إعداد وتقديم : أمانى موسى
ليس سهلًا أن يصل الإنسان إلى الشعور بالسلام النفسي بل إنه قد يكون صعبًا في البداية لكن يمكنك ممارسة بعض الطرق التي يمكن أن تساعدك في إيجاد السلام الذي تبحث عنه. أما إن كنت تعاني من مشاكل تهدد صحتك النفسية سينبغي عليك زيارة الطبيب أو الأخصائي النفسي والتحدث مع أحدهما لأنه قد يمكنهما مساعدتك إذا كنت لا تستطيع مساعدة نفسك.
 
إيجاد القوة الروحانية
حاول أن تتصل بشيء أكبر منك. هناك الكثير من النظريات التي تؤكد احتياجنا للتوازن الذي يجلب لنا الصحة النفسية، ويُعد الجانب الروحاني أحد أهم جوانب تلك النظرية؛ فالقوة الروحانية تعزز من شعور الإنسان بالسكينة وتجعله يشعر بالانسجام بينه وبين نفسه، وبينه وبين الحياة التي يحياها، وهي بالطبع مهمة جدًا من أجل صحة الإنسان النفسية.. ويتطلب ذلك الأمر أن تحاول التقرب من ربك وتستشعر حضرته وتحاول أن ترضيه في أقوالك وأعمالك، لأن الارتباط بربك الذي هو أكبر من أي شيء سيساعدك كثيرًا على إيجاد السلام النفسي.
 
حاول أن تجعل نفسك متصلة بعجائب الطبيعة أو الفضاء الخارجي، أو بالروابط التي تنشأ بين الناس بعضها ببعض، لأن إيجاد شيء خارج ذاتك تتصل به سيساعد على جلب السلام لنفسك.
 
ابحث عن معنى لحياتك اليومية. 
يمكن للنضج الروحاني أيضًا مساعدتك على فهم الهدف من وجودك في هذه الحياة مم سيساعدك على إيجاد معنى بحياتك اليومية، لأنك ستشعر بالسلام النفسي إن شعرت بتحقيق ذاتك وبالرضا عما تقدمه للعالم.
ويمكنك القيام ببعض الأنشطة التي تساعدك على فهم معنى حياتك بالتواصل مع الآخرين من خلال العمل التطوعي أو إيجاد طرق أخرى لمساعدة الآخرين.
 
كما يمكن أن تجد معنى لحياتك في أنشطة أخرى مثل الاهتمام بأفراد أسرتك أو أحبائك بشكل عام، أو بالعمل بأفضل طريقة ممكنة لتحسين أدائك بوظيفتك.
 
تصرف بالطريقة التي تتماشى مع ما تؤمن به. إن التصرف على أساس القيم والمبادئ التي تؤمن بها هو أحد الطرق التي تساهم في صحة روحانياتك، ويمكنك التأكد مم إذا كنت تفعل ذلك بالفعل أم لا من خلال التفكير في أنشطتك الحالية وسؤال نفسك إذا ما كانت تلك الأنشطة تجلب لك السعادة وتمنحك معنى لحياتك. 
 
ويمكنك التفكير في قيمك وهدفك من الحياة من خلال ممارسة بعض الأنشطة مثل التأمل والصلاة، فابدأ في تعلُّم وممارسة التأمل من خلال التسجيل بمجموعة جلسات، أو من خلال الكتب أو المصادر الموجودة على الإنترنت أو تسجيلات التأمل الإرشادي.
 
من أجل القيام بالتأمل البسيط اجلس أو استلقِ بمكان مريح ثم تخيَّل حضور حكيم ومُحب ويهتم بك ويحيطك، ثم ركز ذهنك على الشعور بأنه تتم العناية بك وبثقتك الكاملة في هذا الحضور.
 
حاول أن تستحضر وجود الله أثناء صلاتك وأن تدعوه وتشعر بحبه وتُحسن الظن به.
 
 
ممارسة التقبُّل
توقف عن محاولة التحكم في أشياء لا يمكنك تغييرها. نحن كبشر دائمًا ما نحاول التحكم بالآخرين (ماذا يفعلون وكيف يتصرفون)، وبالبيئة من حولنا (بالمنزل، والعمل، والمدرسة، والمجتمع، والعالم)، فنحن نريد من شريك حياتنا أن يصبح شخصًا أفضل، ونريد أن يصبح مديرنا ألطف، وأن يكون منزلنا أنظف، وأن يزول زحام المرور، وكل ذلك لأننا نخاف من المجهول، أو ما لا نستطيع التحكم به، بما في ذلك كوننا فانين. لكن للأسف لا نستطيع دائمًا التحكم في النتائج، كما أننا لا نستطيع التحكم في ما يشعر به، أو يفكر به، أو يفعله الآخرون.
ركز على ما يمكنكم التحكم به فقط،[٤] فاسأل نفسك أولًا: "ما الذي يمكنني فعله في هذا الموقف؟" فإن كنت لن تستطيع تغييره فاقبله ودع الأمر يمر.
 
تعلَّم كيف تكون حاضرًا
ابدأ بكتابة يومياتك.
أحد طرق معرفة وضعك الحالي وإيجاد السلام النفسي هي بدء كتابة يومياتك فهي طريقة فعالة لإرشادك خلال مرحلة تأمل نفسك ومعرفة ما الذي يعيق وصولك للسلام النفسي. واكتب ما يراودك من أفكار ومشاعر عن حياتك اليومية عندما تكتب يومياتك. حاول أن تفكر في أهم الأشياء التي تعنيك وتبقيك حاضرًا وسعيدًا في وقتها مثل الحكمة أو الإبداع من أجل أن تساعد نفسك على إيجاد السلام.
 
اجعل عناوين ليومياتك مثل الامتنان والنوايا وإيجاد المعنى من أجل أن تجد ما يهمك ويساعدك على الوصول للسلام النفسي.
 
مارس الوعي التام. 
يمكن أن يساعدك الوعي التام في الوصول إلى السلام النفسي من خلال تركيز ذهنك على الحاضر أو اللحظة التي تعيشها لأن قلقك حيال المستقبل أو شعورك بأنك عاجز ومحبوس بالماضي يفسد شعورك بالسلام النفسي، والوعي التام يعني أن تصبح مدركًا لأفكارك الحاضرة وكل ما يحيط بك ومشاعرك دون الحكم عليهم،
 
كما يساعد الحضور الذهني على تقليل مستوى الضغط العصبي وضغط الدم الأمر الذي يساعد على جعلك تشعر بالهدوء خلال جسدك كله، كما يمكن أن يساعدك الحضور الذهني على التحكم بمشاعرك والتكيف مع المواقف الصعبة.
 
ممارسة الوعي التام تجعلك تعمل اتصالات عصبية جديدة وتغيِّر من بنية مخك، الأمر الذي قد يساعدك على تكييف طريقة تفكيرك من أجل تعزيز شعورك بالسلام النفسي. 
 
إذا أردت أن تجرب تمارين الوعي التام اجلس مرتاحًا بمكان ما وركز على أنفاسك، وانتبه لكل ما تشعر به حواسك الخمس أثناء تنفُّسك، قد يشرد ذهنك حينها حاول أن تُعيد وعيك للحظة الحالية وما يوجد حولك.
 
تعافى من جراح الماضي. 
قد يصعب عليك الوصول إلى الشعور بالسلام النفسي إن كنت لازلت تعاني بسبب أحداث حدثت معك في الماضي؛ لأن الصدمات التي تعرضت لها بالماضي والتي تتسبب لك في اضطرابات شعورية حتمًا ستحول بينك وبين شعورك بالسلام النفسي. وتتضمن الأحداث الماضية العنف العاطفي أو الجسدي أو الجنسي، أو الأحداث الصادمة، أو التواجد بمنزل تشعر فيه بإهمال أو رفض أسرتك لك. كل تلك الأحداث قد تترك في نفسك الشعور بالذنب أو الخزي أو الخوف أو الاكتئاب.
 
ينبغي عليك زيارة الطبيب النفسي إن كنت تعرضت لأي من تلك الأحداث الصادمة لأنه هو الذي يمكنه مساعدتك وإرشادك 

تحرير ذهنك
مارس الشعور بالامتنان.
مارس الشعور بالامتنان من أجل أن تجد السلام النفسي، لأن هذا هو ما يدرِّبك على أن تبحث عن وتتذكر الأشياء التي تشعر بالعرفان لوجودها بحياتك. فعندما تتوقف للحظة وتُخرج نفسك من موقفك الحالي وتسمح لنفسك بالتفكير في كل الأشياء التي تشعر بالامتنان لأجلها سيمنحك ذلك شعورًا بالهدوء والسكينة والسلام النفسي كما سيعزز ارتباطك بمن حولك.
كما أنه يزيد من قوتك الروحانية ويساعدك على تعزيز صلتك بربك.
 
يمكنك ممارسة الشعور بالامتنان من خلال بعض التمرينات اليومية القصيرة مثل عمل قائمة بخمس أشياء تشعر بالامتنان لوجودها، كما يمكنك الاحتفاظ بتلك القائمة مكتوبة على هاتفك أو حاسوبك أو حتى على ورقة إن أردت أن تحتفظ بتذكرة مرئية أمامك. ويمكن أن تكون الأشياء التي تشعر بالامتنان لأجل وجودها أشياء صغيرة أو بسيطة بيومك مثل أن يكون اليوم مشمسًا، أو عاصفة ممطرة جددت طاقتك.
 
كما وجدت الأبحاث رابطًا بين ممارسة الشعور بالامتنان وشعور الشخص بالاعتزاز بنفسه، وزيادة شعوره بالتعاطف مع غيره، وقلة ميل الشخص للاكتئاب أو العنف.
 
تجنَّب اجترار الأفكار. 
اجترار الأفكار هو أحد أشكال القلق التي تجعل الناس يتوهون في ماضيهم أو يتسبب لهم بالمضايقة. والاجترار يحدث عندما يصبح ذهنك أسيرًا لسلسلة من الأشياء التي تقلقك ويعيد التفكير في نفس تلك الأشياء والأفكار مرارًا وتكرارًا في حلقة مفرغة.
 
ويمكن أن يكون هذا النمط بالتفكير أمر يتسبب لك بالضغط العصبيّ ويتركك مستنزفًا ويُبعدك أكثر عن حالة السلام النفسي.
عندما تجد نفسك تفعل ذلك، انقض هذه العادة بالتحدُّث مع نفسك بما يلي: "أنا أجترّ الأفكار الآن، والاجترار لن ينفعني بشيء بل سيضايقني فقط، لنرى إن كنت أستطيع أن أنشغل/أركز على شيء إيجابيّ ويُهدئ من أعصابي". ثم اتبع هذا الحديث بشغْل نفسك بأي نشاط، أو التركيز على شيء إيجابي أو حتى الاسترخاء.
 
استرخِ. 
ينبغي أن تجد الوقت كي تسترخي من أجل أن تصل إلى الشعور بالسلام النفسي، لأن الاسترخاء أمر ضروريّ من أجل عمل توازن بحياتك، ووقت الاسترخاء هو الوقت الذي تخفف فيه من شعورك بالضغط العصبي وتوقف ذهنك عن التفكير بما يقلقك من جدول أعمالك والتزاماتك ومخاوفك، لذلك ابحث عما يجعلك تشعر بالاسترخاء، وهذا أمر فرديّ قد يختلف ما يُشعِرك بالاسترخاء مع ما يُشعر أفراد أسرتك وأصدقاءك بالاسترخاء.
 
وتتخذ طرق الاسترخاء عدة أشكال، فيجد بعض الناس أن التدريبات مثل اليوجا أو الركض تُشعره بالاسترخاء، كما تُساعد التدريبات الرياضية على تحسين الصحة بشكل عام وتزيد من إفراز هرمون الإندورفين الذي يُحسِّن المزاج ويزيد من طاقة الإنسان.
 
كما يفضِّل البعض التأمل أو الخروج في نزهة مع الأصدقاء أو قراءة كتاب جيد أو أخذ حمام طويل حيث يستلقون بحوض الاستحمام ذي الفقاقيع. كما ارتبطت الرياضة وقضاء بعض الوقت مع الأصدقاء بشعور الإنسان بالسعادة والرضا عن حياته بشكل عام.
 
ابحث عن الأنشطة التي تجعلك تسترخي بحق وافعل تلك الأنشطة مرة بالأسبوع على الأقل حتى تشعر بالسلام النفسي.
 
انتبه لتأثير الآخرين. 
تأثير الآخرين عليك هو أحد الأشياء التي قد تحول بينك وبين الشعور بالسلام النفسي دون أن تشعر، لذلك حاول أن تفكر في الأشخاص المتواجدين بحياتك وحاول أن تُدرك تأثيرهم على حالتك النفسية والذهنية. وجميعنا يمر بظروف صعبة ويشتكي من بعض الأشياء لكن إن كان أحد الأشخاص الموجودين بحياتك دائم الشكوى ومعتاد على ذلك بطبعه قد يكون هذا الشخص أحد الأسباب التي تستنزف طاقتك وتؤثر على مزاجك بالسلب.
 
إن كان أحد الأشخاص المتواجدين بحياتك هكذا قد تحتاج للانتباه لِكمّ الوقت الذي تقضيه معه، أما إن كان شخصًا لا يمكنك تجنُّبه (مثل أحد أفراد أسرتك أو أحد زملائك بالعمل) فحاول جاهدًا أن تحافظ على إيجابيتك وقُل لنفسك: "سأحافظ على إيجابيتي وأجعل هذا اليوم رائعًا بالرغم من الأشخاص المحيطين بي."
 
حاول أن تقضي وقتًا أكثر مع الأشخاص الذين يرفعون من معنوياتك ويزيدون من شعورك بالسلام النفسي، أما إن صعُب حدوث ذلك قد تقع فريسة لهذا النمط السلبي الذي ذكرناه بالأعلى، الأمر الذي سيصعِّب عليك المحافظة على شعورك بالسلام النفسي.