أبت قدميه أن تحمله فما كان منه إلا أن لجأ لكرسي يجلس عليه خلف الكاميرا لا حول له ولا قوة به، فتارة تتسلل دموعة خلسة وتارة أخرى تمسك إحدى راحت كفيه بالأخرى عله يتحكم في مشاعرة كـ "أب" يشاهد إحدى ابنتيه وهي تواجه مغتصبها وجهًا لوجه لأول مرة، فكان ذلك كفيلا بأن يحرك الأبدان وتتساءل العقول عن قصة تلك الشابة الإيزيدية أشواق حجي حميد التي وقفت تلقن الإرهابي الملقب بـ "أبو همام" درسًا أبكى ملايين المشاهدين أمام شاشات التليفزيون وهي تسأله "بأي ذنب اغتصبت طفلة بعمر ابنتك؟".

الأب المكلوم الذي غلى دمه في عروقه وهو يشاهد مغتصب ابنته أمامه، كما وصف لـ "هُن"، كان في موقف لا يتمنى لأحد غيره أن يكن مكانه، فكيف لوالد فتاة أن يواجه مغتصبها ويقف مكتوفي الأيدي دون أن يمزق جسده، إلا أنه ذهب رغبة من ابنته "أشواق" التي لم تقدر على تحمل تلك اللحظات وحدها.


لحظات الفرار والاغتصاب التي كان يسمعها "حجي" من "أشواق"، كانت كفيلة على جعله يتخيل مصير ابنته الصغرى "ريهام" وهي مواليد 2003 التي لا زالت في يد "داعش" حتى الآن، فكلما استحوذ النوم عليه هب منه على صوت صغيرته التي لا حول لها ولا قوة وهي تستغيث به في أحلامه من أنياب إرهابي داعش "أشواق تم اغتصابها وعمرها 14 عاما".

لم تكن "أشواق" أو "ريهام" فقط من بنات "حجي" اللاتي وقعن فريسة لهذا التنظيم الإرهابي، بل أنه هناك 3 شقيقات أخريات أسرتهن "داعش" ضمن 77 من أفراد العائلة، جرى تحرير 37 فقط منهن، فإحدى ابنتاه اشتراها من سماسرة في سوريا والأخرى من إثيوبيا.

وعن يوم تحرير "أشواق" وإعادتها لأسرتها، وصفه الرجل الخمسيني، أنه كان عيد وسط الإزيديين بعد أن أخبرتهم المخابرات العامة العراقية أن ابنتهم حررت، وأنهم وعدوها بأن يقبضوا على مغتصبها وصدقوا في وعدهم وخلال محاكمة "أبو همام" اعترف باغتصابه لـ "أشواق" ومنذ أن وقعت عينه عليها وهو منكب الرأس.

آلاف الدولارات أنفقها "حجي" من أجل استرجاع أسرته، فكان لا يمر يوم إلا وهو جالس مع سماسرة يتعاملون مع "داعش" ويقلب بين الصور التي لديهم لعلى يجد إحدى بناته أو أفراد أسرته "بداخلي حزن عميق فكل بناتي جرى اغتصابهن وكل حكاية يقشعر لها البدن".


لم يفكر والد "أشواق" أو رجال العائلة أن يثأروا لسيدات الأسرة اللاتي عُذبن أو اغتصبن، وإنما إيمانهم بأن القضاء لن يخذلهم هو ما جعلهم يتركون الأمر برمته، إلا أن ظهور أشواق في مقطع فيديو وهي تواجه مغتصبها كان الهدف منه أن تتحرك جميع الدول العربية والمجتمع الدولي للتكاتف من أجل الخلاص من هذا التنظيم الوحشي.