د. مينا ملاك عازر
لم تؤجل حتى يصبح قرارها والعدم، سواء لم تتراجع ولم تختار الإرجاء وسيلة للفرار من المواجهة من الحكومة، قررت المواجهة والصدام ورفع راية العدل خفاقة مهما كانت  النتائج، أتحدث عن المحكمة التي سحقت هيبة رئيس الوزراء وألجمته، أتحدث عن القاضي الذي لم يخشى في الحق وإعلاء القانون والعدل لومة لائم، لم يخشى على منصبه، وقال لرئيس الوزراء لا وألف لا، و ضرب بقراره عرض الحائط وجعله هو والعدم سواء.
 
نعم هذا حدث في بريطانيا بالطبع، حيث أعرق مواطن الديمقراطية، حيث ألغت المحكمة العليا هناك شرعية قرار رئيس الوزراء بتعليق أعمال البرلمان، وقال القرار الذي أصدرته المحكمة أن البرلمان الإنجليزي بإمكانه الانعقاد في أي وقت، وأي أعمال ونتائج ترتبت على تعليق أعماله منعدمة، لم يخشى القاضي وهو يتخذ مثل هذا القرار أن يتم التنكيل به أو إجراء تعديل قانون السلطة القضائية بحيث يحرم من ترقية يستحقها أو تعديل الدستور البريطاني للتنكيل بالقضاء كله وتدجينه، وجعله في طوع الحكومة ليتقوا شر أن يصدر مثل تلك القرارات مرة أخرى، لأنه ببساطة في بريطانيا معقل من أهم معاقل الديمقراطية، حيث الشعب يحكم بحق وحقيقي وليس في إحدى جمهوريات الموز أو الدول المتخلفة التي تهوى السلطة التنفيذية فيها التغول على السلطات الأخرى من تشريعية وقضائية وغيرها، اتخذ القاضي البريطاني قراره وهو مطمئن أن هناك عدل آمن.
 
ويجدر بنا أن نذكرك عزيزي القارئ بأن جونسون، نصح الملكة إليزابيث بتأجيل أو تعليق البرلمان في 28 أغسطس، وهذه الخطوة التي قال خصومها إنها اُتخذت لإعاقة التحديات التي وعدت بها بإخراج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في 31 أكتوبر مع أو بدون صفقة طلاق، وكان الهدف من التعليق  من 10 سبتمبر حتى 14 أكتوبر هو السماح لجونسون  بإدخال أجندة تشريعية جديدة
 
 ويذكر أنه خلال ثلاثة أيام من جلسات الاستماع في الأسبوع الماضي، تم إخبار المحكمة العليا بالمحامين عن نشطاء مناهضين لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ونواب المعارضة، فأن الإغلاق لمدة خمسة أسابيع كان الأطول منذ 50 عاماً.
 
 ومن الضروري هنا الإشارة إلى أنه بموجب الدستور البريطاني غير المكتوب، تظل سلطة تعليق أو حل البرلمان رسمياً مع الملك، وهو شخصية محايدة سياسياً تعمل وفقاً لنصيحة رئيس الوزراء.
 
 ويذكر أنه قد سبق وأن قضت المحكمة العليا في إنجلترا وويلز في وقت سابق من هذا الشهر أن القضية ليست قابلة للمقاضاة في الواقع، لكن المحكمة العليا في اسكتلندا خلصت إلى أن جونسون تصرف بشكل غير قانوني، وأنه يجب إعلان إلغاء الصلاحية، فيمكنها القول، إن على جونسون أن يستدعي البرلمان أو أن الاختصاص التشريعي كان غير قانوني، حيث يمكن للهيئة التشريعية أن تستأنف من قبل المتحدثين بها.
 
أخيراً عزيزي القارئ، حين يكون هناك احترام للدستور والقانون يطمئن الشعب أنه لا أحد في أمان ولا توجد دساتير وقوانين تعمل لمصلحة جهة ما.
المختصر المفيد تحيا دولة القانون.