بقلم : سليمان جودة 

ضحكت كثيرًا بينى وبين نفسى، وأنا أقرأ كلامًا لإسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسى لحركة حماس، التي تحكم قطاع غزة على حدودنا الشرقية، وتفصلها بالقوة عن الضفة الغربية منذ سنوات!.. الكلام يثير الضحك أكثر مما يثير أي شىء آخر، ولكنه «ضحك كالبكا» كما عاش الشاعر العربى القديم ينشد ويقول!.
 

يقول هنية إن صفقة القرن التي أعلنها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب في العاصمة الأمريكية واشنطون، الثلاثاء الماضى، والتى دعا إلى حفل إعلانها رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، وزعيم المعارضة في تل أبيب بينى جانس، هي صفقة لن تمر!.

ولا يقول رئيس المكتب السياسى لحماس، كيف سيفعل هذا، ولا كيف ستفعله الحركة التي يجلس على قمتها، ولا كيف سيقف هو في طريق الصفقة حتى لا تمر؟!.
 

ومما قاله الرجل أيضًا أنه يدعو حركة فتح في الضفة، ومعها جميع الفصائل الفلسطينية، إلى اجتماع في القاهرة، للبحث عن طريقة يمكن بها وقف الصفقة ومنع مرورها!!.. وهذا بدوره كلام آخر مضحك إلى حد البكاء، ولن يؤدى إلى شىء له قيمة في ميزان القضية!.

لماذا؟!.. لأن السيد هنية يعرف تمامًا كيف نشأت حركة حماس؟!.. ويعرف مَنْ بالضبط كان وراء نشأتها؟!.. ويعرف على وجه التحديد، حقيقة الهدف من وراء خروجها إلى النور.. يعرف هذا كله، ويعرف أن دعوته إلى اجتماع الفصائل الفلسطينية تحمل في باطنها أسباب ضرب قضيته وقضية كل فلسطينى في مقتل!.
 

إن الدعوة إلى الاجتماع معناها المباشر أن رئيس مكتب الحركة السياسى، لا يزال يرى الفلسطينيين فريقين: واحد في الضفة حيث يعيش ويحكم الرئيس محمود عباس، وفريق آخر في القطاع حيث يعيش ويحكم إسماعيل هنية نفسه!.
 

وقد كان هذا الانقسام هو الوقود الذي تتغذى عليه «صفقة القرن» منذ أن أطلق ترامب هذه العبارة في البيت الأبيض، قبل عامين تقريبًا.. وطوال الشهور التي كانت العبارة تختفى فيها وتظهر كان غذاؤها الوحيد تقريبًا، أن في الضفة حكومة، وفى غزة حكومة، وأنهما لا تتفقان على شىء، وأن عباس كان إذا أشار إلى طريق في اليمين، باعتباره الطريق الذي عليهم أن يمشوا فيه، فإن هنية يشير على الفور إلى طريق آخر في الشمال!.

فهل هناك طاقة للصفقة أقوى من هذا الوقود، وهل ستجد الصفقة أجواء أجمل من هذه للمرور إلى غايتها؟!.. لن تجد بالتأكيد!.
 

 الذي سيمرر الصفقة.. إذا كان لها أن تمر.. ليس ترامب، ولا نتنياهو، ولا جانس، ولكنه إسماعيل هنية!.. ومعه كل الذين أسسوا للانقسام، وحرصوا على الإبقاء عليه!.

نقلا عن جريدة : المصري اليوم