محمد حسين يونس
العدوان و تدمير الأخر بواسطة الحروب .. عمل في غير صالح البشر الأسوياء بعد أن تطورت ادوات الجيوش في سحق العدو و أصبحت الصواريخ عابرة القارات تحمل الويل للمسالمين في أى بقعة علي سطح الكوكب .. كما لوكانت قدر أحمق ..

الجيوش تستهلك الأموال و الثروات .. لتمحو ما تعب الأخر في تشييده .. و كلفة الأسلحة لم تعد سهلة أو بسيطة .. فثمن كتيبة دبابات متوسطة الأضرار .. يكفي لتشييد عدة مدارس أو مستشفيات .. أما الصواريخ و الرؤوس النووية فقيمتها تعادل إقامة مدن كاملة ..

لذلك فعادة ما يقوم الساسة (العقلاء ) بالسيطرة علي كل من الإنفاق الحربي و إندلاع الحروب .. و حساب الأرباح و الخسائر بدقة قبل أن يأذنوا بخوض معارك جديدة .

أما عندما تدير الجيوش أوطانها .. فينطبق عليها المثل (( سلموا القط مفتاح الكرار )) تتغير الأولويات لتصبح إللي تعوزة المعركة .. يحرم علي التنمية ..

هذه العقلية التي تضع في إعتبارها أن قوة الأمة تنعكس من قدرة جيوشها .. و أن الحرب باكر .. و تسعي لها .. كانت السبب في تلويث للكوكب الذى نحيا فوقه .. و خلق بيئات غير مواتية لنمو الكالئنات المتزنه العاقلة .

أسلوب تعامل البشر مع الطبيعة .. يحتاج لتأمل .. فالطاقة الشمسية والرياح والأمواج وما فوق الأرض وما تحتها من كائنات وموجودات عليها أن تعزف لحنها في تناغم يقوده الإنسان (الذكي) ..فإذا ما كان إنسانا و عاقلا .. فهو لن يدمر المكان الذي يضمه بين إرجاءه ..

التكنولوجيا الحديثة قد تتسبب في مخاطر أبرزها الانفجارات الذرية والاحتباس الحراري .. والحروب المدمرة وتلوث المياه بالعوادم وبقايا الإنتاج الصناعي.و عدم الإتزان البيئي

والعجز عن ملاحقة التطورات الاجتماعية قد يتسبب أيضا في مخاطر أهمها تهميش النساء واضطهاد الأقليات والتعليم الموجه دينيا والفروق الطبقية الواسعة وكلها قضايا قد تستغرق عمر الإنسان ولا يشهد لها تقدما.

إهمال البشر أشد خطورة من كل كوارث الطبيعه .. .
وهكذا يقودنا التنوير إلى حظيرة العلم .. والعلم لا يوجد له تعريف دقيق ففي شرقنا العلماء هم رجال الدين .. في حين أن المخاطرة بارتياد المجهول وتقنينه وفحصه وترويضه في أوسع مجالاته الكونية أو في أدق عناصره النووية يحتاج إلى فكر مفتوح غير مقيد وغير مربوط بأوتاد تمنعه من التحليق بدعوى أنه مخالف للطبيعة أو الدين أو التقاليد أو المتعارف عليه .

كسر المألوف واستنباط طريق المستقبل من رحم الواقع هو هدف العلم .. الارتقاء بقدرة الإنسان على مواجهة الطبيعة والتحكم فيها والتقليل من عنفوانها وبطشها.

والعلم بهذه ألصورة يصبح الإنسان في بؤرة اهتمامه .. ماضيه وحاضره ومستقبله .. تاريخه ونظمه الاجتماعية والاقتصادية .. انجازاته ونكساته .. فلسفته وسفسطته .. من يحكمه وكيف يحكم .. كيف يكسب عيشه ويدير اقتصاديات مجتمعه .. علمه وغيبياته ... أساطيره ورواياته.. قوانينه وتمرده عليها .. قدرته وعجزه .. صحته ومرضه .. نجاحاته ومخاوفه..اختراعاته وتأثيرها المفيد أو الضار..

الإنسان كيف يأكل ويلبس وينمو ويمرض ويتطور ويندثر.. على العلم أن يكون هدفه تشريح هذا الكائن ومعرفة أدق تفاصيل تكوينه .. وان يزيد من وعيه وعمره حتى يصل إلى سن متوشالح فى سفر التكوين ... كائنا سامقا راقيا كما تخيله نيتشه وسماه.

التنوير عليه أن يزيل تراكمات البدائية على السلوك البشرى .. ويجلو عوامل النمو والبعث بعيدا عن تقاليد موروثة منذ زمن القبيلة جامعة الثمار او الراعية للإبل .. فإذا لم يقم بهذا .. فهو ليس تنويرا .. إنما هي خبطات عشوائية فاقدة للهدف.

التمرد جزء من التنوير..التغيير أساس التنوير ... والإبداع البشرى نتاج للتنوير..الفن والثقافة والتهذيب تنويرا ..

من حق الإنسان أن يستمتع بإبداع متقدم عصري مركب .. بعيدا عن الإبداعات البدائية البسيطة التي تحيط مجاميع عريضة من البشر...

التذوق للفنون علم .. يجب دراسته والتدريب عليه .. ورفع الذوق العام يحتاج لثورة لينقل الفن والإبداع من البسيط إلى المركب ومن المباشر إلى الحداثة والإبداع العصري.

القرن الحادي والعشرين على وشك استكمال عقده الثاني.. ولازال مطروحا أمام الإنسان الكثير ليخطو خارج البدائية والسذاجة ويتجه بخطى ثابته نحو تحقيق حلمه بالقدرة على مغالبة مقاديره .. والتحكم فيها.

القبيلة البشرية تتحرك بسرعة مذهلة غير مهتمة بمن يقف متعثرا في تراث من العادات والتقاليد والأفكار البدائية غير الصالحة لزمن أنار فيه العلم معالم الطريق ليطل لأول مرة على ملامح حياة غير مطروقة.

جنود التنوير في هذا الجزء التعس من الكوكب .. إذا ما استوعبوا هذا سيصبحون قادرين على أن ينتجوا ميثاقا جديدا لعقد اجتماعي عصري يحتوى عل خطط اللحاق بالركب .. كم هو حمل ثقيل ... ولكن تصدى له من قبل رجال ونساء من الشام ومصر والعراق والمغرب والسودان .. حققوا انتصارا كان من الممكن أن يستمر .. لولا بترول الوهابية .. وحروب القوميين في مصر والعراق .. وانقلابات وحكم العسكريين التي لم ينج منها شعب من شعوب المنطقة .

التنوير أصبح أهم من ناطحات السحاب و المفاعلات النووية .