المطران جورج خضر (لبنانيات)

يقدمها بتصرف غير مخل واسهاب غير ممل الأب اثناسيوس حنين

"الكلمة صار جسدا" كيف نقرأها ونحياها ونستثمرها فى التزام التاريخ والانتماء الوطنى والابداع الثقافى والبحث اللاهوتى العلمى المدقق ؟ هذه كلها اطلالات للنعمة-الكلمة التى بها نحن مخلصون "بفتح اللام".هذه كلها مبادرات الهية أتية من الله السابق للانسان ومنشئه وحرية الانسان تتلقى وتنمو ’ هذا معناه واقعيا أننا لا نستطيع أن نستقل عن الله ونحيا ’ لأن اللاهوت متسرب الى الاردة والعمل(الانيرجيا) لئلا يكونا بشريين فقط . وبدءا كان الانسان على صورة الله أى أن كيانه الداخلى الهى وكذا تركيبه وأنه اذا ارتضى هذه الالوهة فيه يصير على مثال الله أى فى حركة دؤؤبة وخلاقة اليه ومنه الى خليقته وأما اذا لم يرد أو اذا لم يرتضى تغدو بشريته وحياته ساكنة وفارغة (عايش من قلة الموت !)’ نتيجة ذلك ان الحياة بكل مكوناتها ان حادت عن تجليات الاله فهى غير انسانية ’ هى ثورة شهوات وفوضى داخل الكيان وبالتالى خارجه (هذا قد يفسر سبب انتحارالأذكياء وانطوأء المبدعين سواء الانتحار السلبى بالعزلة والانطواء وسكنى الكائبة والتسلية والتفاهة والمخدرات وغيرها أو الانتحارالفعلى كطالب الهندسة وغيره !).هنا يتحكم العقل المحض الحائد عن الانوار الربانية . (يصير الزمن مغلق والمكان سجن!)

.هذه الأنوار الألهية ظهرت ’ اليوم وكل يوم ’ لنا فى فى ظهور الكلمة "الله الرب ظهر لنا ’ مبارك الأتى باسم الرب ".يبقى أمامنا السعى ’ أن نكون فى سعى الى الله الكلمة ’ سواء أكانت كلمة ظاهرة ومعلنة فى ايماننا وتراثنا وكتبنا أو مبثوثة هنا وهناك فى ثقافات الأخرين.هذا يجعلنا نوقعن ونجسم ما قاله يوحنا الدمشقى عاكسا أية يوحنا الحبيب "الجسد صار كلمة".

اذا تابعنا هذه القولة اللاهوتية عند منصور بن سرجون الذى يسمى يوحنا الدمشقى بعد توليه بيت المال عند المسلمين وترهبه تقول ان ما يبدو لنا سياسة أو ثقافة أو دراسة نقدية أو علم ’ يكون لغوا ان لم نجعله كلمات وأفعال الاهية ’ أى أن نجعل الدنيا وما عليها ’ (معراجا الى الله-الكلمة ).هكذا نفهم قول السيد "اعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله ".ليس فى هذا فصام ولا خصام .نحنا لسنا فى دنيا سياسية ثقافية واقعية وفيزيقية وأخرى فوضوية عشوائية وروحية وخيالية ميتا-فيزيقية ’أو فى مملكة دنيوية وأخرى سماوية ’ اذ ليس من ملك "بفتح الميم"الا الله وليس من ملك "بضم الميم"الا لله وهو ’ فى تراثنا ’ البنطوكرطور .يحكم فى قلوبنا ويحكم العالم بأن .فأن قيصر لا يبقى قيصر ما لم يسنده الرب ’والرب لا يبقى بلا قيصر فى الزمان .فهناك شر يجب ردعه ’ولكن هناك حريات يجب انماؤها وابداعات يجب رعايتها لتصير من خلال الالتزام بشئون الأرض والوطن ’ الى وجه الله .وهنا يقول الدمشقى "غير المادى أى الكلمة الالهى يتسربل ثقل الجسد المادى فى ولادته من عذراء ’ وهذا هو معنى العيد هذه الأيام ’حتى اذا "نما فى النعمة والقامة أمام الله والناس " ’ حتى اذا اقتبل الألام فيما يتألم ’ فى الجسد ’ صار قابلا للموت ’ يسربلنا نحن القابلين للالام عدم الموت ". هذا الذى قيل فى المسيح لنا أن نترجمه سياسة "بالمعنى الشامل للكلمة وليس الحصرى" .فما كان غير جسدى وغير تاريخى "الله" يجب أن ينسكب فى بشريتنا وزمننا بحيث نتحرر فى زمانياتنا والتزامنا شئون الارض من الانفعال والغرض والحزبية والهوى ’ من كل ما هو مائت فى مجتماعتنا فنكتسب الانعتاق من انفعالات اليومى والانشقاق والبغضاء ونسير ونسعى الى وحدة الناس فى المجتمع الذى نحن عنه مسؤولون وبالتالى فى مجتمع الكنيسة

.اذا كانت السياسة والثقافة والابداع "جسدا" أى جسد الكلمة بمعنى أنها تتعاطى المنظورات ’فالجسد ’ يقول الدمشقى ’يصير كلمة الله أو مطرحا للكلمة .فليس من فصل ممكن بين الكلمة النازلة والأوضاع القائمة أى بين اللاهوت والناسوت.بالتالى فالكلمة مكانها مكانها هذا العالم وما كتبت الا لتكون اليه وبه الى حضن الأب السماوى فى الروح القدس . الكتب لا تنقذ الا اذا صارت حياة.والكنيسة لا تبشر بكل هذا اذا تمأسست وانكمشت وتقوقعت ولم تترك نفسها تموت مع سيدها من أجل حياة العالم ’ هنا يختفى التفريق بين ما يقال وما يعمل"بضم الياء". ومن هنا ساغ للفيلسوف الالمانى غوتة أن يقول "فى البدء كان الفعل".