أسست مصر الجديدة شارك فيها جميع فئات المجتمع المصري ؟ وهل هذا هو التعليم الذي من المفترض أن يرسخ قواعد مناهضة التمييز والتطرف وترسيخ المواطنة في وقت تدفع مصر ثمنا غاليا بسبب هذه الأفكار المتطرفة التي تحولت إلى إرهاب يسفك في دماء المصريين ؟ هل نؤسس جيلا جديدا يكون معدا لمصر الجديدة والنهضة الحديثة أم نبني جيلا قائما على أفكار التمييز والتطرف ويخرج جيل يزيد من تحديات البناء ؟ 

 

إنقذوا مصر من سموم التطرف .. لا تقتلوا البراعم الصغيرة أنهم ملائكة الأرض..لا تزرعوا الشوك فى عقول الابرياء ..