عرض/ سامية عياد 
"الكثير الرحمة ، الجزيل التحنن" من طبيعة الله أنه متحنن ، وما أكثر الكلام عن حنان الله فى المزامير وأسفار الأنبياء ، وهو حنان ناتج عن محبته ورحمته للإنسان ، الله متحنن على الكل ، وخاصة الخطاة وحنانه لا حدود له .. 
 
المتنيح البابا شنودة الثالث فى مقاله "حنو الله" حدثنا عن تحنن الله على الإنسان ، الخطاة ، المرضى ، التعابى ، الجياع ، الأطفال ، المحتاجين ، المجربين ..الخ ، فمن جهة الخطاة ، الله يتحنن عليهم لسببين الأول لضعف طبيعتهم التى تميل الى الخطأ والثانى قوة وحيل الشيطان الذى يحاربهم ، ويسعى الله الى الخطاة ليجذبهم إليه فقد دخل بيت زكا العشار وقال الرب لليهود الذى تعجبوا لدخوله بيت الخاطىء "إن ابن الإنسان قد جاء لكى يطلب ويخلص ما قد هلك" ، ومن حنان الله فى جذب الخطاة أنه لا يجرح مشاعرهم بذكر خطاياهم القديمة وماضيهم الأثيم ، فلم يذكر ليعقوب أبى الأباء أنه خدع أباه والمرأة الخاطئة التى قابلته فى بيت الفريسى لم يذكر لها أنواع خطاياها ، لم يعاير يونان بهربه منه ولم يعاير بطرس على نكرانه له وغيرها من الأمثلة ، والله من حنوه على الخطاة أنه يفرح برجوع خاطىء واحد يتوب أكثر من 99 بارا لا يحتاجون الى توبة وهو يقود الخطاة الى الاعتراف برفق شديد كما فعل مع المرأة السامرية ، الله يغفر للخطاة مهما كانت خطاياهم ثقيلة فهو لا يسر بموت الخاطىء بل أن يرجع ويحيا ومهما تأخروا فى التوبة فهو يقبلهم مثلما قبل اللص اليمين فى آخر ساعات حياته.
 
حنو الله على المرضى "كان يشفى كل مرض وكل ضعف فى الشعب" ومن أشهر قصص الشفاء مريض بيت حسدا الذى لم يكن له إنسان يهتم به ، اهتم به الله وقال له "قم أحمل سريرك وامش" وغيرها من قصص الشفاء الى لا حصر لها ، الله يحنو على التعابى ويظهر فى قوله "تعالوا الى يا جميع المتعبين والثقيلى الأحمال وأنا أريحكم" ، الله يحنو على الجياع ، قصة إشباع الجموع من الخمس خبزات والسمكتين وأيضا إشباع الأربعة آلاف ، من حنوه على الجياع قوله فى يوم الدينونة للذين على اليسار "اذهبوا عنى يا ملاعين الى النار الأبدية المعدة لإبليس وملائكته ، لأنى جعت فلم تطعمونى .. الحق أقول لكم : بما أنكم لم تفعلوه بأحد أخوتى الأصاغر ، فبى لم تفعلوا ، فيمضى هؤلاء الى عذاب أبدى" .
 
حنان الرب شمل أيضا الأطفال "إن لم ترجعوا وتصيروا مثل الأولاد فلن تدخلوا ملكوت السموات" ، المطرودين والمديونين ، والغرباء "لا تنسوا إضافة الغرباء.." ،  يحنو على المجربين "الذى لا يدعكم تجربون فوق ما تستطيعون ، بل سيجعل مع التجربة أيضا المنفذ ، لكى تستطيعوا أن تحتملوا" ، يحنو على المحتاجين الى رعاية ، يحنو على الضعفاء والمهددين من أعدائهم ، يحنو على المسبيين والمأسورين "..أنادى للمسبيين بالعنق ، والمأسورين بالإطلاق" ، هو باستمرار إله الضعفاء والمساكين "المقيم المسكين من التراب ، و الرافع البائس من المزبلة ليجلسه مع رؤساء شعبه" .
 
حنو الله على الإنسان لا حدود له ، بل امتد حنوه على الطيور والحيوانات ، ولولا حنو الله ما استطاع أحد منا أن يبقى حتى اليوم ، ولولا حنو الله ما استطاعت الكنيسة أن تصمد حتى اليوم "أبواب الجحيم لن تقوى عليها" ، فالله معين من ليس له معين ورجاء من ليس له رجاء ..