تأليف – روماني صبري 
 
10 أكتوبر - العاشرة مساء 
إلى الجميلة التي تكبرني بـ10 سنوات، كيف ظفرت بهذا الجمال ! ، كالثمر المقدس طلتك.. أتدرين لطالما أسعدني أن أراك باسمة يا من تحملين اسما من أقدس الأسماء، بوركت في نفسي يا وجه الضياء .. ها أنا تارة أخجل من مغازلتك وتارة أخرى تغلبني الشجاعة ! .. أتدرين قلت في نفسي الآن :" لقد صدقوا حين قالوا أن الكمال لله وحده"، دائما ما كان والدي متحفزا في مغازلة أمي، نعم هذا الرجل البسيط لطالما تعصب للموروث أشد التعصب، ذات يوما دهن نفسه بأفخر أنواع الزيوت، غلبه تمرد يذكر آنذاك، فارتدى افخر الثياب، وبمجرد أن دلف إلى غرفة أمي صرخت في وجهه قائلة :" هذا من المحرمات .. يا ألهي يبدو أن زوجي صام عن الأعمال الصالحة وانفكت روحه عنك، كنت في صالة المنزل ومن خلال باب غرفة نومهم المفتوح، تابعت ما يحدث، ركض والدي وأغلق باب الغرفة بعد أن طفح على وجه خجل قاس.. أما والدتي فأضافت وكانت تضحك ضحكا هستريا :" لقد خالت عليك مزحتي يا رجل، فرد عليها بقوله :" أهذه مزحة ! .. أنها لا ترقى لأي شيء .. كم شريرة أنت، أخاطبت شيطانة منذ قليل ! لينفجر معها في الضحك.. بالطبع روت هذه الليلة عطش والدتي، انه أروع ما في التصنت..أود أن أشير لك لو كانت والدتي تزوجت من رجل يشبهها لكانت برعت في الكتابة أو الرسم، أقسم لك بشرفي أن الخيال وحبي الشديد لها لا علاقة له بما قلت.. السرطان اللعين حصد روحها، ليس ثمة أجمل من الأحلام .. لكنها سرعان ما تفسد الحياة عندما ترى الواقع، آثمة حقيقة في ما أتيت على ذكره ؟! ، أم أن الشباب يجعلنا نثرثر بأشياء من الماضي حتى تستحيل حياتنا إلى جحيم ، وما علاقة الشباب بذلك، يبدو أنني أحمل الأمر الكثير، ولكن أليس من الجميل أن نتذكر كل ما مر ، ربما نحن نقضي أفضل عطلة في حياتنا عندما نستعيد ذكرياتنا الجميلة التي حالفها الفشل بموت المقربين، يغلبني النعاس الآن، سأسلم نفسي للنوم .. اقطعي أجازتك الطويلة دعيني أراك غدا في العمل، ولا تنسي أن تخلعي قبعتك فور وصولك ، يستبد بشعرك سحر شديد كما هو متوقع دائما .. طابت ليلتك."
تمت المشاهدة – 10 أكتوبر 
 
 13 أكتوبر - التاسعة صباحا 
إلى العزيز الغالي يوسف، صباح الخير، بالأمس صليت لك وطلبت من الله أن تزورك والدتك في أحلامك كما كانت تفعل في الماضي، ليحقق الرب كل أمنياتك، أنت لا تثرثر يا صديقي، وان بلغ حديثك أشد الثرثرة فهي الأجمل على القلب والبصر .. كم افتقدك ويبدو إنني احمل إليك بعض الأخبار المفجعة، على أي حال أنت لست حبيبي أو قريبي، فتحت حسابي توا لأرسل إليك هذه الرسالة، أما هاتفي فعلى وضع الطيران، والله وحده يعلم كم سأستغرق من الأيام لإلغاء تفعيل هذا الوضع القذر .. منذ يومان وأنا اهذى، بالطبع لم ينفك الغمز واللمز عليك من قبل الموظفات منذ انقطعت عن العمل، دائما ما اعتقدن أن ثمة علاقة محرمة تجمعنا، أتدري أنهن نوع من القذارة، لطالما أمنت أنه المستحيل أن أرى مثلهن مهما حييت وان النساء معتقل كريه لبعضهن .. أراك تبتعد عن مدى البصر أنت الآخر يا من تنتظر فتاة أحلامك تلك التي تتخيلوها أيها الحمقى وانتم تمتطون أحصنتكم برفقتها ولا تملون من معاشرتها في أحلامكم .. بالأمس طرق بابي مديرنا النبيل، تعرفت عليه بواسطة عدسة الباب ، وقف بجواره بواب العمارة منتصبا وراح يبادله الابتسامات، أنت أدرى بكرم وسخاء مديرنا،فتحت له، تقدم خطوة للأمام واختصني قائلا :" لا تنزعجي لقد أخبرت البواب إنني مديرك وجئت لزيارتك للاطمئنان عليك جراء انقطاعك عن العمل فجأة دون ذكر أسباب .. وقف البواب خلفه مصوبا عينه علينا دون أن ينبث ببنت شفة، كان الله في عونه فالرجل و زوجته يعملان على خدمتنا مقابل مبالغ زهيدة فضلا عن منعهم للفحشاء وكل ما يغضب الله بالعمارة، ... أخبرته إنني لن أعود إلى العمل وليبحث عن موظفة علاقات عامة جديدة تحل مكاني .. فشرع على الفور في تدخين سيجارة وتجمد في مكانه.. كم برع في كتمان غيظه.. لازال يحبني يريدني زوجته الثانية، هههههههه هذا المتألق يطمح في التهام المزيد من اللحم ، احدث الخبر صدعا في رأسه .. فتركني دون استئذان وذهب، على أي حال لم ينافي رد فعله الطبيعة ولم يأتي بالعالم الجوارسي ثانية، ... آه تذكرت كدت انسي وبينما أنا واقفة كاد البواب أن يلحق بالمدير فطلبت منه قائلة :" هل يمكنك حمل كل حقائب الهدايا الآن من أمام باب شقتي ..أريد غلق الباب أتت ساعة نومي.. جاءت باسمي وباسمي أعطيها لكم .. وليعلم الله انه من المستحيل قبول هدايا هذا الرجل.. أتعلم ستبارحني أشد الفرحة فور اختفاء هذه الهدايا .. واقدر ما بذلته من جهد في حملها".. هز الرجل رأسه بالموافقة وحقق ما أردت ، لنتجاهل الفرحة التي سكنته يومها، وهل ينتهي العوز ؟!..، سأغلق حسابي ألان وان أصبت تغييرا عظيما سأبعث إليك برسالة على الفور .. بعدما تقرأ رسالتي الطويلة ستقول لماذا تغيرت لهجتها ؟! .. سأجيبك الآن : أنها الوحدة يا يوسف، الأشد قسوة من الكذب والمرض." 
تمت المشاهدة – 13 أكتوبر 
 
25 أكتوبر - الواحدة بعد منتصف الليل 
دينا .. الجميلة ها أنا قد عقدت العزم لأقولها بكل صراحة مستغلا إعادة فتح حسابك الاليكتروني ، أنت أجمل ما رأت عيني .. نحن افترقنا ألان وليعلم الله كم أنا في وضع مخز لفشلي في إسعادك، بالحق أخفقت في ذلك، في النهاية يوسف مجرد صديق حسن النية، الآن اذرع غرفتي جيئة وذهابا فرحا بعودتك ، قابضا على هاتفي واكتب في عجلة خوفا، لربما تأخذك الحماقة وتغلقين حسابك ، لا استطيع تحديد موقعك الجغرافي عبر غرفة المحادثة ، من أجلي أنا فعلي الموقع الجغرافي...أخبرنا رامي موظف الموارد البشرية مؤخرا والذي اتضح انه يسكن قرب سكنك القديم، انك تركتي شقتك لصاحب العمارة، وحصلتي على مبلغ التأمين، علم كل ذلك من بواب العمارة، وصفك بالجنون وراح يقول :" لطالما أدركت ما يؤرقها أنها تنتمي لهؤلاء المضطربين نفسيا، لم يكن من الصعب اكتشاف ذلك .. ولتبسيط ذلك تمعنوا في وجهي إلا يبدو عليه الاضطراب الشديد .. حتى بواب العمارة هذا الذي يشبه المخبرين يقاسمنا الجنون الرجل أطلعني على كل ذلك وأندفع خلسة نحو الشارع بعدما بلغ المسامع صوت ضجة انبعثت من محيط المكان، واخذ يصيح متنهدا :" طفلي الصغير كان يلعب في الشارع.. لماذا يلتف المارة هكذا هل صدمته سيارة كما رأيت في الحلم .. لطالما خدمت سكان العمارة وصاحبها بإخلاص ، أن أصابه مكروه سأفقد سعادتي فهو الذكر الوحيد بين 3 إناث.. وفجأة تقدم إليه الصغير من بين الشجار ومخاط انفه متجمدا أسفل وجهه ، فحمله والده وظل يقبله .. جاء إلي باسما يقول :" حمد لله ابني بخير .. دائما ما يتشاجرون الشباب بالأسلحة البيضاء، عذرا يا سيدي يبدو إنني هولت من الأمر جراء كابوس سيء.. آه الآنسة دينا أبلغتني أن أقول لكم أنها في غنى عن باقي مستحقاتها المالية.. وزعوها على الفقراء تنفيذا لإرادتها."
 
وأخيرا فلتحترسي يا صديقتي وأنت تتوارى عن ذاتك في حياتك الجديدة، انه لضرب من الجنون إلا أخبرك ثانية ، وجب علي أن أعيد ذلك ، انه واجبي تجاهك ... أمس استلقيت القطار في تمام التاسعة صباحا مع ميشيل حارس شركتنا فهو الأقرب لقلبي ، وصلنا إلى قرية المدير مساء اليوم ذاته ، قدمنا له العزاء، فقد غيب الموت والده ، رأيناه يهذي كثيرا ويلعن ها هو مديرنا الشجاع ، امتطى جواد أبيه أمام الجميع وراح يقبله باكيا، فتزاحم الناس حوله ... تقدم إليه أحد شحاذين القرية واختصه بقوله :" دعني أشاركك الألم لطالما كان والدك رجلا نبيلا بارا ، أغدق طوال حياته علي بالكثير من أنا ألا شحاذا فقير ليعطيني 5 آلاف جنيه قبل وفاته ! .. هذا العزاء مقدس وينبغي أن يتذكره الجميع ."
 
 بعد عودة المدير سأتقدم إليه باستقالتي، سأقول له أخبر موظفكم العجوز أن الشاب البدين محتقر نفسه نعم هذا صاحب العينين الجميلتين ، كان بإمكانه قتلك يا حقير لكنه يحب الله ، لا تعتذر له ، كذلك لا تبرر موقفك خوفا من إيذاء مشاعره ... ستتابعك آنذاك عينيه في صمت ، سيجتاز المكتب أمام الموظفين وسيعطيك ظهره وربما يتركك للذهاب للصلاة ، قاطعه مازحا وقتها : إن أصدقاء الله يعانون الهزال ويتطلعون إلى وجوههم سعداء وهذا كل ما في الأمر ... أما عن فمه الذي فرغ من الأسنان جراء إصابته بمرض السكر اللعين ، فأحرص على أخباره أن الجميع داخل دائرة التجارب ، وجميعهم سيشعرون في النهاية بوحشة القهوة ،شدد عليه انه ليس ثمة أي شر من الاختلاف في الآراء السياسية، إذا لماذا أومضت عيناه بالغضب عندما انتقدت جمال عبد الناصر !، ليجعلني أضحوكة بعدها مستغلا منصبه.. وسأترك لبواب عمارتي ورقة من فئة آلـ 100 جنيه ، حيث رأيته منذ يومان يبرم شاربه الكبير وكان مندثرا بغطاء شتوي ، شعرت وقتها أن الخوف طغى عليه ، تمتم بعبارات غير مريحة وألقى علي التحية وبكيفية غريبة أخبرني أن الم ظهره عاوده ما جعل خوف قاس يستبد بقلبه، وبعد الانتهاء من كل ذلك سأشرع على الفور بالسفر إلى الإسكندرية...في صباح اليوم الماضي أخذت أسعل سعالا قاسيا ، يبدو انه بشائر الالتهاب الرئوي، أني مريض يادينا في حاجة لتناول المحشي والدجاج المحمر من يدك.. آه كم اشتقت لذلك ..ليكن الله بقلبك كما كان دائما ... صديقك يوسف." 
 
تمت المشاهدة - 25 أكتوبر
 
 25 أكتوبر - الواحدة ونصف بعد منتصف الليل 
يوسف، انه لشرف عظيم أن تأتي إلى الإسكندرية، أنا هناك بالفعل... لست منشغلة بأمور خاصة هنا، فقط كان رجلا تعرفت عليه منذ يومان، بعدما فقت من إغماءة ، نعم سقطت في الشارع وحيدة، آثمة أبشع من ذلك أن تسقط الأنثى وحيدة، يمكنني أن أخبرك أن والدي يحبني بشكل رهيب، لكنه رغم ذلك يفضل ممارسة الجنس عني، حيث شرع على الفور في الزواج بأخرى بعد رحيل والدتي، دعاني مؤخرا للإقامة معه.. الحياة معه ضرب من الجنون، ما ذنب زوجته الصغيرة يا صديقي ! ، حياتنا ليست شريرة، سأكمل لك الرجل الذي اصطحبني إلى المستشفى ذلك اليوم تودد إلي بعدها، بات يرسل لي النبيذ وقبلت صداقته، جعل من حياته كتابا مفتوحا لي، ورغم ذلك لم يعرف شيئا عن حياتي، فقط أخبرته أن والدي يمدني بالكثير من المال كل شهر، قبل أن اطلب منه الاختفاء من حياتي نصحني بتناول الوجبات في معادها حتى لا يغشى عليا ثانية، وقبلني بعدها، لم أردعه شعرت بغبطة شديدة، قال لي ونحن بإحدى الحدائق الهادئة :" وجهك الجميل قد ظفرت به، ما أجعلني استرد بعض الثقة في نفسي، لكن سرعان ما استحال اللقاء إلى جحيم إزاء أشعاره ومغازلته السطحية مثلك... كما شعرت انه يريد جري إلى الفراش أنا العذراء الحزينة ليمارس معي الجنس، أستطيع أن اكتب لك حول كل ما مررت مؤخرا .. يوسف أن ركل العالم مؤخرتك لا تسترقي ، فهناك من يحب أنفاسك، سيصاحب الحزن من أجلك ليشاركك إياه، سيتقاسم آلمك .. فقط من أجلك أنت.. يا الهي كم تقت لحديثك، ... أمس الماضي رأيت طفلة في عمر الزهور تصعقها الكهرباء ماتت على الفور .. كانت تلعب في الشارع فرحة بموجة الأمطار الشديدة، منذ تلك الحادثة وانتابني الفزع وكوابيس لا تنفك تزداد، اقسم لك إنني لن أدخل البلكونة بعد الآن، وأبحث حاليا عن سكن جديد.. الأوغاد قاموا بتسمية الشارع باسم "شهيدة الأمطار"... أتدري أنني لكنت أزدت جمالا وإشراقا أن كنت بجواري الآن تقبلني ولكنه غباء الرجال، أنت مغفل كبير يا يوسف ، أحببت كل شيء من أجلك حتى الإسكندرية .. دينا تحبك منذ زمن يا أحمق ." 
 
تمت المشاهدة - 25 أكتوبر