التحالف الانتهازي التركي الروسي لن يستطيع ابعاد مصر

سليمان شفيق
قال اللواء أحمد المسماري، المتحدث باسم حفتر، في بيان نشره عبر صفحته الرسمية في فيس بوك "تعلن القيادة العامة وقف إطلاق النار لغرفة العمليات العسكرية بالمنطقة الغربية اعتبارا من الساعة 00:01 الموافق 12 يناير.

ويدخل وقف إطلاق النار حيز التنفيذ بعد جهود دبلوماسية مكثفة قادتها أنقرة وموسكو في إطار سعيهما للعب دور أكبر في ليبيا خلال الأسابيع الأخيرة

ودعا أردوغان ونظيره الروسي بوتين في إسطنبول الأربعاء لوقف إطلاق النار، وطلبت تركيا السبت من روسيا إقناع حفتر باحترامه
وكان حفتر أعلن الخميس مواصلة عمليات قواته العسكرية رغم ترحيبه بدعوة بوتين لوقف إطلاق النار.

فور سماعي هذا النبأ تذكرت الحرب المصرية العثمانية (1831 - 1833) أو ما يعرف بحروب الشام الأولى هي جزء من الصراع العسكري بين إيالة مصر والدولة العثمانية أثناء حكم محمد على باشا بدأ بمطالبة محمد علي لسوريا العظمى (Great Syria) ازاء مساعدته للسلطان العثماني أثناء حرب الاستقلال اليونانية فاكتفى السلطان بتقديم جزيرة كريت لمحمد على فاشتعلت لذلك الحرب وانتهت بانتصار محمد علي ووصول نفوذ مصر إلى اعالي نهر الفرات.

وادركت منذ زمن بعيد الربط بين محاولات الغرب الاوربي تحجيم مصر منذ معركة نفارين ، حيث خسرت مصر حوالي ثلاثين ألف جندي، وفقدت معظم أسطولها البحري، بعد الضربة القاصمة التي أنزلها التحالف الأوروبي بالأسطول المصري والعثماني في موقعة “نفارين” البحرية سنة (1243هـ = 1827م)، فأحجم محمد علي باشا والي مصر عن الاستمرار في مجابهة الأوروبيين، ورجعت بقايا الأسطول المصري المحطم إلى الإسكندرية، تاركة خلفها الدولة العثمانية لتواجه الدول الأوروبية الكبرى التي أرادت إخراج العثمانيين نهائيا من أوروبا.

وكيف يحاول العثمانيين حتي الان محاولة تحجيم مصر والالتفاف حول اوربا تارة بدخول حلف الناتو واخري بأستخدام النعرة الدينية واحلام الخلافة الغائبة ، وفي تلك اللحظات تحالفت احلام القيصرية الروسية الامبريالية البوتينية الجديدة مع احلام الخلافة الاوردغانية الجديدة ، وتشابكت احلام الطرفين (العثمانية والقيصرية) رغم تتباين مصالح أنقرة وموسكو في ليبيا، إذ تُتهم روسيا بدعم حفتر .. وبالطبع لايهم تركيا السراج ولا يهم روسيا حفتر، ولكن الاهم هو محاولة ابعاد مصر عن صدارة المشهد وقواعد روسية وتركية في ليبيا لمزاحمة الدول الاوربية المتاخمة في الثروات الليبية قبل ان ينتهي ترامب من محاولة تحطيم او تحجيم  ايران وهكذا نحن امام محاولة انتهازية من كل من روسيا وتركيا لافراغ المنطقة من قياداتها سواء ايران النووية ، او مصر القوية التنموية وصاحبة الجيش القوي والسياسة الحكيمة في مكافحة الارهاب ، ولدي تركيا الالاف من الارهابيين تحت حماية روسية في ادلب يمكنهما سويا تهديد اوربا والعالم بتسريبهم اليها ، وفي نفس الوقت هناك محاولة لاحلال الجزائر في الصدارة تحت نوعين من الضغوط الاول مساعدة المغرب ضد البولساريو ،لما للروس من علاقات قديمة بهم ، او الجديد في تسريبات نيويورك تايمز وغارديان وتايمز أنها وثقت أدلة «تربط مباشرة» بين مسؤولين قطريين ومؤسسات حكومية قطرية بالإرهابيين، فجهاز قطر للاستثمار هو ما يستثمر أكثر من 1.5 مليار
دولار في شركة الاتصالات الأفريقية

ومعروف أن هذه الاستثمارات ما هي إلا ستار لدعم الإرهابيين لأنه لا يوجد عائد مادي حقيقي من هذا النشاط، وتزامن زيادة النشاط الإرهابي في منطقة غربي أفريقيا مع تنامي النشاط القطري هناك منذ عام 2017، وهو ما كشفته التفجيرات الأخيرة في مالي وبوركينا فاسو، وأشارت المخابرات الفرنسية إلى ضلوع الدوحة في تمويل الجماعات الإرهابية المتطرفة في مالي.

وقدمت قطر مئات الملايين من الدولارات لتنظيم «أنصار الدين» وحركة «التوحيد والجهاد» اللذين يعملان لصالح تنظيم القاعدة وفق المداخلة التي قدمها الصحافي الفرنسي «ريشار لابفيير» أمام مؤتمر ميونخ للأمن في فبراير الماضي والتي قال فيها إنه رأى بنفسه طائرة الهلال الأحمر القطري تقوم بتهريب الإرهابيين الذين قاتلوا الجيش الفرنسي من مالي إلى مكان آمن في ليبيا، وهو ما دعا عمدة مدينة «جاو» إلى اتهام قطر بدعم الإرهابيين في مالي عبر مطاري جاو وتمبكتو.

ومولت قطر بشكل كامل تنظيم «الإصلاح - الدم الجديد» وهو الجناح العسكري لجماعة الإخوان في الصومال، كما أرسلت قطر ملايين الدولارات لقيادات حركة «الشباب المجاهدين» الإرهابية وزعيمها حسن أويس الذي عاش في قطر سنوات طويلة، لكن ما نشرته مؤسسة «دعم الديمقراطية» الأمريكية، بعنوان «قطر تمول الإرهاب» يوضح ضلوع قطر في كل العمليات الإرهابية الأخيرة في الصومال، حيث نقل عن وزارتي الخارجية والمالية الأمريكية أن قطر دعمت أكثر من 90% من الأنشطة الإرهابية في الصومال.

وبحسب تقرير المخابرات المركزية الأمريكية لعام 2018 فإن 5 حركات إرهابية رئيسة تلقت تمويلات ضخمة من قطر وأبرزها حركة التوحيد والجهاد، ومتمردو حركة تحرير أزود، وجماعة أنصار الدين، وأنصار الشريعة إلى جانب تنظيم القاعدة في بلاد المغرب، وهو الأمر الذي دفع الحكومة التشادية إلى وقف التعامل مع الحكومة القطرية بعد أن تأكد إنجامينا أن الدوحة وراء كل التنظيمات الإرهابية التشادية من بوكو حرام إلى المتمردين التشاديين الذين يعملون مع باقي الجماعات الإرهابية في ليبيا.

كل تلك الجماعات الارهابية من ادلب لشمال سوريا وصولا الي شرقي وغربي أفريقيا من  مالي وحتي الصومال وتشاد تحت امرة التمويل القطري والمخابرات التركية ، إلى جانب تنظيم القاعدة في بلاد المغرب، وغيرهم يعدونهم للتأثير علي كامل المغرب العربي من جهة وتهديد الجزائروالمغرب من جهة اخري ، ولذلك لم يدرك السيد حفتر انه سيكون الضحية الاولي لهذا الصراع ، وان ليبيا ستكون المقر الجديد للعمليات للسيطرة علي المغرب العربي ، ومحاولة ابتزاز مصر وارجاعها عن دعم محور الخليج من اجل الدفاع عن أمنها القومي في ليبيا ، وبالتأكيد سوف تبوء كل تلك المحاولات بالفشل لان الدور المصري الاوربي في المتوسط مع قبرص واليونان وفرنسا وايطاليا اقوي من الجانب التركي الاوربي ، كما ان الجزائر والمغرب يدركان ان التحالف مع مصر يتم بشرف واحترام علي عكس التحالف مع الانتهازيين الاتراك والروس، ناهيك عن صحوة القوي السياسية التونسية في مواجهة النهضة والاخوان والتي ادت الي خروج تونس من المحور التركي ، واسقاط الحكومة الاخوانية التابعة للنهضة ، كما ان الصراع داخل الحلف الليبي بين الجيش الليبي والبرلمان الليبي لن ينتهي الا لصالح مصر، ومن ثم اعادة العلاقات القوية بين مصر والجزائر سيكون له ابلغ الادوار في حسم تلك الصراعات .

مصر وجدت لتبقي الاقوي في ليبيا والمغرب العربي، وان غدا لناظرة قريب.