الأب الدكتور أثناسيوس حنين  يهنئ جميع المصريين بالأعياد ويقدم لكم :
أصداء دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسى بتجديد الخطاب الدينى فى مصر

مصر الثورات وثروات مصر الحضارية والسياسية واللاهوتية
ثورة الاقباط  اللاهوتية اضافة للرصيد الثورى فى مصر
 
صحيفة الارثوذكس تيبوس الصادرة بأثينا يوم الجمعة-22 -1 -2016
نقلها الى العربية الاب الدكتور اثناسيوس حنين 
 
Η Θεολογική Επανάστασις είς τους Κόπτες
ΟΡΘΟΔΟΞΟΣ ΤΥΠΟΣ
22 ΙΑΝΟΥΑΡΙΟΥ 2016
 
كلمة المترجم
نشرت صحيفة الصحافة الارثوذكسية الواسعة الانتشار والمؤثرة فى القرار اللاهوتى فى اليونان فى عددها الاخير وعلى صفحتها الاولى مقالا يحمل عنوان مثير وواعد وصريح "ثورة الاقباط اللاهوتية ! " واذا علمنا ان هذه الجريدة كانت قد اعتادت على مهاجمة ونقد وتفنيد كل ما هو غير "ارثوذكسى بيزنطى " ’ كما اعتادت على انتقاد الحوارات اللاهوتية "الديليفرى" أى التى لم تستوى على نار الروح القدس الهادئة واعتادت على مهاجمة وتفنيد المسكونية المعاصرة التلفيقية والتوفيقية والغير المتجذرة فى أعماق التربة الكنسية لعشرين قرن من الفلاحة اللاهوتية ’ كما لا تتوانى الصحيفة المذكورة من أن تنتقد أكبر الرموز الكنسية فى اليونان وخارجها  اذا ما لاحظت أدنى تفريط فى استقامة الرأى  ’ اذا علمنا هذا كله ’ الى جانب ان الصحيفة واسعة الانتشار ويكتب فيها كبار اللاهوتيون من اكليروس واساتذة لاهوت وتحظى بثقة الأباء الرهبان اللاهوتيين فى الجبل المقدس أثوس ’ نقول أذا علمنا هذا كله ’ سنفهم أن هذا المقال ’ حتى لو تباينت فيه الأراء داخليا فى وسط الأقباط  ’ الا أنه يمثل ’ فى رأينا المتواضع ’ بادرة خير كفيلة بأن تجدد صورة مصر الثقافية والحضارية والدولية بصفة عامة وصورة الكنيسة القبطية فى الاوساط اللاهوتية اليونانية وخارجها بصفة خاصة .الجدير بالذكر أن هذا المقال هو ملخص لدراسة كبيرة قام بها اللاهوتى المصرى من أصل يونانى  ديميتريوس اثناسيوس وتم نشرها فى الدورية اللاهوتية العلمية المعروفة"السيناكسيس" ’ ونعد القراء بالبحث عن الدورية وترجمتها كاملة لاحقا .
 
لهذا كله رأينا أنه من الواجب أن نترجم المقال الى اللغة العربية لفائدة الجميع ’جميع المصريين ’ المعنيين بتجديد الخطاب اللاهوتى فى المحروسة ’ وخاصة من الشباب الواعد والغاضب والمصدوم ’ والسائر على طريق عمواس يردد فى نفسه نفس  الشكوك ’ التى ترددت يوما فى أجواء فلسطين ’ عن الامور المختصة بيسوع والذى  كانوا يتوقعون (...أنه هو المزمع أن يخلص !!) لوقا 24 ’19-20  ! بغض النظر عن انتمائتهم الفكرية والوطنية والكنسية  كمساهمة متواضعة فى تجديد الخطاب الثقافى واللاهوتى فى المحروسة .
 
المقال
لقد شهدت الساحة المصرية فى تاريحها الطويل تطورات كثيرة ’ أهمها هو ما حدث بعد المجمع المسكونى الرابع فى خلقيدونية عام 451 ميلادية من انفصال مأساوى بين الروم والاقباط المصريين ’ ولقد تبع هذا الانفصال أن سار المسيحيون المصريون  فى طريق خاص بهم وأشتهروا تاريخيا  بلقب "أقباط".لقد أدت عزلة الاقباط عن المسيرة اللاهوتية للكنيسة الجامعة خلال عقود الى تغلغل البروتستانتية فى الفكر المسيحى القبطى وخاصة فى القرون الأخيرة ’ مما أدى الى تحول الفكر اللاهوتى القبطى الى فكر دفاعى بحت ’ يأخذ من الكاثوليك ليرد على البروتستانت ’ وفقد هويته المصرية والتاريخية أو كاد ’ هذا اذا لم نعرج على تأثر الفكر اللاهوتى القبطى بروافد اسلامية  سواء على مستوى التقوى الشعبية أو الفكر اللاهوتى ’ وهذه قضية أخرى (من جاور الحداد ! )..
 
لقد شهدت الساحة المصرية فى القرن الماضى ’ وهذا هو ما يعنينا فى هذه العجالة ’  نهضة لاهوتية لها أهميتها من منظار الارثوذكسية  .اول رواد هذه النهضة هو الأب الراهب "متى  المسكين "
 
(2006 --1919) (Ματθαίος ό Πτωχός )
الايغومينوس لدير القديس مكاريوس بالصحراء المصرية . لقد بذل جهدا كبيرا وذاتيا فى تعلم اللغة اليونانية وساهم فى تقديم وتعريف المصريين عامة  والاقباط خاصة بعلم الاباء اليونانيين . ثم جاء تلميذ متى المسكين وهو د.نصحى عبد الشهيد (1931 -.....)والذى بدوره تعلم اللغة اليونانية وقام فى عام 1979 بتأسيس مركز للدراسات الأبائية ’ و بفضل مساعدة رئيس اساقفة سيناء اليونانى كيريوس كيريوس  دميانوس ’ أهتم أن يتم أرسال طلاب أقباط الى كليات اللاهوت الارثوذكسية فى اليونان وخارج اليونان ونذكر منهم (مع حفظ الالقاب ) ناجى اسحق حنين (حاليا الاب اثناسيوس حنين) و الدياكون الدكتور جوزيف موريس والدكتور مجدى صمؤئيل وهبة (الاب المتنيح صمؤيل وهبة )والدكاترة وجورج عوض وسعيد حكيم وجورج فرج  والدكتور ميشيل غطاس ووهيب قزمان . لابد أن نذكر تلميذ أخر من تلاميذ متى المسكين وهو الدكتور جورج حبيب بباوى (1938 -.....
 
)والذى قام بترجمة الكثير من مؤلفات أباء الكنيسة اللاهوتية الى اللغة العربية مما أدى الى انتشارها انتشارا كبيرا ’ كما تعمق بباوى فى التراث الليتورجى  للحقبة البيزنطية وفند الكثير من الانحرافات اللاهوتية والليتورجية التى دخلت خلسة الى اللاهوت القبطى.
 
تشكل هذه الشخصيات ومن التف حولهم من شباب القبط ’ بادرة أمل كبيرة فى عودة الاقباط الى ينابيع الاثوذكسية الصافية . هذا لا يمنعنا من أن نذكر أن بطريرك الاقباط السابق شنودة الثالث (1923 -2012 ) أصدر مرسوما حكم على اللاهوتيين السابق ذكرهم انهم "هراطقة" وشلح بعضهم وعزل بعضهم ونجح فى اجهاض مشروع النهضة ومن بقى منهم اضطر الى تبنى افكار البطريرك شنودة والمطران بيشوى حتى ولو تناقضت مع قناعاته ودراساته ومكانته ودرجته العلمية ! ’ خوفا من بطشهم وحفاظا على لقمة العيش !!! وفى عام 2007 اصدر المجمع القبطى حرمانا ضد متى  المسكين .
 
اليوم نرى بارقة الأمل وهى أن البطريرك الحالى للأقباط تأوضروس يفتح صفحة جديدة فى تاريخ الكنيسة القبطية ’ فهو لا يدعى العلم بكل شئ ! كما ينظر بعين الاهتمام والاحترام الى اللاهوتيين السابق ذكرهم ’ وقد استقبلهم فى بادرة تاريخية فى المقر البابوى وكما قام بتعيين بعضهم للتعليم فى كليات اللاهوت القبطية وان كنا نتمنى أن يقوم بدعوة كل اللاهوتيين الذين تم تشتيتهم فى العهد السابق للعودة الى مصر ورد الاعتبار’ الروحى والعلمى والمادى ’  لهم فى بادرة شجاعة سيكتبها له التاريخ ’ والتاريخ لا يرحم ’ .
 
السؤال ما هى أهمية ذلك كله للارثوذكسية العالمية ؟ الأهمية تعود الى أن أولئك اللاهوتيون ’ فى معظمهم ’ ينتمون الى طبقة " المتعلمين " لليونانية لغة وثقافة وهذا يظهر فى كتاباتهم وفى مراجعهم ’ أضف الى ذلك أنهم يستخدمون فى كتاباتهم اباء عاشوا وكتبوا  بعد مجمع خلقيدونية 451 مثل يوحنا الدمشقى وأغريغورويس بالاماس  وغيرهم من القدامى والمحدثين مثل أباء جبل أثوس والكسندر شميمان وجورج فلوروفسكى وجون رومانيذس وستليانوس بابادوبلوس وجورج خضر رائد النهضة الانطاكية ومنشورات النور  وغيرهم .  نحن نرى أنه من الواجب على الكنيسة الارثوذكسية ’ فى مصر ’ والتى يقبل عليها شباب المصريين بشغف كبير ’ أن تقوم بتشجيع هذا التيار الثورى اللاهوتى ’ بلا عداء مع أحد أو دفاع ضد أحد ’ بدلا من جريها وراء المسكونية المصطنعة والتلفيقية والصلوات مع الغير الارثوذكس ’ لأن هذا التيار الأبائى لن يعود للارثوذكسية فى ظل هذه المسكونية المصطنعة ’ بل أن الاهتمام الحقيقى به والدعم الفعال  سيعطى الفرصة للـتأكيد أن الارثوذكسية هى ميناء الأمان الذى يجب أن ترسى عليه سفنهم الهائمة على وجهها وسط أمواج العالم وأضطرابات الشرق . أن كون هذه الحفنة من اللاهوتيين الاقباط ’ ومن يتبعهم ويتتلمذ لهم من الشباب والصبايا  فى انتاجهم العلمى واللاهوتى واالثقافى  وفى قاعات المحاضرات وعلى وسائل التواصل الاجتماعى  ’ نقول أنهم يعرفون اللغة والثقافة اليونانية’ الى جانب لغات أخرى ’  ’ فهم يمثلون فرصة ذهبية أمام الكنيسة القبطية ’ لكى تدعم دورها النهضوى والعلمى واللاهوتى وجضورها الثقافى فى الشرق مع باقى الكنائس الارثوذكسية فى المسكونة ’ وهذا سيؤدى الى التواصل العلمى والحضارى والثقافى الراقى مع  الجميع من أجل خير الجميع الزمنى والأبدى .