منذ الفوز ببطولة أفريقيا 2010 والمصريون لا يجتمعون على المقهى لمتابعة  ما يجمعهم حتى أتي محمد صلاح طلب المصريين الأول على كل مقهى، “بلة الريق” التي تجمعهم والمتعة التي تهبهم القدرة على مقاومة ضغوط الحياة.

حتى تم عرض مسلسل ممالك النار'> ممالك النار على قنوات إم بي سي، المسلسل الذي يستعرض قصة غزو سليم الأول والعثمانيين لمصر ومقاومة السلطان قنصوه الغوري ومن بعده طومان باي، من إنتاج إماراتي والذي يلعب بطولته الفنان خالد النبوي والفنان رشيد عساف وكتب له السيناريو والحوار محمد سليمان عبد المالك – ولنا عودة في مقال آخر مع سليمان – ومن اخراج المخرج البريطاني بيتر ويبر، ذلك المسلسل الذي أعاد الناس للتجمع ولكن للمرة الأولى لمشاهدة مسلسل درامي تاريخي  لا مباراة لكرة القدم يلعب فيها محمد صلاح.

يقول جوستاف لوبون : إن معرفة فن التأثير على مخيلة الجماهير تعني معرفة فن حكمها
أتقن محمد سليمان عبد المالك ما يكتبه، حصل على وقته كاملا ليكتب لنا 14 حلقة تستحق كل دقيقة فيها المشاهدة دون مط أو تطويل وشركة انتاج محترمة صرفت 40 مليون من الدولارات واستعانت بمخرج بريطاني وممثلي الصف الأول عربية بعد كاستنج رائع لتقدم لنا تحفة فنية.

سقطت وعمليا جملة “الجمهور عايز كده”، الجمهور المصري الذين اتهموه بالجهل ودعم فن البلطجة ينحاز لعمل درامي تاريخي قد يتخيله أحدهم نخبويا لكن لفرط جودته كان شعبويا للغاية.

الحرص على العناصر الفنية، القصة والسيناريو والصورة بكل تفاصيلها ألوانا ومونتاجا وحركة وإيقاع والأداء والكاستنج والإيمان بتقديم فن حقيقي.

اختار الجمهور الفن الراقي الذي كانت تكلفته 640 مليون جنيه مصري أي ما يعادل سبعة مسلسلات تنتجها سنويا شركة انتاج مصرية ولا يشاهدها أحد.

وعلى الرغم من أنه لا يخفى على ساذج أن المسلسل موجه لماقومة غسيل الدماغ التركي المتمثل في سيل من المسلسلات التاريخية التي تمجد آل عثمان، إلا أنه خرج وتم تنفيذه بإحترافية لم توجه الكاتب ليلوي عنق الحقيقة من أجل غرض ما أو يتجاوز عن حدث ما بل على العكس تماما كانت المصداقية التاريخية دليلا للمصداقية الدرامية إلى قلب وعقل المشاهد.

ممالك النار عملا سيبقى للتاريخ يتذكره الجمهور ويعيد مشاهدته، يقارنه هواة الدراما العالمية بمسلسلات تركت علامة في حياتهم بينما تلاشت عشرات الأعمال التي قدمتها الدراما المصرية والعربية في السنوات الأخيرة.

يقول أديبنا الكبير إبراهيم عبد المجيد : لا أحد يفكر في تأثير أفعاله بعد عشرين سنة وهذه هي المشكلة ، لكن يبدو أن الشركة الإماراتية التفتت لهذا.
نقلا عن الميزان