ختام الحديث ..الحلقة السادسة
محمد حسين يونس
نحن الأن في نهاية 2019 عندما نقارن اليوم بما كان علية حال نساء مجتمع 1919 أى منذ قرن .. نجد أن المدارس و الجامعات أصبح يشغل نصف مقاعدها البنات و الصبايا .. و أنهن متفوقات .. يدل علي هذا كشوف نجاح الثانوية العامة و نتائج شهادات الجامعة .. لدينا اليوم طبيبات .. و مهندسات .. و صحفيات .. و قضاة..بل و ضباط جيش و بوليس من النساء .. و لدينا .. دستور و قوانين .. تمنحهن مساواة كاملة بالرجل بل و تحرص علي أن تحجز لهن مقاعدهن في البرلمان بنسبة مناسبة .

اليوم، هناك العديد من التجمعات النسوية في مصر. بعضها تابع للدولة بشكل أو بأخر، ولجان للمرأة في الأحزاب السياسية،وهناك أيضًا العديد من التجمعات النسوية المستقلة مثل مركز أبحاث المرأة الجديدة، وجمعية بنت الأرض. و مركز النديم .. ورغم أن تلك المنظمات ذات أهداف مختلفة، إلا أنهم بشكل عام يعملون على تحسين وضع المرأة في المجتمع المصري، عبر محو الأمية، و الإهتمام بصحتها ..وتحسين الوعي بالديمقراطية وبحقوق الإنسان، وزيادة مشاركتها في الحياة السياسية.

ليس معني هذا إن الدنيا ربيع والجو بديع و قفلي علي كل المواضيع .. فنسبة من نتكلم عنهن لا تزيد عن عشرة ملايين سيدة .. من إجمالي خمسين مليون مصرية .. أى حوالي 20% من ساكنات بلدنا .

و الباقي ..
(قرويات ٤٢,٨% من المصريات يعشن في الريف ونسبة الإمية بينهن ٨٦ % ) أو مهاجرات إلي ( 1034) منطقة عشوائية تسكنها 20 % من المصريات .. أو يعشن في الأحياء الشعبية و المدن الصغرى الريفية حوالي 20 % أخرى يعاني أغلبهن من الجهل و الفقر و قلة الحيلة ..و لم يتغير حالهن في 2019 عن 1919 إلا في كونهن يشترين العيش من المخبز و اللبن و البيض من السوبر ماركت و يسهرن طول الليل أمام التلفزيون .. و يستيقظن في الضحي كسالي .

أغلبية نساء مصر ذوات وعي منخفض و تعليم محدود .. و يسلكن في حياتهن طبقا لروتين توارثنة عن الأمهات و الجدات ..و هن كنز لدى منظمي الإنتخابات و متعهدى توريد الراقصات أمام لجان الإقتراع . .

معظم سكان مصر من السيدات يمكن حشدهن في طوابير الإنتخابات و الإستفتاءات نظير زجاجة زيت و كيس سكر و باكو مكرونه .. و كأن السحر إنقلب علي الساحر فكان إعطاء السيدات حقوقهن الإنتخابية تذكرة لتمرير كل التغيرات المشبوهة في الدساتير .. و تأبيد حكم القائد .. و إختيار النواب .. كما يترائي لمن يمتللك إستخدام بطاقتهن الإنتخابية .

نعم هناك كثير من السيدات يعملن من الست الوزيرة حتي الست المساعدة في أعمال المنزل .. و عديد منهن معيلات لأسرهن .. و من تهتم بالهم العام منهن في تزايد .. و لكن يبق أمران .

أن أغلب الرجال بل و كبار السن من السيدات لم يقتنعوا بعد بمساواة الجنسين و يتبدى هذا في سلوكهم اليومي .. و الأمر الأخر أن رجال الدين .. يقاومون بضراوة أى تعديل .. في نظام المجتمع يشمل علاقة الرجل بالمرأة..

و الدولة ممثلة في الرئاسة و الحكومة .. تقف علي الحياد كما لو كان الأمر لا يعنيهما .. ترى حفلات الجونه و الساحل و التجمع .. فلا تعلق ( كل واحد حر ) .. و ترى من يحاول تمرير قانون يتحكم في أزياء النساء .. فلا تعترض . .. الدولة تستوزر المحجبة و السافرة .. و تحضر مؤتمراتها المحجبة و السافرة .. و لا تهتم إذا كانت السابحات الفاتنات علي شواطئنا بالبكيني و لا البوركيني ..

و مراكز البحوث ترى الظواهر الإجتماعية الغريبة علي ناسنا ( التحرش و الدعارة و التحريض علي العنف وأفلام البورنوالمصور فيها مصريات وبيع الصبايا لعواجيز الخليج ).. و لا تتحرك أو تفسر أو تقدم حلولا تحد من أن تكون المراة لعبة الرجل .

و هكذا يبدو أن الصراع لازال قائما و مستمرا .. بنات هدى شعراوى .. في مواجهه مع حفيدات حسن البنا .. يستغل الطرف الثاني الكتلة الرئيسية من ساكنات الريف و العشوائيات وطالبات الازهر و الأحياء الشعبية .. و يطمع الطرف الأول في التواصل معهن لتقديم المثل و النماذج الليبرالية.. و هو أمر يبدو شديد الصعوبة فيكتفين بالحفاظ علي سيدات و بنات الطبقة المتوسطة يحاولن عمل التوازن بهن .

نحن نعلم جميعا أن التفكك الذى حدث لحركة تحرير المرأة سببه تمسك كل طرف بإسلوبه و منهجه .. حتي لو أضر بالقضية مثال لذلك الأخذ و الجذب في قضيتين شائكتين أحدهما ( مظهر التلميذات ) ..

و(( هكذا راجعت الحكومة المصرية التشريع الصادر عام 1994، ونصت على منع الفتيات تحت سن الـ12 عامًا من تغطية شعورهن وأوجههن بارتداء الحجاب أو النقاب.

اعتُبر ذلك كحركة مناهضة للإسلام، وواجهت نقدًا عنيفًا من القادة الإسلاميين عبر البلاد. و توقف المنع عام 1996 بحكم من المحكمة العليا في مصر.
ثم جُلبت قضية الحجاب لساحة الرأي العام في مارس 2015، بعد أن قُبض على معلمة تربية دينية في مدرسة ابتدائية بالفيوم، لأنها ضربت فتاة لم ترتدِ الحجاب. وفي أغسطس من نفس السنة ، مُنع الحجاب مرة أخرى من قِبَل وزير التربية والتعليم، دون تحديد سنًا معينًا يُسمح بارتدائه فيه.))

والمسألة الأخرى هي التحرش بالسيدات و الفتايات .

نشرت هيئة الأمم المتحدة للمرأة تقريرًا عن أن إحصائيات التحرش في مصر يجعلها الثانية على مستوى العالم بعد أفغانستان التي تحتل المرتبة الأولى
في 4 يونيو 2014، مُرر قانون يجرم التحرش الجنسي نص على أن التحرش اللفظي، أو الجسدي، أو السلوكي، أو الهاتفي، أو عن طريق الإنترنت، يمكن أن يؤدي لعقوبة الحبس فيما بين 6 أشهر إلى 5 أعوام، وغرامة تصل إلى 50 ألف جنيه.

بينت الدراسة أن 99.3% من النساء المصريات تعرضن لنوع من أنواع التحرش و أن أكثر شكل منتشر منه كان اللمس غير المرغوب، يليه التحرش اللفظي.

ذكرت أن 82.6% من النساء يشعرن بقلة الأمان، خاصةً حين يستعملن المواصلات العامة.

ومع ذلك فالدعاة يصرون علي أن مظهر السيدة هو الذى يجعل الرجال يتحرشون بها .. كما لو كان كارت سماح مفتوح للتحرش بالسيدات و الفتايات .
و الليبراليون يجادلون ليس بالزى تنتشر الفضيلة .. و تمنع إعتداء الذكر علي الأنثي .. و لكنها التربية .

لقد كانت فتايات جيلي يلبسن الميكروجيب في شوارع المدن و لم يلقين أى مضايقات .. في حين أن في نهاية 2019 ترتدى السيدة غطاء من قمة رأسها حتي قدميها و تتعرض للتحرش .إنه مرض إجتماعي يطلب العلاج .

المراة المصرية في العموم تحتاج لمساعدة للخروج من إطارفكرو سلوك القرن الثامن عشر .. و لن يكون هذا بالوعظ و الإرشاد بقدر ما هو تغير بنية المجتمع الإقتصادية و الإجتماعية لتعليم الرجل كيف يحترم .. أمه و أخته و زوجته و إبنته .. و لو عجوز شوية تبقي كمان حفيدته .