ولي الأمر مسئول بمقتضى الشرع والقانون والعرف عن تقويم الأبناء، فالوالد أو الأخ الأكبر أو الأم حسب الظروف العائلية يثبت له أو لها هذا الحق، إذ إن له عدة ألوان، فقد تأخذ طرق التربية هيئة الحرمان من المصروف أو المنع من الخروج للهو مع رفاقه أو مخاصمته بمعنى عدم التحدث معه وأخيرًا التأديب عن طريق الضرب، أي أن يكون الضرب هو السبيل الأخير لتأديب الابن.

 
وفي هذا الصدد، قال حسام الجعفري، المحامي والخبير القانوني، إن شريعتنا وقانوننا وعرفنا قد وضعت ضوابط عند استعمال حق التأديب من الآباء لأبنائهم شأنه شأن حق الزوج في تأديب زوجته، وأنه ليس حقا مطلقا وله قيود عند استعماله.
 
قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): "مروا أولادكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر" فشرع الضرب في التعليم، والدعوة للخير والضرب بشكل عام عقوبة يجوز استعمالها شرعًا فقد شرع الضرب في الحدود وفي التعزيز والشرع أذن للوالد أن يؤدب ولده.
 
ثانيا: في القانون
نصت المادة ٦٠ من قانون العقوبات على أن "لا تسري أحكام قانون العقوبات علي كل فعل ارتكب بنيه سليمة عملا بحق مقرر بمقتضى الشريعة" بأنه لا جريمة إذا وقع الفعل استعمالا لحق مقرر بمقتضى القانون أو العرف وتبيح الشريعة الإسلامية ضرب الصغار للتاديب والتعليم فيؤخذ بأحكامها فيما لم يرد بشأنه نص، ويكون التأديب لا يكون به إيذاء أو تعذيب أو منع الحركة أو إيلام البدن وسلطة التأديب لولي الأمر متعارف عليها في أغلب المجتمعات"، ولكن الشرع والقانون والعرف لم يتركها من دون ضوابط عملا بالقاعدة الشرعية التي تقول «السلطة المطلقة مفسدة مطلقة»، وعليه فقد سنت عدة ضوابط عند ممارسة هذا الحق والتي منها صاحب الحق في التأديب هو الأب الذي له الحق في إنابة غيره في حال غيابه لاستعمال هذا الحق كولي النفس وهم الجد والعم والأخ الأكبر.
 
وأضاف حسام الجعفري أنه يجب أن لا يتعدى فعل الضرب ما استقر عليه العرف العام وهو الضرب البسيط الذي لا يترك أثرًا ولا يحدث كسرًا أو جرحًا ولا ينشأ عنه مرض، كما أن الضرب البسيط له شروط محددة شرعًا وعرفًا كأن لا يكون بغير اليد ولا يجوز استخدام أداة كالسوط أو العصا، وأن لا يكون في مواطن الجسم التي تنذر بالخطر، حسن النية، وغاية التأديب أي أن يكون الغرض من التأديب، التهذيب أو التربية أو التعليم، فإذا ابتغيت به غاية أخرى كالانتقام أو الحمل على مسلك سيئ كالحض على السرقة أو التسول فلا مجال للتبرير ويكون القائم بهذا الحق مستحقا للعقوبة المقررة قانونًا.
 
ما هي الآثار المترتبة على الأبناء نفسيا من تجاوز حد التأديب؟
تجاوز الحد في التأديب له آثار نفسية خطيرة، هذا ولا يقتصر تجاوز الحد في الضرب على مخالفة الشريعة الإسلامية، بل إن له آثارا نفسية ضارة، فحوادث العنف التي يرتكبها الكبار ضد الأطفال مهما كانت صغيرة فإنها تترك أثرا نفسيا عميقا يتراكم مع استمرار الاعتداء بالضرب على الطفل ومثل هذه التصرفات تعلم الأطفال كيفية الخداع والكذب لكي يفلتوا من مثل هذا العقاب المرعب الذي ينتظرهم، وإيذاء الأطفال له تأثير نفسي عليهم، فقد تؤثر على نموهم أو توافقهم العاطفي والاجتماعي والسلوكي، بالإضافة إلى تعطيل تطور ونمو العلاقة الحميمية والمودة بين الوالدين وأطفالهما.
 
ما هي عقوبة تجاوز حق تأديب الأبناء؟
لا يحمي القانون حياة الإنسان فحسب بتجريم القتل وإنما يحمي أيضا سلامة جسمه من الجرح والضرب وحق الإنسان في سلامة جسمه له جوانب ثلاثة هي:
الحق في التكامل الجسدي.
 
الحق في السير الطبيعي لوظائف الجسم.
الحق في التحرر من الآلام البدنية
 
فأحيانا يصل الأمر إلى وفاة الابن أو عاهة مستديمة، حيث نصت المادة ٢٣٦ من قانون العقوبات (كل من جرح أو ضرب أحدا عمدا أو إعطاء مواد ضارة ولم يقصد من ذلك قتلا ولكنه أفضى إلى الموت يعاقب بالسجن المشدد أو السجن من ثلاث سنوات إلى سبع، وأما إذا سبق ذلك إصرار أو ترصد فتكون العقوبة السجن المشدد أو السجن).
 
وأكد الخبير القانونى أن المادة ٢٤٠ من قانون العقوبات نصت لجريمة الجرح أو الضرب المفضي إلى عاهة مستديمة، على عقوبة السجن من ثلاث سنوات إلى خمس سنوات، وتشدد العقوبة في حالة ما إذا كانت الجريمة مقترنة بسبق الإصرار أو الترصد، فتكون السجن المشدد من ثلاث سنين إلى عشر سنين.
 
فالأصل هو أن الاعتداء البدني بكل أنواعه بشكل عام جريمة في قانون العقوبات، فقضايا تعذيب وضرب الأبناء تتحول إلى جنحة ضرب ولا يتجاوز الحكم فيها ٣ سنوات، وإذا تسبب الضرب فى الوفاة أو عاهة مستديمة فقد تصل العقوبة من ٣ إلى ٧ سنوات.