«هنا الصين.. أرض الأساطير والقصص الخيالية التى لا تنقطع»، عندما تبحث عن «طريق الحرير» الذى يمتد لآلاف الكيلومترات حيث الصحراء والجليد والقرى الفقيرة والدروب المقطوعة، فلن يفوتك أن تستمع إلى قصص الأرواح الشريرة التى قد تقابل كل من مر من هناك.. أساطير عن مخلوقات لا تسمع عنها إلا فى أفلام الرعب والرسوم المتحركة.

حاول «بول سالوبيك»، الصحفى فى مجلة ناشيونال جيوجرافيك، أن يتعقب فى رحلة تستغرق 7 سنوات «طريق الحرير»، يقول البدو الرحّل عن تلك الأساطير إنها أرواح شاردة تتردّد على آفاق آسيا الوسطى المتعاقبة، حيث تؤْذى المسافرين تارةً وتعينهم تارةً أخرى. كثيراً ما يُشير الغربيون إلى هذه المخلوقات باسم «جينيز» (genies)، «وهى تُصوَّر عادة فى الرسوم المتحركة على شكل عفاريت معمّمة حبيسة فى فوانيس أو قنينات».

ويقول «بول سالوبيك»: «سمعتُ من الرعاة المحليين أنها تستطيع الطيران مئات الكيلومترات ليلاً، ولها القدرة على التحوّل إلى حيّات تلتهم البشر وذئاب تتغذى على الدماء»، وقد أفاد الرحّالة «ماركو بولو» أثناء قطعه صحراء «لوب»- الواقعة فى الجزء الغربى من الصين- بوجود بعض الجنّ ينادون أعضاء القوافل بأسمائهم، وهكذا كان المسافر كثيراً ما يُضَـلَّل إلى أن يصبح غير قادر أبداً على العثور على رفاقه. وبهذه الطريقة قضى كثيرٌ منهم نحبه.

صحراء «كيزل كوم» جزء من «طريق الحرير».. تمتد على مساحة 300 ألف كيلومتر مربع، من بعض أجزاء كازاخستان إلى جنوب أوزبكستان، وهى سيئة السمعة، إذ كانت على مرّ قرون طويلة تحصد نصيباً كبيراً من أرواح أعضاء القوافل الذين يَعبرونها وهم يسيرون على «طريق الحرير»، أشهر طريق تجارى لأكثر من 2200 سنة.

عندما تصل إلى تلك الصحراء- بحسب الرحالة- ستثير الرهبة فى نفوس المسافرين، وقد يصل الأمر إلى سقوط بعضهم على الأرض مفارقا الحياة من شدة الخوف، ويروى الرحالة أن تلك الصحراء بها أرواح تشعرك بالاختناق وترى أشباحا فى الهواء غير قادر على وصف شكلها وكأنها رياح مثيرة تتلون ويتغير شكلها 100 مرة فى الدقيقة الواحدة.

ويحكى أحد الرحالة عن أفراد من مقاطعة «التشويان» القريبة من تلك الصحراء أن عددا من أهالى تلك المنطقة يروجون لتلك الأساطير لجنى الغنائم من المسافرين مقابل عبورهم بسلام، خاصة بعد أن دفع تاجر 40 لفّة من الحرير لقاء جارية فى الحادية عشرة من عمرها أقنعه أهالى القرية أنهم سيقدمونها كـ«قربان» للأشباح ليسمحوا له بالمرور ورفاقه وبضائعه دون أذى.

ويروى صحفى مجلة ناشيونال جيوجرافيك: «عندما قطعت الطريق أُصبت بعطش شديد على أنى كنت محاطاً بأطنان من الماء، إذ كان هذا السائل الحيوى متجمّداً على شكل جليد صلب كأنه الصخر، لكنْ لم يسبق لى على الإطلاق أن واجهت موقفاً كهذا، فقد كان شخص ما قد استخرج مخزونى المخبّأ من الماء وسرقه، فلقد نبش 60 لتراً ثميناً من الماء، لقد أخذ مائى، لا أستطيع أن أشيح ببصرى عن منظر البراميل الصغيرة المفرغَة وهى تهتزّ برفق فى الريح الملتهبة، لقد سرق الجنّ مائى فى صحراء كيزل كوم».