تعد الأمثال الشعبية، من أبرز عناصر الثقافة الشعبية في حياة المجتمعات، وتعبر بالأساس عن طبيعة الناس وتصوراتهم ومعتقداتهم وتناقضاتهم، ودليلٌ صادق على طبيعة الشخصية المصرية بسلبياتها وإيجابيتها.

 
الأمثال عن الأقباط صدرت معظمها على ألسنة «السنة» المسلمين كما هو واضح من منطوقها، وكانت كاشفة عن التصور الحقيقي للآخر في العقيدة فقط لأن مصر ليس بها أجناس أخرى أو أعراق أخرى مختلفة، كما جاء بعضها على ألسنة المسيحيين أنفسهم، والتي أعطت الوجه الآخر من المصداقية.
 
إضافة إلى أن بعض الأمثال تعود لفترات تاريخية ما نتيجة ممارسة اضطهاد ما على الأقباط، ومع ذلك استمرت لأنها حملت هموم الشخصية القبطية، كما أن هناك بعض الأمثال تتكلم ظاهريًا عن الأقباط أو تأتي بذكر فعل من أفعالهم أو ممارساتهم الدينية أو السلوكية، إلا أن لها مدلول آخر لا يُقصد به المسيحيون من قريب أو بعيد.
 
هنا ترصد «الدستور» الجزء الأول من بعض الأمثال مع الكشف عن تاريخية المثل أو الفترة الزمنية التي قيل فيها والدلالة التي يحملها وإذا كان هناك قصة للمثل:
 
( بالعمارة والتمارة وجيزة النصارى)
بالعمارة تعني إعمار الدار سواء بالخلف الصالح وحسن التربية الأولاد وأن يملأ الله البيت عليهم بالمال والبنين، أما التمارة فهي أن يتمر العيش والملح والعشرة وأحيانا يقصد بالتمارة التمر أو البلح فهو بشر خير في البيا وفي الظروف الصعبة يحفظ أهل البيت من الجوع.
 
أما جيزة النصارى: أى زواج النصاري الأرثوذكس لأنه لا طلاق فيه إلا في حالة الزنا ومن يتزوج من مطلقة فقد زنا، أو كما يقول نص إنجيل لوقا الإصحاح العاشر (فتقدم الفريسيون وسألوه هل يحل للرجل أن يطلق امرأته ليحربوه.. فأجاب وقال لهم بماذا أوصاكم موسى، فقالوا موسى أذن أن يكتب كتاب طلاق فتطلق، فأجاب يسوع من أجل قساوة فلوبكم كتب لكم هذه الوصية. ولكن من بدء الخليقة ذكرًا وأنثى خلقهما الله من أجل هذا يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته ويكون الاثنان جسدًا واحدًا.
 
إذن ليس بعد اثنين جسد واحد فالذي يجمعه الله لا يفرقه إنسان، ثم في البيت سأله تلاميذه أيضًا عن ذلك فقال لهم من طلق امرأته وتزوج بأخرى يزني عليها. وإن طلقت امرأة زوجها وتزوجت بآخر فقد تزني.
 
(جوازة نصرانية لا فراق إلا بالخنّاق) 
الخناق يقصد به الخنق أو الموت وهذه هي الحالة الثانية التي يمكن أن يحدث فيها فراق وهي الموت.
 
(اتكل عيسى على موسى وضاعت الجاموسة) 
هذا المثل بشكل عام ليس مثل يتكلم عن ديانات مثل اليهودية والمسيحية، ولكنه مثل يعبر عن عدم التواكل والاعتماد على النفس بدلًا من الاعتماد على الآخرين فهذا المثل يشبه المثل العربي الفصيح "ما حكّ جلدك مثل ظفرك" أو المثل الشعبي المصري "ما يمسحش دمعتك الا إيديك" 
 
(عشمان حنا يخش الجنة) 
يروي قصة هذا المثل الباحث في التراث المصري عصام ستاتي، قائلا: سمعت هذا المثل مرة من جدتي وأنا صغير عندما قالته لعمي الذي كان يصلي ويتصدق ولكنه يتعاطى الحشيش وقلت لها: ليه يا جدتي حنا مش هيخش الجنة عشان مسيحي؟ فأجابت: لا حنا ده كان خواجة إجريجي وصاحب خمارة والناس بتشرب عنده الخمرة واللى ميقدرش يدفع يعطيه رهن فيأخذ من الناس أشياء ثمينة بأرخص الأسعار وفي الظهر حين يذهب لفتح الخمارة إذا قابل فقير تصدق عليه وكأن هذه الصدقات هتغفر له اللى بيعمله في الناس فعشان كدا ضربوا هذا المثل عن حنا اللى عشمان يخش الجنة رغم ما يفعل.
 
هذه هي قصة المثل كما تراه جدتي والواقع يقول هذا أيضًا، فالمثل يقول مسلم لمسلم عندما يراه يفعل شيئًا خطأ مثلما يقوله له (عشم إبليس في الجنة) فحنا هنا لا يقصد به المسيحين ولكنه أجنبي ظلم أولاد البلد كما يقول عبد الله النديم: يابن البلد يابو جيب فاضي بنالك الخواجة خمارة هنا يعني المثل أن من كانت أفعاله سيئة لا يدخل الجنة حتى لو كانت له أفعال أخرى جيدة فالسيئات تذهب الحسنات.