إعداد/ماجد كامل
تحتل السيدة العذراء مكانة هامة ومتميزة في قلوب الأقباط ؛ ولهذا السبب أهتمموا ببناء العديد والعديد من الكنائس والأديرة علي أسمها الطاهر .وفي هذا المقال سوف نتتبع بعض هذه الكنائس في حدود المساحة المتاحة من المقال .

ومن أشهر الكنائس الأثرية التي علي أسم السيدة العذراء ؛ والتي يتوافد عليها الألاف من الزوار خلال موسم صوم العذراء ؛ هي كنيسة السيدة العذراء بالمعادي ؛ ولقد كتب عنها أبو المكارم في موسوعته الشهيرة عن تاريخ الكنائس والأديرة ؛ كما كتب عنها الرحالة الشهير فانسليب (1635- 1679 ) في كتابه "تقرير الحالة الحاضرة 1671 " فقال عنها " في دير العدوية الواقع بقرب النيل من جهة الشرق "كنيسة العذراء بصورة عجائبية لها " . ولقد عرفت هذه الكنيسة أيضا في كتب التاريخ بكنيسة "المرتوتي " وهي النطق العامي لكلمة "متيرتا" ومعناها أم الله الكلمة باللغة اليونانية .كما عرفت أيضا بكنيسة العدوية ؛ وفي أصل كلمة "العدوية " هناك رأيان ؛الرأي الأول يرجعها إلي أميرة مغربية سكنت في المنطقة في القرن العاشر ؛أما الرأي الثاني فيرجعها إلي أن السيدة العذراء قد عدت عليها وركبت مركبا وخرجت منها إلي الصعيد .ولقد كتب عنها الدكتور جودت جبرة في موسوعته الهامة "الكنائس في مصر " والصادر عن المركز القومي للترجمة تحت رقم (1844 ) فقال "تقع هذه الكنيسة في بقعة خلابة علي ضفاف نهر النيل نحو عشرة كيلو مترات جنوب منطقة مصر القديمة ؛وتعرف هذه الكنيسة بقبابها الثلاث المبنية علي هيئة خلايا النحل التي تعلو هيكلها ويحكي التقليد أن العائلة المقدسة أبحرت من هذا المكان إلي صعيد مصر .... وفي يوم الجمعة الموافق 12 مارس 1976 التقط أحد الشمامسة كتابا مقدسا عائما علي مياه نهر النيل .وكان الكتاب مفتوحا علي صفحة نبؤة أشعياء النبي مبارك شعبي مصر (أشعياء 19 :25 ) ويعرض الكتاب المطبوع حاليا في القسم الشمالي من الكنيسة. ويتحدث كل من المؤرخين أبو المكارم وأبو صالح الأرمني عن كنيسة السيدة العذراء المعروفة بالمرتوتي بمنطقة العدوية ؛ولقد قام جرجس الجوهري (توفي عام 1810 م) بترميم الكنيسة . وتم ترميمها كذلك في عهد البابا كيرلس الخامس (1874- 1927 )ومؤخرا في عام 1983 .وتفع الهياكل الثلاثة في الجزء الشرقي من الكنيسة ... وتصور معظم أيقونات الكنيسة القديسين ورسمها الفنان إبراهيم النقاش (الناسخ) .وتم ترميم النفق والسلالم المؤدية من فناء الكنيسة إلي النيل ".

أيضا من الكنائس الهامة التي تحظي بزيارة عدد كبير من البشر خلال موسم صوم العذراء .كنيسة السيدة العذراء بالزيتون ؛وبالرغم من أنها تعتبر كنيسة حديثة نسبيا إذ يرجع تاريخ أنشائها إلي عام 1925 ؛إلا أنها أخذت شهرة خاصة بسبب ظهور السيدة العذراء فوق قباب كنيستها في 2 أبريل 1968 ؛ وأعترفت الكنيسة القبطية بالظهور رسميا في 4 مايو 1968 .وقصة أنشاؤها كما وردت في التقاليد الشفوية المتوارثة أن السيدة العذراء ظهرت في حلم لتوفيق بك خليل صاحب الفيلا ؛ وكان ذلك خلال عام 1917 وطلبت منه بناء كنيسة علي أسمها ؛وأنها سوف تظهر علي قباب هذه الكنيسة بعد حوالي 50 سنة ؛وبالفعل بدأ العمل في البناء ؛ وعهد إلي المهندس المعماري الإيطالي ليمونجيلي بتصميم الكنيسة ؛ وحرص علي تصميمها علي نمط كنيسة أجيا صوفيا بالقسطنطينة حتي تم افتتاحها للصلاة رسميا في 29 يونية 1925 . وبغطي سقف قبة الكنيسة من الداخل صورة كبيرة للسيدة العذراء وهي ترفع يديها وكأنها تبارك الشعب . ولقد قام فريق عمل إيطالي بعمل تنظيف وصيانة لصور ولزينات الكنيسة خلال عام 2000 بمناسبة الاحتفال بمرور ألفي عام علي مجيء العائلة المقدسة إلي أرض مصر.

ومن أشهر مزارات الصعيد منطقة جبل الطير بسمالوط ؛ وهي أحدي المحطات الهامة في رحلة العائلة المقدسة إلي أرض مصر ؛ولقد عرفت المنطقة بجبل الطير لأن ألوفا من طائر البوقيرس تجتمع فيه ؛وهو طير أبيض الريش له منقار طويل بلون سن الفيل ؛ ولقد روي لنا أبو المكارم في كتابه "تاريخ الكنائس "أنهم وهم في النيل كادت صخرة كبيرة من الجبل أن تسقط عليهم ؛ ولكن الطفل يسوع مد يده ومنع الصخرة من السقوط فأنطبع كفه علي الصخرة ؛وصار الجبل يعرف بجبل الكف ؛والكنيسة التي بنتها الملكة هيلانة بأسم العذراء صارت تعرف بكنيسة "سيدة الكف". ولقد ذكره أيضا المقريزي فقال عنه " هذا الدير قديم ؛وهو مطل علي النيل ؛وله سلالم منحوتة في الجبل وهو قبالة سمالوط . كما ذكره الرحالة فانسليب فقال عنه "في دير البكرة نحو الشرق علي جبل الطير ؛ ودعي بكرة بسبب وجود بكرة بئر قريبة لرفع ماء النيل ؛كنيسة السيدة العذراء ؛الدير المذكور قائم في مكان منعزل علي جبل الطير وهو جبل صعب التسلق ؛ولقد رأيته وأنا مسافر علي النيل نحو الشمال من منفلوط ".

أما المزار الأشهر في الصعيد كله ؛فهو بلا شك دير السيدة العذراء بجبل أسيوط المعروف بأسم "دير الدرنكة " ؛ فهو يعتبر المحطة الأخيرة في رحلة العائلة المقدسة إلي مصر ؛ ولقد ذكره أبو المكارم في كتابه فقال عنه "دير علي أسم العذري الطاهرة مرتمريم يعرف بقرفونة " . ؛ ولقد ذكر المقريزي في كتابه "القول الابريزي للعلامة المقريزي" تحت كلمة "اديرة ادرنكة " (اعلم ان ناحية ادرنكة ؛وهي من قري النصاري الاصعايدة ؛ونصارها اهل علم في دينهم وتفاسيرهم في اللسان القبطي ؛ ولهم فيها اديرة كثيرة في خارج البلاد من قبليها) ؛ و"الادرنكة" هو النطق القديم لاسم قرية الدرنكة وتقع في قرية قرب اسيوط ويشتهر اهلها بزراعة الكتان ؛ والكمون ".

كما قال عنه تحت أسم "دير أبو مقروفة "هو منقور في لحف الجبل ؛وفيه عدة مغاير ؛ وهو علي أسم السيدة مريم ؛وبمقروفة نصاري كثيرة ؛غنامة ورعاة " . ولعل في تفسير كلمة أصل كلمة "مقروفة " أنها ترجع إلي الكلمة اليونانية Graphy ومعناه كتابة أو نساخة ؛حيث أشتهر أهلها بالعمل في نساخة الكتب .

أما عن مزارات الوجه البحري ؛ فهناك كنيسة السيدة العذراء بسخا بمحافظة كفر الشيخ ؛ وهي أحدي المحطات الرئيسة في رحلة العائلة المقدسة ؛وفي هذا المكان تمت طباعة كعب الطفل يسوع علي حجر ؛فعرف المكان بعدها بكعب يسوع ؛ ولقد ذكر المتنيح الأنبا غريغوريوس ( 1919- 2001 ) في كتابه عن دير المحرق عن هذا الحجر فقال عنه أنه كان عبارة عن قاعدة عمود أوقفت السيدة العذراء أبنها الحبيب عليه فغاص مشط قدمه في الحجر ؛وكان الناس يأتون من بلاد بعيدة يضعون في موضع القدم زيتا ويحملونه إلي أرضهم يتبركون به ؛ولما دخل العرب مصر خاف الآباء أن يأخذ العرب الحجر ويعتدوا عليه ؛ لذا أخفوا الحجر في مكان لا يعرفه أحد؛ ولقد ذكر الدكتور جودت جبرة في موسوعته عن الكنائس في مصر أنه قد تم العثور علي هذا الحجر بينما كان العمال يحفرون بالقرب من الكنيسة ؛ وكان ذلك خلال شهر أبريل 1984 . وحاليا يعرض هذا الحجر في صندوق زجاجي يلمسه جميع الزوار ويتباركون به .

وأخيرا نذكر كنيسة السيدة العذراء بمسطرد ؛ وفي هذا المكان قامت السيدة العذراء بتحميم الطفل يسوع ؛ ولذلك عرف هذا المكان بالمحمة أي مكان الاستحمام ؛ولقد ذكرها الرحالة فانسليب فقال عنها أنها كانت قبل مجيء المسيح هيكلا للأوثان التي سقطت علي الأرض فور وصوله ؛ ولقد رأي فانسليب في الكنيسة حجرين عليهما أشكال هيروغليفية ؛كما يوجد بها صورة عجائبية للسيدة العذراء ؛ ويؤكد فانسليب أنه بات ليلة في هذا الكنيسة يوم 15 نوفمبر 1664 لحضور القداس . ولقد تم تدشين هذه الكنيسة يوم 8 بؤونة عام 901 للشهداء الموافق 15 يونية 1185 م . ولقد ورد ذكرها في السنكسار القبطي ( وهو الخاص بتذكار موعد أعياد الشهداء والقديسين ) تحت يوم 8 بؤونة