كشف محمد كاظم هنداوى، مسئول ملف السوريين'>اللاجئين السوريين فى أوروبا، أن تركيا لا تقدم شيئاً للاجئين السوريين على أرضها، بل تضطهدهم وتستغلهم كورقة فى تعاملها مع أوروبا، تهددها بها بطريقة «العصا والجزرة»، وقال «هنداوى»، فى حوار لـ«الوطن»، إن عملية الترحيل القسرى التى تنفذها «أنقرة» بحق السوريين'>اللاجئين السوريين تتزامن مع اقترابها من تحقيق أهدافها فى سوريا. وأشاد مسئول ملف السوريين'>اللاجئين السوريين فى أوروبا بتعامل مصر مع السوريين قائلاً: «السوريون فى مصر كما لو كانوا فى أحياء ومدن سوريا وأكثر».. وإلى نص الحوار:

 
محمد كاظم هنداوى: تركيا تضطهد السوريين.. وتستخدم المقيمين لديها "عمالة مجانية"

ماذا عن التقارير التى تتحدث عن وجود تضييق على السوريين'>اللاجئين السوريين فى تركيا؟
- للأسف لم يتبدل الوضع الراهن بالنسبة للاجئين السوريين فى تركيا، لكن الفارق هو وضع الإعلام الذى يلقى الضوء على الانتهاكات.. كان هناك تقرير لمنظمة العفو الدولية بشأن الترحيل القسرى للاجئين من سوريا. وطلبنا فى أكثر من مناسبة بتقنين وضع السوريين'>اللاجئين السوريين فى تركيا، الذين تستخدمهم تركيا كـ«عصا وجزرة» فى تعاملها مع أوروبا، فمتى وجدت ضيقاً من أى قرار أوروبى تلوح بورقة اللاجئين، ما يكشف أن تركيا هى المستفيد الأول من وجود السوريين'>اللاجئين السوريين على أراضيها.

لماذا وصفت تركيا بأنها «المستفيد الأول من السوريين'>اللاجئين السوريين»؟
- فعلياً لا تقدم الحكومة التركية أى خدمات اجتماعية للاجئين السوريين، فى المقابل تركيا -للأسف- تستخدم اللاجئين كعمالة مجانية لتصحيح الأوضاع الاقتصادية لديها، نحن كما نعلم السوريون لم يأتوا من دولة منكوبة، بل لديهم خبرات كثيرة وخبرات فى سوق العمل، ومعظم المستثمرين السوريين ذهبوا إلى تركيا مباشرة، لأنه كما نعلم تركيا دولة قريبة لنا ومجاورة، وكان من السهل الوصول لها. لا ننكر أنه كان هناك تعاون فى بداية الأزمة من قبَل الحكومة التركية من 2011 وحتى 2012، لكن ما وجدناه أن تركيا ذهبت لمصلحتها البحتة فى سوريا وحققت الشىء الذى لم تكن تحلم به، وهو إبعاد حزب العمال الكردستانى الذى كان موجوداً منذ أيام حافظ الأسد وكان هناك اتفاق من أجل الحزب، الآن استطاعت تركيا إبعاد الأكراد وفق اتفاق مع الولايات المتحدة، وهى الآن تقوم بذلك و«أى حد يفتح فمه» تهدده على الفور بإرسال اللاجئين إلى أوروبا، وكأن اللاجئين ما هم بشر وكأنهم قنبلة موقوتة تستخدمها وقت ما تستخدمها.

كيف ترى تعامل مصر مع السوريين'>اللاجئين السوريين طوال السنوات الماضية رغم ظروفها الاقتصادية الصعبة؟
- كنت فى مصر عام 2011 وعايشت ثورتى 25 يناير و30 يونيو، وليس مجاملة لمصر أقول إن السوريين عاشوا فيها كما لو أنهم يعيشون فى أحياء سوريا ومدنها، ونعيش فى مصر كأننا فى بيوتنا وأحسن من بيوتنا. وأبسط مثال على ذلك مرات عديدة كانت تحدث حملات لشرطة البلدية فى مصر على الباعة فى الشوارع بشارع الهرم مثلاً، وكان الباعة السوريون فى الشارع لا تقترب منهم سيارات البلدية نهائياً وتترك السوريين كما هم وكان يقال لهم: «سيبوهم يعيشوا وياكلوا عيش». بكل صراحة وقلت ذلك مراراً وتكراراً، صحيح أن الأعداد التى وصلت من السوريين إلى مصر أقل مقارنة بدول الجوار، لكن التجربة لم تكن سهلة عندما وصلت ذروتها بوصول 550 ألف لاجئ سورى لمصر، ووجدنا المعاملة أحسن ما تكون من الحكومة والشعب. لم نشعر نهائياً بالغربة بل كان هناك تكاتف من المصريين لمساعدة ومساندة السوريين ولا يزال الأمر هكذا حتى هذه اللحظة. ورغم أن السوريين فى مصر لا يخضعون لحماية مفوضية اللاجئين بالأمم المتحدة لكنها وفرت لهم سبل العيش الكريم.
تركيا حققت من تدخلها فى سوريا مكسباً كبيراً بإبعاد حزب العمال الكردستانى باتفاق مع "واشنطن"

بالعودة إلى تركيا.. متى سينتهى التعامل مع السوريين'>اللاجئين السوريين كورقة رابحة من جانب «أنقرة»؟
- هذه هى المشكلة، وهذا هو الخوف الشديد بالنسبة لنا، تركيا تعالج قضاياها الداخلية باللاجئين، لكن ما مصير هؤلاء الناس؟ نحن فى كل وقت وكل دقيقة نطالب بقوننة أوضاع السوريين'>اللاجئين السوريين وأن يكونوا تحت وصاية الأمم المتحدة لا تحت وصاية الحكومة التركية، تركيا حتى هذه اللحظة ترفض التعاون مع مفوضية اللاجئين بالأمم المتحدة بشأن تصحيح الوضع القانونى للاجئين على أراضيها. وتعتبر «أنقرة» أن اللاجئين ضيوف، كيف نكون ضيوفاً ولا يتحقق لنا شىء على الأرض؟ هناك اضطهاد كبير للسوريين فى تركيا، الشعب التركى ككل ليس ابن عروبتنا ولا هو مثل الشعوب الأخرى التى رحبت بنا. 3 ملايين سورى ذهبوا لتركيا تحت وطأة الكلام المعسول، وتحول الأمر إلى ورطة لأنهم ذهبوا بأموالهم إلى تركيا، وبعد أن كانت مكاناً آمناً لأطفال السوريين وأموالهم، أصبح الأمر وكأنهم تعرضوا لخديعة كبرى، بعد أن وصل وضع اللاجئ أنه فى أى وقت من الأوقات يمكن للحكومة التركية أن تقذفه إلى «الحدود الآمنة»، المزعومة من قبَل تركيا، والتى تتحدث فيها عن توفير الرعاية، وأنا أشك بهذا الكلام. جربنا تركيا فى «عفرين» والأماكن التى تعد «محررة» بالنسبة لـ«أنقرة» لم تحسن الإدارة ولا هى حتى سمحت للسوريين بإدارتها. بالنسبة لنا كسوريين ليس كل ما يحصل فى المنطقة يعنينا، إذا سألتنى من أحسن لى التركى أم الأمريكى؟ أقول لك السورى، السورى قادر على إدارة نفسه، ودون ذلك حديث يدعو للسخرية.
تصور الوافدين كـ"وحوش" يهددون أمن أوروبا

قلت إن هناك تعتيماً إعلامياً على اضطهاد السوريين'>اللاجئين السوريين فى تركيا، ما ملامح هذا الاضطهاد برأيك؟
- أولاً، عدم منح السوريين أى صفة قانونية فى تركيا حتى هذه اللحظة، أى إنه مثلاً يطلب من السورى استخراج بطاقة إقامة، لكن نحن لاجئون ولسنا بأوضاع معيشية توفر لنا هذا الأمر، تركيا يجب أن يطبق عليها القانون الدولى بأن توفر الحماية والرعاية للمواطنين السوريين على أراضيها.
تعرضنا لخديعة كبرى عندما ذهبنا إلى "بلاد الترك" بأموالنا متأثرين بكلام معسول "أنقرة" تتعامل بطريقة "العصا والجزرة" 

«أنقرة» تقول إنها تتعامل مع السوريين كضيوف، بأى أساس ميزت هذا الضيف؟ والضيف يكون قدومه بشكل مؤقت، نحن نريد أن يكون لنا وضع قانونى. الأمر الثانى: أنه لم يتم توفير أى حماية للاجئين، فتركيا مع أى تطور لا يروق لها تهدد بورقة اللاجئين، وكأنها تمتلك سلاحاً تهدد به المنطقة ولا تعتبر أوضاع السوريين حالة إنسانية يعيب حتى أن يستخدمه الشخص لمصالح شخصية.

الأمر الثالث والأهم أن تركيا لا تقدم شيئاً للاجئين السوريين على أراضيها، الذى يحدث أن السورى يعمل ويدفع ثمن إيجار شقته وثمن مطعمه وغيرها، هى لا توفر لنا سوى أكثر من الهواء الذى نتنفسه. يجب أن يكون اللاجئون السوريون تحت وصاية المنظمات الدولية المعنية وليس تحت وصاية الحكومة التركية، منعاً لاستخدام هذا الملف. لم تكن هناك دولة لديها لاجئون سوريون تطلب من دول الاتحاد الأوروبى أن يتوقفوا أمام انتهاكاتها وتدخلاتها وإلا تطلق اللاجئين إلا تركيا. من حق تركيا أن تعمل لمصلحتها ولكن فى إطار قانونى وإنسانى وأن يشعر اللاجئ بأنه بشر وليس قطعة سلاح تهدد بها تركيا أوروبا، أو كوحوش تهدد بهم أوروبا وغيرها من الدول، فإذا كانوا كذلك فمن حق تركيا أن تغلق الباب أمام السوريين لكنها لا تفعل ذلك.

ماذا عن الانتهاكات الأخرى التى تتعلق بالتعليم وتعلم اللغة العربية؟
- اللغة التركية هى اللغة الثانية بالنسبة للاجئين السوريين، وهى لغة غربية. فى مصر منذ فترة حدثت مشاكل بالنسبة لدراسة السوريين فى مصر ورأت الحكومة المصرية أن الأطفال السوريين يجب مراعاتهم وتم حل هذه المسألة، لكن الأمر مختلف فى تركيا تماماً، فإذا تم اتخاذ قرار بالنسبة لوضع السوريين'>اللاجئين السوريين لا يمكن التراجع عنه، لأنها تتعامل معنا بفوقية، وأنا هنا أتحدث عن حالات وليس رأياً شخصياً، حتى من كانوا يمتلكون إقامة يتم ترحيلهم قسراً، ونحن نخشى ونخاف على مصير اللاجئين إذا قررت تركيا التخلى عنهم بعد تحقيق مصالحها.

لكن سلطات «أردوغان» تقول إن ترحيل السوريين أمر تنظيمى وليس ترحيلاً قسرياً، ما تعقيبك؟
- منذ نحو شهر حدثت عمليات ترحيل قسرى، وهذا لا يجوز وفق القانون الدولى، لأن سوريا دولة غير آمنة، وكذلك حديث تركيا عن توفير الرعاية والأمن للمرحّلين إلى شمال سوريا مجرد هراء، نحن لدينا معايير دولية، هل فى سوريا أمان ورعاية ومدارس وبنية تحتية فى الوقت الحالى حتى يتم نقل اللاجئين؟ لا يوجد، لذلك حديثها عن توفير الرعاية فى شمال سوريا غير صحيح، فكان من الأولى أن توفر له سبل المعيشة عندما كان على أرضها. خسارة «أردوغان» لمدينة «إسطنبول» فى الانتخابات البلدية هى نتيجة رفض تعامل الحزب الحاكم مع ملف السوريين'>اللاجئين السوريين، وهذا جعل الورقة التى كان يستغلها دوماً الرئيس التركى لمصلحته تحولت إلى ورقة لحرقه.

ما تقديرك لسيناريوهات أوضاع اللاجئين فى تركيا فى الفترة المقبلة؟
- نحن فى حالة ذهول وقلق ومنشغلون بالذى قد يحدث للاجئين السوريين حال استنفاد تركيا كل مصالحها فى المنطقة وكيف سيكون مصير 3 ملايين لاجئ سورى، للأسف الشديد من يمتلك المال من السوريين تم تجنيسه وتم احتضانه ومن لا يملك تم قذفهم إلى المناطق البعيدة النى هرب منها السوريون وأتوا كى يعملوا. الغريب أن تركيا تهدد ب السوريين'>اللاجئين السوريين وهى لم تقدم لنا شيئاً، لو كانت دولة أوروبية كان يمكن أن يكون مقبولاً فى ظل ما قدمته الدول الأوروبية من خدمات.