خرج التوتر بين الرئيس الإيراني حسن روحاني وقوات الحرس الثوري إلى العلن، أمس الاثنين، بعد اتهام مكتب الرئيس للحرس الثوري بخداعهم بخصوص اسقاط الطائرة الأوكرانية عن طريق الخطأ، ما أسفر عن مقتل 176 شخصًا كانوا على متنها.

وقالت صحيفة ديلي تلجراف البريطانية، في تقرير نشرته على موقعها الإلكتروني، إنه بالتزامن مع استمرار الاحتجاجات لليوم الثالث في عدة بلدات ومدن إيرانية تنديدًا بحادث إسقاط الطائرة، ومطالبة بمحاكمة الفاسدين والإطاحة بروحاني والمُرشد الأعلى للثورة الإسلامية علي خامنئي، يبدو أن الرئيس الإيراني يعمل على توجيه الغضب الشعبي تجاه منافسيه الأكثر تشددًا في الحرس الثوري.

تسود التوترات العلاقات بين حكومة روحاني وقوات الحرس الثوري الأكثر تشددًا، إذ تنتقد الأخيرة العلاقات الدبلوماسية بين الرئيس وقوى الغرب، ويعترضون على طريقته في التعامل مع الأزمات.

وتصاعدت حدة التوترات العام الماضي، بعدما هدد وزير الخارجية محمد جواد ظريف بالاستقالة من منصبه بعد أن حل قاسم سليماني محله في اجتماع مع الرئيس السوري بشار الأسد.

إلا أن التوترات وصلت إلى أقصاها بعد قيام المواطنون باحتجاجات منذ مساء السبت الماضي، تنديدًا بإسقاط الطائرة الأوكرانية، ما أسفر عن مقتل كل من كانوا على متنها وكان أغلبهم يحمل الجنسية الإيرانية.

اعترف الحرس الثوري الإيراني بإسقاط الطائرة عن طريق الخطأ، بعد الاعتقاد أنها صاروخ أمريكي موجه إليهم في خضم النزاع مع الولايات المتحدة، بعد الهجوم الصاروخي الذي شنته طهران على قاعدتين أمريكيتين في العراق انتقامًا لمقتل سليماني.

وأكد روحاني، في خطاب مُتلفز اليوم الثلاثاء، أن بلاده "ستعاقب" كل المسؤولين عن كارثة الطائرة الاوكرانية، ودعا السلطة القضائية إلى تشكيل محكمة خاصة برئاسة قاض رفيع المستوى وتضم عشرات الخبراء، لأنه من المُهم بالنسبة لإيران حكومة وشعبًا أن يحال أي شخص كان على خطأ أو ارتكب اهمالا على أي مستوى إلى القضاء.

تسجيل مُسرّب
برر علي ربيعي، مُتحدث باسم حكومة روحاني، نفي إيران مسؤوليتها عن إسقاط الطائرة بأن الحرس الثوري أخبر الرئيس أنهم ليسوا متورطين في الحادث.

وقال: "لقد أكدت لنا جميع السلطات ذات الصلة أنه لم يتم إطلاق أي صواريخ لإسقاط الطائرة الأوكرانية".

وفي الوقت نفسه، ظهر تسجيل مُسرب لضابط في الحرس الثوري الإيراني وهو يشكو من أن حكومة روحاني تخلت عنهم، وتركتهم عرضة للغضب الشعبي بسبب إسقاط الطائرة الأوكرانية.

ونُشر التسجيل المُسرّب على موقع " Pyk Net" التابع للمعارضة الإيرانية، ولم يكشف عن اسم القيادي في الحرس الثوري، الذي على ما يبدو أنه كان يتحدث في غرفة مليئة بالقادة التابعين للقوات، وطالبهم بامتصاص حالة الغضب السياسية.

ووفقًا للتسجيل المُسرّب، فإن القيادي في الحرس الثوري قال إن البيان الصادر عن الحكومة الذي أقر بسبب تحطم الطائرة كان مُشينًا، وتابع: "لا ينبغي أن يُلقى باللوم على الحرس الثوري بأكمله، كان بإمكانهم الإشارة إلى أنه كان خطأ أحد الأشخاص".

وتابع: "كان من الممكن أن تنتظر الحكومة شهرين أو ثلاثة أشهر قبل الإعلان عن السبب الحقيقي لتحطم الطائرة، كي تمنح الحرس الثوري المزيد من الوقت للحصول على الدعم الشعبي بعد مقتل قاسم سليماني".

قُتل قاسم سليماني، قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، في غارة أمريكية استهدفت موكبه في بغداد مطلع يناير الجاري.

وحسب التسجيل المُسرب، فإن القيادي في الحرس الثوري ندد بعدم اعتراف روحاني بالدور الذي لعبه الحرس الثوري في إجهاض الاحتجاجات المناهضة للحكومة العام الماضي.

يستغل روحاني هذه الفرصة جيدًا كي يحظى ببعض القوة والنفوذ في بلاده، يقول مايكل هورويتز، رئيس الاستخبارات في شركة لو بيك للاستشارات الجيوسياسية إن الحرس الثوري اكتسب نفوذًا أكبر بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، لذلك "سيعمل روحاني على استغلال هذه الفرصة كي يؤلمها".