إن تحقيق السعادة لا يكون إلا بالتفاؤل والأمل فهما أساس السعادة الأبدية، ومن أجل ذلك كان لابد من النظر للحياة نظرة إيجابية، والابتعاد عن التشاؤم فكما أن هناك شرا فهناك أيضا الخير، وبالرغم من وجود الفشل في حياة الأفراد يوجد نجاحات متعددة، وكما أن هناك ظلاما حالكا يوجد بصيص نور ينير الدروب المظلمة، فيجب عدم النظر للنصف الفارغ من الكوب بل ننظر إلى النصف الممتلئ منه، وعلى كل إنسان أن يبني الأمل في نفسه وأن ينظر للمستقبل المشرق، ولا يجعل لليأس مكانًا فيها، وكذلك على الإنسان أن يغير من نظرته للحياة وأن ينظر إليها من زاوية أخرى.

وهناك دراسة جديدة تشير إلى أن النظرة المتفائلة للحياة تمنحك الصحة وتقلل حدوث الأمراض المزمنة وقد تطيل العمر، وقد لجأ الباحثون إلى إلقاء نظرة فاحصة على علاقة التفاؤل وطول العمر بين نحو 70 ألف سيدة و 1,400 رجل، وقد اعتمدت الأبحاث السابقة التى ربطت مستويات أعلى من التفاؤل بين انخفاض مخاطر الأمراض المزمنة من الموت المبكر.

وقالت الدكتورة لوينا لي، وهى عالمة نفسية للبحوث السريرية بالمركز القومى الأمريكي: "لقد أخذتنا هذه الدراسة إلى أبعد من ذلك من خلال الإشارة إلى أن الأشخاص المتفائلين على الأرجح سيحققون "طول العمر الاستثنائي"، والذى حددناه بأنه يعيش حتى عمر 85 عامًا أو أكبر". اضطراب ما بعد الصدمة فى نظام شئون قدامى المحاربين فى بوسطن.

وأضافت :"أنه بالمقارنة مع نظرائهم الأقل تفاؤلاً، فإن الرجال والنساء الأكثر دراية كانوا أكثر عرضة بنسبة 50٪ إلى 70٪ للوصول إلى هذا المعلم المتطور، ووجدت الدراسة أن من المحتمل أن يعيشوا لفترة أطول بين 11٪ و 15٪.

وأوضح الباحثون أن هذه النتائج صمدت حتى بعد حساب التأثيرات الأخرى مثل الخلفية التعليمية، والحالة الزواجية، والصداقات، والمشاكل الصحية المزمنة، والاكتئاب، وكان التفاؤل مؤشرا قويا لطول العمر بغض النظر عن عادات الشخص عندما يتعلق الأمر بالتعاطى والكحول أو ممارسة الرياضة أو الأكل بشكل جيد أو الحصول على رعاية طبية روتينية.

الإنسان من المهد إلى اللحد
يقول الدكتور رفعت عبد الباسط أستاذ علم الاجتماع جامعة حلوان، إن طبيعة الإنسان تتكون نتاج عدة مؤسسات تساعد في نشأته من المهد إلى اللحد وأولي هذه المؤسسات هي: المنزل مثمثلة في "الأب والأم، المؤسسة التعليمية، المؤسسة الدينية سواء كان المسجد أو الكنيسة أو المعبد، المؤسسة الإعلامية، هذا بالإضافة إلى البيئة المحيطة والتي يعيش بها عند تضافرهذه المؤسسات في وضع القيم والعادات والتقاليد والنشأة السليمة بكل جوانبها تجعله يتقبل كل ما يحدث له بثبات في السراء والضراء والمرور بمواقف تمر به وعليه أن يعلم أن مثل ما له من حقوق أن يكون عليه تأديه واجباته.

وأضاف أن هذه العوامل تؤثر في الإنسان وثقافته وكيفية تحمل المواقف الصعبة والتعاون مع الآخرين ويغرس حب التفاؤل والعمل عندما تكون النشأة سليمة سوية.

إفراز هرمونات
ومن جانبه يقول الدكتور وائل وفاء استشاري العلاقات الانسانية وتنمية المهارات، إن الدراسة موضوع البحث من الناحية العلمية سليمة فالتفاؤل قادر على إفراز هرمونات طبيعية داخل الجسم، و بالتالي تؤدي لشعور الإنسان بالآمان والسعادة، حيث إن التفاؤل نصت عليه كل الديانات، والشعور بالرضا وأن يكون لديه عقيدة ويقين ومؤمن بقوة أكبر تمنحه الشعور بالاطمئنان مثل اللجوء إلى الصلاة للسكون على أساس أن هناك قوة أكبر تحميه وتعطيه الاحساس بالآمان والحماية.

روشتة التفاؤل
ويوضح استشاري العلاقات الإنسانية أنه لكي نظل في حالة تفاؤل علينا بأن نكون في حالة عمل دائم ورضا لكل النتائج التي نتعرض لها، فعلينا أن نعمل ونبذل المجهود وإذا لم يحدث توفيق أحاول مرة ثانية ونستمر في المحاولات، وأن يكون لدينا قناعة بأن النجاح هو هدفنا، كذلك أيضا من الأسباب التي تدعو للتفاؤل "العطاء" فهناك مقولة "ما استحق أن يولد من عاش لنفسه فقط" فالفكرة في العطاء المتبادل والكلام المحفز المشجع الذي يساعدنا في النهوض بالمجتمع ككل، فسبحان  الله من جعل في الكلمة الطيبة صدقة والابتسامة صدقة وإماطة الأذي عن الطريق صدقة، والأهم هو المحاولات المستمرة دون يأس أو انقطاع والبحث دائما عن أشخاص إيجابيين ومحفزين نتبادل معهم العطاء.

عمر السعادة الوقتية
وفي السياق نفسه يضيف الدكتور علاء الغندور استشاري التأهيل والتحليل النفسي، أن التفاؤل يزيد من عمر السعادة الوقتية في حياة الإنسان، ولا اتفق في أن التفاؤل أو غيره يمكن أن يطيل عمر الإنسان لأن عمر الإنسان مقدر من لحظة ميلاده، أما عن التفاؤل هو الوسيلة السحرية لجعل الإنسان يرى الحياة بشكل أجمل وأسهل ويمكنه من خلاله التغلب على الصعاب، لافتا إلى أن  كل الصعوبات يمكن حلها بوسيلة أو بأخرى كما أنه يجعل الإنسان غير متوتر وبعيد عن القلق والخوف والتردد وعدم الثقة بالنفس إلى حد كبير، فضلا عن أنه يعطى جرعة كبيرة من القدرة على الصبر والتحمل ويزيد من درجة قوة العزيمة والإرادة، فلو كان توماس إديسون متشائما لما استطاع إكمال تجاربه الألف حتى يخترع المصباح الكهربائي، وكذلك إينشتاين استطاع بعد ألف تجربة أن يصل إلى النظرية النسبية.

وأشار إلى، أن التفاؤل يحسن العلاقات الإنسانية بين الناس، بمعنى أن معظم الناس يتعاملون بنظرية الشك والمؤامرة مسبقا مع بدء التعامل مع أى شخص ولكن التفاؤل يجعل القاعدة أن الإنسان جيد إلى أن يثبت العكس، والتفاؤل يعطى قوة نفسية داخلية قوية ويساعد على القيام من الكبوات والإحباطات بشكل أسرع وأقوى على عكس التشاؤم الذي يساعد في عدم إكمال المسيرة بعد الوقوع، لذلك أقول للجميع التفاؤل يعطى للحياة بهجة لنستمتع بها ونرى الحياة بشكل أفضل.