كتب ... إيهاب رشدي 
لأنه قضى عدة سنوات مديرا للمتحف القبطي الواقع بالقرب من الكنيسة المعلقة بمصر القديمة ، لذا فهو يقول عنها بصيغة التأكيد ، أن  لها أثر روحي  عظيم على كل زائر يأتيها من أي بقعة في العالم ، هكذا يصف الدكتور عاطف نجيب  أستاذ القبطيات بجامعة القاهرة و المدير السابق للمتحف القبطي ، انطباعه عن الكنيسة المعلقة أقدم الكنائس التي لا تزال باقية في مصر حتى الآن ، والتي كانت مقرا لبطاركة الإسكندرية منذ القرن الحادي عشر ، و دفن بها عدد من البطاركة في القرنين الحادي عشر والثاني عشر، كما كانت تقام بها المحاكمات الكنسية للأساقفة والكهنة ، وللمهرطقين أيضا . 
 
تقع الكنيسة المعلقة - بحسب وصف الدكتور عاطف - في منطقة القاهرة القبطية الأثرية الهامة، على مقربة من جامع عمرو بن العاص، ومعبد بن عزرا اليهودي، وكنيسة القديس مينا بجوار حصن بابليون، وكنيسة الشهيد مرقوريوس (أبو سيفين)، وكنائس عديدة أخرى. وسميت بالمعلقة لأنها بنيت على برجين من الأبراج القديمة للحصن الروماني (حصن بابليون)، ذلك الذي كان قد بناه الإمبراطور تراجان في القرن الثاني الميلادي . 
وعن تاريخها يذكر أستاذ القبطيات أنها قد بنيت على أنقاض مكان احتمت فيه العائلة المقدسة أثناء الثلاث سنوات التي قضتها في مصر هروبا من هيرودس حاكم فلسطين الذي كان قد أمر بقتل الأطفال ،والبعض يرى أنها مكان لقلاية (مكان للخلوة) كانت تعيش فيها إحدى الراهبات في واحد من السراديب الصخرية المحفورة في المكان.
 
وقد جُددت الكنيسة عدة مرات خلال العصر الإسلامي ؛ مرة في خلافة هارون الرشيد حينما طلب البطريرك الأنبا مرقس من الوالي الإذن بتجديدها ، ثم في  عهد العزيز بالله الفاطمي الذي سمح للبطريرك افرام السرياني بتجديد كافة كنائس مصر، وإصلاح ما تهدم منها ،  ومرة ثالثة في عهد الظاهر لإعزاز دين الله. ، وقد كان البطريرك خريستوذولس هو أول من اتخذ الكنيسة المعلقة مقرا لبابا الإسكندرية، ثم  دفن بها عدد من البطاركة في القرنين الحادي عشر والثاني عشر، ولا تزال صورهم وايقوناتهم موجودة باللكنيسة تضاء لها الشموع، وكانت تقام بها أيضا محاكمات الكهنة، والأساقفة، ومحاكمات المهرطقين  أيضا، وتعتبر مزارا هاما للـأقباط، نظرا لقدمها التاريخي، وارتباط المكان بالعائلة المقدسة، ووجودها بين كنائس وأديرة لـقديسين أجلاء، فتسهل زيارتهم .
 
وتتكون الكنيسة من طابقين. وتوجد أمامها نافورة، وقد بنيت بالطابع البازيليكي الشهير المكون من 3 أجنحة وردهة أمامية وهيكل يتوزع على 3 أجزاء،
وهي مستطيلة الشكل، وصغيرة نسبيا فأبعادها حوالي 23.5 متر طولا و18.5 مترا عرضا و9.5 مترا ارتفاعا. و تتكون من صحن رئيسي وجناحين صغيرين، وبينهما ثمانية أعمدة على كل جانب، وما بين الصحن والجناح الشمالي صف من ثلاثة أعمدة عليها عقود كبيرة ذات شكل مدبب، والأعمدة التي تفصل بين الأجنحة هي من الرخام فيما عدا واحدا من البازلت الأسود، والملاحظ أن بها عدد من تيجان الأعمدة "كورنثية" الطراز. وفي الجهة الشرقية من الكنيسة توجد ثلاثة هياكل ؛ الأوسط باسم القديسة العذراء مريم، والأيمن باسم القديس يوحنا المعمدان، والأيسر باسم القديس ماري جرجس ، وأمام هذه الهياكل، توجد أحجبة خشبية،وأهمهم الحجاب الأوسط المصنوع من الأبنوس المطعم بالعاج الشفاف، ويرجع إلي القرن الثاني عشر أو الثالث عشر، ونقش عليه بأشكال هندسية وصلبان جميلة، وتعلوه أيقونات تصور السيد المسيح على عرش، وعن يمينه مريم العذراء والملاك جبرائيل والقديس بطرس، وعلى يساره يوحنا المعمدان والملاك ميخائيل والقديس بولس، وبأعلى المذبح بداخل هذا الهيكل توجد مظلة خشبية مرتكزة على أربعة أعمدة، ومن خلفه منصة جلوس رجال الكهنوت. في الجناح الأيمن من الكنيسة، تم تعليق أجزاء من صحف قومية مصرية، على أحد الحوائط راصدة أحداث ومشاهد من التاريخ الحديث للكنيسة، المتعلقة بالأقباط في مصر، وربما أهمها ظهور السيدة مريم العذراء في كنيستها بحي الزيتون في سنة1968.
 
ويذكر الدكتور عاطف نجيب أن البابا خرستوذولس البطريرك الـ 66   (1047 م - 1077 م ) بعد سيامته على كرسي مار مرقس قد انتقل من الكنيسة المرقصية بالإسكندرية إلى القاهرة ،  واتخذ كنيسة المعلقة بظاهر الفسطاط مقرًا له. كما جدد كنيسة القديس مرقريوس وجعلها كاتدرائية كبرى ومركزًا لكرسيه، وجعل أيضًا كنيسة السيدة العذراء في حي الأروام مقرًا له يأوي إليه عند اللزوم وذلك برضي أسقف بابيلون ، وكان سبب ذلك هو انتقال عظمة مدينة الإسكندرية إلى القاهرة، وكثرة عدد المسيحيين بها ، ولارتباطها بالحكومة.