الموت حقيقة يدركها الجميع، ولكن في بعض الأحيان قد يتنبأ الشخص بقرب نهايته، هناك شيئًا ما يحدثه بأنها النهاية، فيترك رسائل غامضة لمن حوله، سريعًا ما تنكشف وتتضح حقيقتها بنبأ موته، قصة حزينة بكل تفاصيلها، اختلطت فيها دموع الحسرة والفراق بدماء الضحية.

 
"صلى يا ضياء، وخلى أمك وأخواتك يصلوا".. رسالة تركها الضحية قبل الوداع بساعات قليلة، جملة غامضة لم يكن يعرف الشاب الصغير صاحب الـ 21 عامًا السر وراءها، سرعان ما اتضح كل شيء وانكشف ستار الرسالة مع دقات الثالثة والنصف فجرًا" الأب كان يشعر بأنه في لحظاته الأخيرة"، اتصال هاتفي مفاجئ من شخص مجهول يخبره بأن والده مقتول وملقى في أحد الشوارع، وعليه أن يأتي حالًا.
 
كواليس وتفاصيل تلك الجريمة البشعة التي شهدتها منطقة بولاق الدكرور بالجيزة، كشفت كواليسها "البوابة" من منزل الضحية، وحديث مع زوجته ونجله الذين تحدثوا بدموع لم تتوقف وكلمات كانت كالجبال على آذان سامعيها.
 
داخل إحدى الشقق المتهالكة بعقار أوشك على الانهيار في إحدى حارات الجيزة، الحزن يخيم بداخلها، تجلس الزوجة التي حرمها القدر من زوجها ورفيق الكفاح الذى لقى مصرعه قتيلًا بـ 3 طعنات على يد صديقه وآخرين بعد خروجه للعمل على التوك توك.
 
"أنا عندى السكر، كنت بوصيه يدفني، مكنتش أعرف أنه هيموت قبلي".. بتلك الكلمات كانت تبكي وتروي لحظاتها الأخيرة مع زوجها قبل أن يلقى مصرعه قتيلًا على يد صديقه وآخرين، تتحدث بصعوبة فنبأ مقتله كان كالصاعقة الكبرى، تشير إلى أنه في صباح يوم الجريمة، أستيقظ مبكرًا على غير عادته قبل الجميع، وقام بتقبيل كل من في المنزل، ثم خرج لعمله.
 
وفى اقتراب الساعة من الثانية عشرة صباحًا كان موعد عودة الضحية من عمله على التوك توك، ولكنه لم يعود، تسلل القلق إلى قلب زوجته، التي طلبت من نجلها أن يعطيها الهاتف حتى تجرى اتصالًا بوالده للاطمئنان عليه، وبالفعل رد عليها الضحية قائلًا " أيوة يا حبيبتى، أنا بخير"، وبعدما انقطع الاتصال، ليزداد القلق بصورة أكبر، وعند معاودة الاتصال تفاجئوا بأن الهاتف مغلق.
 
حاول الأبن الأكبر معاودة الاتصال أكثر من مرة ولكن دون جدوي، وبعد نصف ساعة من المحاولات المتكررة، عاد الهاتف للعمل مرة أخرى، ولكن في تلك المرة الأب لا يجيب، فأحد الأشخاص يرد على نجل الضحية "ضياء"، ويخبره بأن والده ملقى قتيلًا على الأرض غارقًا في دمائه داخل أحد الشوارع المظلمة.
 
النبأ الصادم كان كالقنبلة التي انفجرت في رأس الأبن الأكبر، حاول ألا يخبر والدته بحقيقة ما سمعه في والدة الضحية، حاول إخفاء الأمر، فأخبرها بأن والدهم بخير وأنه مغشي عليه فقط في الشارع، وأنه سيذهب إليه، ولكن الزوجة كانت تشعر بأن مكروهًا قد أصاب زوجها، فلم تكن تصدق ما يقوله نجلها.
 
خرج الابن متجهًا نحو والده ودموعه تذرف من عينيه، متسائلًا في قرارة ذاته "ما الذي حدث لوالدي؟ ومن الذي يمكنه أن يفعل ذلك به؟ ولماذا؟"، تساؤلات عديدة يطرحها العقل ولكن دون إجابة، حتى وصل إلى المكان، ليكتشف بأن هناك رجال مباحث وأهالي عددهم كبير جدًا، وسيارة إسعاف، وفى المنتصف جثة ملفوفة بالملاءة البيضاء، ومع اقتراب خطوة تليها خطوة يكتشف أن الجثة لوالدها، الرجل المكافح، الطيب، المحبوب، جثة هامدة، والدماء تسيل حوله من كل مكان.
 
وفى لحظة يخبر الأبن الأكبر والدته بالحقيقة لتحضر على الفور إلى مكان الواقعة ومعها أبناء الضحية، ليشاهدوا والدهم قتيلًا على يد صديقه وآخرين، بعدما اتفقوا معه على توصيلهم إلى مكان ما، وعندما وصلوا إلى شارع مغلق في منتصف الليل، قاموا بالتعدي عليه بحوالي 8 طعنات، ليسقط غارقًا في دمائه، وقاموا بإلقائه في الشارع، وفروا هاربين، ولكن تمكن رجال المباحث من ضبط المتهمين بعد فرارهم إلى محافظة المنيا، هاربين بالتوك توك.
 
تقول زوجة الضحية، أنه كان يعمل ليلا ونهارا من أجل تجهيز ابنتيه للزواج، فكان يحرم نفسه من الأكل طوال فترة وجوده خارج المنزل، حتى يدبر الجنية لتجهيز ابنتيه.
 
وطالبت أسرة المجنى عليه بالقصاص من المتهمين حتى تهدأ نار الأسرة كلها ويعود حق الضحايا.
 
وكانت النيابة العامة بجنوب الجيزة، قد أمرت باستمرار حبس شقيقين 15 يومًا على ذمة التحقيقات لاتهامهما بقتل سائق لسرقة التوك توك الخاص به، كما أمرت باستمرار حبس والدهما لمساعدته في تهريبهما.
 
ورد بلاغ إلى المقدم محمد الجوهري رئيس مباحث قسم شرطة بولاق الدكرور، يفيد العثور على جثة سائق توك توك به عدد من الطعنات وملقى بأحد الشوارع بدائرة القسم، وتبين أن الجثة لـ"باسم م"، في العقد الخامس من عمره، سائق توك توك ومقيم زنين، وبه 8 طعنات بالظهر والرقبة والبطن، وتبين سرقة التوك توك الذي يعمل عليه، وتم ضبط المتهمين، وتحرر المحضر اللازم وأخطرت النيابة للتحقيق.