ضربة عنيفة بـ«البوكس»، استخدم فيها الأب كامل قوته، استقرت فى وجه الرضيع، كانت أقوى من صراخه، انهار كأنه سقط من فوق جبل عتيق، تورمت رأسه فصارت أكبر من جسده النحيل، تستغيث والدته لكن ما من مجيب، الباب مغلق عليها بالقفل وعائلتها فى محافظة أخرى تبعد عنها بعشرات الكيلومترات، وهاتفها المحمول تحت رحمة زوجها الذى تصفه بـ«متعاطى المخدرات».

وصلة ضرب متكررة تكون من نصيب الطفل «محمد»، الذى لم يتجاوز عمره عامين، عقاباً له على بكائه المتواصل فى وجه أبيه صباحاً، والذى يستفيق من نومه على رمى رضيعه فى الأرض مرات متلاحقة، ولا تستطيع الأم النطق بكلمة واحدة لأنها قبل أن تُفكر فى حماية صغيرها ستجد نفسها تحت قدميه يضربها حتى تغيب عن الوعى وتستيقظ على الدماء تغطى جسدها كله: «ماقدرش أتكلم.. بيقول لى ابنى وأنا حر فيه».

ذنب "محمد" فى رقبة أبوه
سنة من العذاب ذاقتها ياسمين عبدالمطلب، دفعت ثمن اختيارها حرمانها من وظيفتها كمحامية وتعرض طفلها لأبشع أنواع العنف والتعذيب على يد أبيه، الذى أصر على الاستعانة بحلاقه الخاص لإجراء عملية الختان للولد رافضاً الذهاب لطبيب متخصص: «خايف يدفع تمن التذكرة»، يوم مشئوم تتذكره ابنة الثلاثين، حين أغلق عليها زوجها الباب كالعادة وأخذ الطفل عنوة ونزل به لمحل الحلاقة ينتظر دوره لتنفيذ الجريمة البشعة، عاد الطفل يصرخ حتى انفطر قلبه وجفت عيناه من كثرة البكاء، ضربه والده مجدداً بحجة أنه لا يطيق أن يسمع صوت زنه: «ضرب الواد وهو مجروح وبينزف، ده عمره ما يكون بنى آدم ده مجرم.. منه لله».

انقطع اتصال «ياسمين» بعائلتها فى بنها، ظلت تخضع لكل صور العذاب فى مسكن زوجها بإحدى قرى المنوفية، حين يرن جرس الهاتف باسم والدتها يجبرها على تشغيل السماعة الخارجية والرد كذباً حتى لا يطلع أحد على أفعاله المشينة: «من ردودى المتوترة أهلى قلقوا عليا، جم لاقونى غرقانة فى دمى من كتر الضرب وابنى دماغه وارمة، ضرب أمى بالقلم على وشها ودفع أبويا الراجل الكبير على الأرض». وحين طلبت النجاة لمغادرة هذا الجحيم سريعاً، أخذ الطفل وطردها هى ووالديها خارج البيت، صرخت حتى سمع الجيران أنين قلبها الذى يستغيث لعودة رضيعها لحضنها، لكن دون جدوى.

ذهبت لأقرب مركز شرطة وحررت محضراً ضده، لكنها ظلت ثلاثة أيام تنتظر عودة الطفل، تدخل شيخ البلد بناء على تعليمات مأمور القسم الذى تعاطف معها: «ساومنى على الولد، طلب أتنازل عن كل حاجة وأمضى على إقرار أن الولد سليم، بحسن نية مضيت ولما جالى الواد بيموت بكيت من شكله»، أصيب الطفل بعدوى بكتيرية بسبب العملية الإجرامية التى ارتكبت فى حقه، خضع للعلاج 7 شهور متواصلة: «الدكتور أول ما شافه قال لى انتو بهايم ماعندكوش رحمة». قصت له حكايتها بالدموع وظلت تدعو ربها أن يعود لها صغيرها، الذى يعانى من مشاكل فى النمو والنطق بسبب ما تعرض له.

جراح: الختان عند حلاق يصيب الطفل بصدمة عصبية ونفسية
أكد الدكتور توفيق عبدالله، استشارى جراحة عامة، أن فكرة طهارة الطفل عند حلاق، طريقة خاطئة وغير مسموح بها، لأن الأدوات غير معقّمة، ومن الممكن أن تصيب الطفل بالتهابات وبكتيريا، والحلاق ليست لديه الإمكانيات لإنقاذ الطفل حال حدوث نزيف أو أى مشكلة طارئة أثناء إجراء العملية.

ولفت إلى أن هذه الطريقة كانت منتشرة فى سنوات سابقة، لكنها محاطة بالخطورة على حياة الطفل، وحدوث أى خطأ فيها يهدّد حياته، مضيفاً أن هذه العملية تصيب الطفل بصدمة عصبية ونفسية قد تدوم لسنوات طويلة حتى يتم تجاوزها.