"أنا شاب لكن عمري ألف عام، وحيد لكن بين ضلوعي زحام، خايف و لكن خوفي مني أنا، أخرس و لكن قلبي مليان كلام" هكذا كانت رباعيات فليسوف البسطاء لا تخلو من حكمة  أو طرفة، وكتب لمصر : على اسم مصر التاريخ يقدر يقول ما شاء, أنا مصر عندي أحب وأجمل الأشياء, باحبها وهي مالكه الأرض شرق وغرب, وباحبها وهي مرميه جريحة حرب, باحبها بعنف وبرقة وعلى استحياء".

كما وثق العديد من الأحداث الهامة مثل رثاء الشهداء خلال مظاهرات الطلبة في المنصورة،  ومذبحة بحر البقر التي كتب فيها: الدرس انتهى لموا الكراريس بالدم اللي على ورقهم سـال في قصـر الأمم المتــحدة مسـابقة لرسـوم الأطـفال إيه رأيك في البقع الحمـرا يا ضمير العالم.. يا عزيزي دي لطفـلة مصرية وسمرا كانت من أشـطر تلاميذي.. دمها راسم زهرة راسم رايـة ثورة راسم وجه مؤامرة".

البداية
اسمه محمد صلاح الدين بهجت أحمد حلمى، الشهير بصلاح جاهين، ولد فى 25 ديسمبر 1930 فى المنزل رقم 12 شارع جميل باشا فى حى شبرا جده هو المجاهد الوطنى الصحفى أحمد حلمى، المحرر الرئيسى لجريدة اللواء ورفيق كفاح الزعيمان مصطفى كامل ومحمد فريد، سجن بسبب مقاومته الاحتلال البريطانى وكرمته الثورة بأن أطلقت اسمه على شارع كبير بشبرا .

الوالد بهجت أحمد حلمى تخرج في كلية الحقوق وعمل بالسلك القضائى وله مواقف وطنية ضد المستعمر ومن خلاله تعلم صلاح حب الشعر والقراءة والوالدة أمينة المتعلمة المثقفة التى كانت تهوى نحت التماثيل الصغيرة من الطين كالسقا والمسحراتى والعمدة والخفير وشيخ البلد، وقد علمت ابنها الحروف والشخبطة والتلوين حتى تعلق بهذه المفردات.

الحياة العملية
حصل صلاح على التوجيهية من طنطا والتحق بكلية الحقوق وفق رغبة والده لكنه لم يستمر فيها وتركها بعد ثلاث سنوات ليتحول إلى الفن يلتحق بكلية الفنون الجميلة، وبدأ جاهين حياته العملية في جريدة بنت النيل، ثم جريدة التحرير وفى هذه الفترة أصدر أول دواوينه "كلمة سلام" في عام 1955وفي منتصف الخمسينيات بدأت شهرته كرسام كاريكاتير في مجلة روز اليوسف، ثم في مجلة صباح الخير التي شارك في تأسيسها عام 1957، واشتهرت شخصياته الكاريكاتورية مثل قيس وليلى، قهوة النشاط، الفهامة، وغيرها من الشخصيات.

ألقابه
لقبه العديد بـ"فيلسوف البسطاء، شاعر الثورات"، الذي عشق الكلمات فابتدع منها ما يعجز الخيال ‏عن مضاهاته، وأراد أن يرسم البسمة على وجوه البشر فأطلق ريشته تبتدع من الرسوم الكاريكاتورية ‏المعبرة بنكهة كوميدية تُحفر في ذهن الناظر، ملخصًا كل ما آل إليه بكلمة "وعجبي"، ووصفه الأدباء والمفكرون والفنانون بأنه المبدع الذي لا يتكرر.

مرحلة الاكتئاب
كانت حركة الضباط الأحرار وثورة 23 يوليو 1952، مصدر إلهام لجاهين، حيث قام بتخليد جمال عبد الناصر فعليًا بأعماله، فقد سطر عشرات الأغاني، لكن هزيمة 5 يونيو 1967م، خاصةً بعد أن غنت أم كلثوم أغنيته راجعين بقوة السلاح عشية النكسة، أدت إلى إصابته باكتئاب، هذه النكسة كانت الملهم الفعلي لأهم أعماله وأبرزها الرباعيات، التي قدمت أطروحات سياسية تحاول كشف الخلل في مسيرة الضباط الأحرار، والتي يعتبرها الكثير أقوى ما أنتجه فنان معاصر.

الليلة الكبيرة
في عا 1964 تولى رئاسة تحرير مجلة صباح الخير وظهر نبوغه كرئيس تحرير وشاعر ورسام وكاتب أغانى ومسرحيات للعرائس. فلم يكن صلاح جاهين مجرد شاعر موهوب بل كان عاشقا من طراز خاص كتب صورة غنائية بعنوان "الليلة الكبيرة" استقاها من جولاته فى قرى ونجوع مصر استوعب فيها طبيعة الموالد.

الأغاني الوطنية
قدم بعدها مجموعة من الأغانى الوطنية مثل "احنا الشعب" اتجه بعد ذلك إلى السينما وقدم أدوارا تمثيلية فى أفلام منها "الباب المفتوح" وكتب السيناريو لأفلام منها "خلى بالك من زوزو" الذى استمر عرضه عاما كاملا بالسينما، وعودة الابن الضال، المتوحشة، أميرة حبى أنا كما قدم مجموعة من الأغانى الوطنية التى الهبت حماس الجماهير فى فترات مختلفة منها أغنية السد، احنا الشعب، بالأحضان، والله زمان يا سلاحى، صورة وغيرها  دعاه محمد حسنين هيكل عام 1967 للعمل رساما للكاريكاتيربالأهرام واستمر يرسم الكاريكاتير الرئيسى بها طيلة عشرين عاما حتى رحل عام 1986.

أزمات سياسية
كانت رسومات جاهين الكاريكاتورية مؤثرة للغاية، لدرجة أنها تسببت أكثر من مرة في أزمات سياسية عديدة كان من أبرزها اختلافه مع الشيخ محمد الغزالي بالكاريكاتير عند مناقشة مشروع الميثاق في عام 1962، فاستباح طلاب الأزهر دمه وتظاهروا وتجمهروا أمام جريدة الأهرام.

كما أجرى معه المدعى العام الاشتراكي تحقيقًا بسبب كاريكاتير، انتقد فيه تقريرا حول نتيجة التحقيق في شأن تلوث مياه القاهرة..