سليمان شفيق
بوتين يغيير الدستور من اجل  البقاء في قمة السلطة بعد 2024
هل تتحول روسيا الي جمهورية قيصرية بوتينية ؟

أثار تعيين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأربعاء الماضي ميخائيل ميشوستين، الشخصية التكنوقراطية وغير المعروفة رئيسا للوزراء، تساؤلات حول خلفيات هذا القرار الذي يأتي في خضم إصلاحات واسعة، قال مراقبون إنها تمهيد لمرحلة جديدة ستدخلها البلاد بحلول 2024، حين سيكون بوتين ملزما دستوريا على ترك منصبه، وهو الذي يتربع على عرش السلطة في روسيا إما رئيسا أو رئيسا للوزراء منذ1999 .

أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأربعاء الماضي تعيين رئيس هيئة الضرائب الفيدرالية ميخائيل ميشوستين (53 عاما) رئيسا للحكومة، في ترجمة فعلية وفورية لما طرحه من إصلاحات دستورية.

وستتبع هذه الخطوة "إصلاحات دستورية" على رأسها تحديد الولايات الرئاسية، وتوسيع صلاحيات البرلمان، وفق ما أعلنه الرئيس الروسي، ما أثار تساؤلات عديدة حول طموحات بوتين ومشاريعه المستقبلية.

هذا، ودعا بوتين الحكومة المستقيلة إلى استكمال مهامها حتى تعيين الحكومة الجديدة، وقال إن رئيس الوزراء المستقيل ديمتري ميدفيديف سيتولى منصب نائب رئيس مجلس الأمن القومي الروسي.

وهذه أول مرة يقترح فيها بوتين تغييرات جذرية في دستور البلاد الذي تم إقراره سنة 1993. وتعتبر هذه الخطوات تمهيدا لسنة 2024 حين سيكون الرئيس الروسي (67 عاما) ملزما بمقتضى الدستور على مغادرة منصبه، بعدما تولى الرئاسة أو رئاسة الوزراء على نحو متواصل منذ1999 .

وفي نفس الإطار، قالت أنستاسيا كاشيفاروفا مستشارة رئيس البرلمان الروسي، إن الحزب الحاكم في البلاد "روسيا الموحدة"، قد وافق بالإجماع الخميس على ترشيح ميخائيل ميشوستين رئيسا للوزراء.

ولاحقا، صادق النواب الروس على تولي ميشوستين للمنصب غداة ترشيحه المفاجئ من قبل بوتين لتحقيق "تغييرات" في البلاد.

وقال رئيس مجلس النواب (الدوما) فياتشيسلاف فولودين إن "القرار اتخذ" لصالح ميشوستين بعد تصويت بأغلبية 383 صوتا دون اعتراض أي نائب فيما امتنع 41 عن التصويت، مضيفا "وحد هذا الترشيح الجميع".

ميخائيل ميشوستين:
ميخائيل ميشوستين هو مهندس ورجل اقتصاد أيضا، وقالت وسائل الإعلام العامة في روسيا إنه "الشخصية التي خدمت الدولة بفعالية"، واعتبرته قناة روسيا اليوم الرجل الذي ابتكر "أفضل نظام لتحصيل الضرائب في العالم".

هذا، وأشاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في تقارير المحادثات السنوية التي أجراها مع ميشوستين والمنشورة على الموقع الإلكتروني للرئاسة الروسية، بالنتائج التي حققها الرجل.

وبعد قضائه عامين على رأس صندوق استثماري في القطاع الخاص، تم تعيينه في 2010 رئيسا لدائرة الضرائب، ولطالما حرص ميشوستين، الذي يروج لرقمنة الاقتصاد في بلاده، على تشجيع إنشاء قاعدة بيانات مركزية كفيلة بتحسين كفاءة عملية تحصيل الضرائب وتكون في متناول باقي الإدارات.

وميشوستين متزوج ولديه ثلاثة أطفال، وكان قد التحق بالإدارة الروسية في 1998، وشغل منصب نائب الوزير المسؤول عن الضرائب، كما عمل في عديد الوكالات الحكومية. وهو يشارك الرئيس الروسي شغفه برياضة هوكي الجليد.

خلفيات تعيين ميشوستين:
وعن خلفيات تعيين ميشوستين، قال المحلل السياسي عمر محمد الذيب لفرانس24 إنه قد تم التحضير لكل هذه الإجراءات منذ فترة، مضيفا "إنها أول خطوة في مشروع انتقال السلطة في عام 2024. سيناريو نقل السلطة من بوتين لخليفته سيتم من خلال اختيار شخص من داخل النخبة الاستخباراتية العسكرية الروسية، يكون غير معروف وسيتم وضعه كرئيس للاتحاد الروسي مع ضمان سيره على خطى السياسات البوتينية في الداخل الروسي أو فيما يتعلق بالسياسة الخارجية".

وأضاف الذيب "لقد تم تقليل سلطات الرئيس من خلال تعيين رئيس الوزراء وحتى رؤساء الهيئات الفدرالية، سلطات نقلت إلى البرلمان الروسي الذي سيكون بوتين مسيطر عليه من خلال الحزب الحاكم روسيا الموحدة برئاسية مدفيديف والذي يمكن أن يترأسه بوتين لاحقا.

كما أشار محدثنا إلى أن ميخائيل ميشوستين هو "شخصية تكنوقراطية وليس لديه أي طموحات للرئاسة. لقد اختاروا شخصا يضبط إيقاع الدعم الشعبي للسلطة الذي تراجع مؤخرا لأسباب اقتصادية"ّ. مضيفا "سيكون أمام هذه الحكومة مهمتين: الأولى استرجاع الدعم الشعبي للسلطة، والثانية تسيير أعمال الحكومة حتى حلول الانتخابات البرلمانية القادمة.

بقاء بوتين بعد2024 :
يخطط بوتين للبقاء مهيمنا على الساحة السياسية فى بلاده بشكل أو بآخر حتى لو لم يكن هو ساكن الكرملين، هذه النوايا تكشفت مع الإعلان عن تعديلات دستورية كاسحة ينوى الرئيس الروسى إجرائها، وقد كان كثير من المراقبين يتساءلون ماذا سيفعل بوتين للبقاء بعد انتهاء مدته الرئاسية، وعن ذلك صحيفة "الجارديان" البريطانية تحدثت عن خطط بوتين، وقالت إنه يسعى لتعديل كبير فى قيادة روسيا بعد أن قبل استقالة حكومة رئيس الوزراء ديمترى  ميدفيديف، واقترح تعديلات دستورية تمكنه من التمسك بالسلطة حتى بعد مغادرته الكرملين

وقالت الجاريادن إن التغييرات التى أجراها بوتين قد أحدثت موجات من الصدمة بين النخب السياسية فى روسيا، التى كانت تتساءل عن نواياه وتتكهن بشأن مستقبل التعيينات الحكومية الجديدة.

وكان بوتين قد قال فى تصريحات اليوم الخميس، إن بلاده ستبقى جمهورية رئاسية، لكنها ستصبح أكثر انفتاحا مع زيادة أهمية البرلمان ومسئولياته.
وتقول الجارديان، إن بوتين يضع الأساس مع استعداد لانتقال فى 2024 ويقول المحللون إنه سيشهد على الأرجح تخليه عن الرئاسة مع استمراره مهيمنا فى روسيا، إما فى دور تعزيزى مثل رئيس الحكومة أو رئاسة مجلس الدولة الاستشارى.

وفى خطاب تلفزيونى أمام كبار المسئولين، اقترح بوتين تعديل الدستور الروسى، لقصر الفترات الرئاسية على اثنتين فقط، ويقيد متطلبات الإقامة المتعلقة بمرشحى الرئاسة، والسماح للبرلمان باختيار المرشحين لمنصب رئيس الحكومة والحكومة، أى أنه سيضعف الرئاسة.

وسادت حالة من الحيرة بين المحللين الروس بشأن نوايا بوتين. فقال المحلل فالير أكيمينكو، فى تصريحات حديث لشبكة سى إن إن: "لعل هناك مشروعا لتبادل الأدوار بينه وبين ميدفيديف مرة ثانية، إذ أن الأخير لم يعارض بوتين ولو مرة".

لكن أوليج إجناتوف، من مركز أبحاث السياسة الذى يتخذ من العاصمة موسكو مقرا له لفت إلى أن بوتين تحدث أيضًا عن تغيير الدور الدستورى لمجلس الدولة الروسى، وهو هيئة استشارية لرئيس الدولة، وقال إجناتوف للشبكة الأمريكية، إن هناك شائعات بأن بوتين قد يقود مجلس الدولة الجديد بدلا من أن يصبح رئيس الوزراء الجديد، وتابع: "إذا حدث ذلك، فمن المحتمل أن تكون كلمته هي الكلمة الأخيرة. وكل شىء سيكون تحت سيطرته.

وأشار الخبير الروسى، بحسب ما ذكر موقع "الحرة" إلى أن دور مجلس الدولة فى المستقبل غير معروف حاليًا، لكنه قد يكون محكمًا، مما يعنى أنه عندما يكون هناك نزاع، يمكن لمجلس الدولة أن يكون له الرأي النهائى. لكنه أعرب عن اعتقاده بأن تولى بوتين منصب رئيس الوزراء لا يزال أكثر احتمالًا.

ما ينوي فعلة بوتين اي انه سيظل متحكما في روسيا عبر منصب ومكانة جديدة عام 2024 اي وهو سيبلغ من العمر وقتها 71 عاما ، وهوسن مقبول لدي الروس بعد ان عاصروا القيصرية او الشيوعية التي لم ترتبط فيها المناصب بالاعمار، لتبقي روسيا جمهورية بوتينية.