بقلم الباحث/ نجاح بولس 

الأساس الذي قامت عليه الفعاليات الرياضية هو التقريب بين الشعوب وإستخدام الرياضة في إصلاح ما أفسدته الصراعات السياسية والعسكرية ، حتى أن الكيانات أو الدول الوليدة التي تلاقي رفض لها في محيطها الإقليمي تلجأ إلى مشاركة جيرانها في فعاليات رياضية كنوع من التطبيع أو إنتزاع الشرعية السياسية من خلال التقارب الشعبي الذي أحدثته الرياضة ..

فما يدور على الساحة من سجال عنيف بين الجماهير الجزائرية والمصرية من جهة وفي الداخل المصري بين المهللين والمحبطين من فوز منتخب الجزائر بكأس البطولة من جهة أخرى ، يخرج عن إطار المنافسات الرياضية إلى دائرة الصراع الثقافي والسياسي والأيديولوجي  ..

وفي نفس السياق .. ما أقدم عليه كابتن المنتخب الجزائري رياض محرز من تجاهل متعمد للقيادة المصرية ممثلة في رئيس الوزراء المصري ووزير الرياضة ، بمثابة سقطة أخلاقية وتصرف خارج عن قيم وأخلاقيات الرياضة ، وإهانة للشعب المصري وليس لقيادته فقط ، بل وإساءة للشعب الجزائري الذي يمثله ذلك اللاعب الأحمق .

كان على المنتخب الجزائري الذي لم يفعل قائده ذلك التصرف بدون إتفاق جماعي بينهم ، أن يدرك ويثمن ما قامت به الحكومة المصرية من تحمل مسئولية تنظيم البطولة في وقت قياسي بعد تعذر الكاميرون وإعتذار المملكة المغربية ، ولولا ذلك القرار الجرئ من الجانب المصري لتم إلغاء البطولة أو تأجيلها، وخسر معه المنتخب الجزائري فرصة المنافسة وهو في أفضل حالاته ..

وإذا إستطعنا تفسير حالة العنف والخشونة لدى الجماهير الجزائرية في تشجيع فريقها ، نعجز عن تفسير حالة الإستقطاب بين الجماهير المصرية المنقسمة ما بين تشجيع المنتخب الجزائري والمنتخب السنغالي ، والتي وصلت لمستوى تجاوز السجال الرياضي إلى ما يشبه صراع الهوية ، ما بين تأكيد الإنتماء العربي لدى البعض أو الأفريقي لدى البعض الأخر ..

وكما سقط أطراف السجال في مستنقع العنصرية سقط معهم المثقفون والعلمانيون ، فجاء نقدهم لتطرف البعض في تأكيد إنتمائه لهوية دون الأخرى كاشفاً عن عنصرية لا تقل بغضاً وتطرفاً ، وإنحياز سافر لجبهة ما تأكيداً على ذات الأبعاد الطائفية والميول العنصرية كأساس للتفضيل والإنحياز ..

 

حتى الدولة المصرية لم تنأى بنفسها عن ذلك الإستقطاب السخيف ، بل سقطت في ذات الخطأ من خلال تصريحات قياداتها السياسية المنحازة لفريق دون الأخر معولة على إنتماءات قومية وأيديولوجية ، لم يكن من المناسب الإعلان عنها من دولة مستضيفة يجب أن تقف على مسافة واحدة من كل الفرق ، وخصوصاً بعد خروج منتخبها من المنافسة مبكراً ..