«ليس بوسعى إغفال هذا الجانب مهما كان حجم المرارة التى أتجرعها وأنا أكتب هذه السطور، وإن كنت أدعى أننى من أنصار الحقيقة فليس بوسعى أن أفعل خلاف ذلك، فمن واجبى أن أذكر زواجى فى سن الثالثة عشرة، بغض النظر عن الألم الذى قد أعانيه، حتى أنظر إلى الأطفال الذين تقترب أعمارهم من ذلك العمر ممن هم تحت رعايتى، وأتذكر زواجى، أشعر بالشفقة على نفسى وبرغبة فى تهنئتهم على النجاة من المصير الذى واجهته، فأنا لا أرى أى سبب أخلاقى يدعو إلى ذلك الزواج المبكر الذى ينافى المنطق»، بهذه الكلمات وصف المهاتما غاندى فى سيرته الذاتية وجهة نظره عن الزواج، لكنه فى نفس الفصل من المذكرات ذاتها أوضح أنه كان باراً بوالده ولكنه كان مولعاً أيضاً بالمشاعر الحسية ومع ذلك، كان عليه أن يتعلم أنه يجب التضحية بكل أنواع السعادة والملذات من أجل خدمة والده.

كان دائماً يشعرنا بالدفء.. ولم يتخلَّ أبداً عن إيمانه بالحقيقة والعدالة
«جدى كان دائماً يشعرنا بالدفء ولطيف مع جميع الأحفاد، أتذكر أنه أظهر حباً كبيراً لنا حينما كنا أطفالاً ويأخذ بأيدينا بقوة، واعتدنا إظهار حبنا واحترامنا أمامه، هذا الرجل العظيم أراد أن يجعل جميع الهنود سواء كانوا أغنياء أو فقراء، من العائلات المرموقة أو القرويين، المسلمين، الهندوس، المسيحيين، السيخ أو أياً كانت هويتهم أو ديانتهم ومرجعيتهم، فى أسرة واحدة، لقد أعطى وقته للجميع» حسب حديث راجموهان، حفيد المهاتما «غاندى» لـ«الوطن»، مضيفاً أن مواقف «غاندى» ضد الاحتلال البريطانى جعلت السلطات البريطانية تحكم عليه بالسجن ست سنوات ثم عادت وأفرجت عنه فى عام 1924، حيث يقول «راجموهان» إن جده كان فى كثير من الأحيان يسجن من قبل البريطانيين، أو السفر إلى مناطق الصراع لتحقيق المصالحة لذلك لم يتمكن أفراد الأسرة أن يقضوا وقتاً كافياً معه كما يحلو لهم.

«غاندى» لم يكن مجرد جد لأحفاده بل كان قدوة لهم مثلما كان لأبناء الهند، حيث يؤكد «راجموهان» أنه تعلم من جده الشجاعة وأن يظهر اللطف حينما يتحدث حتى مع أشخاص غير مهذبين أو غاضبين منه. يسترجع حفيد «غاندى» ذكرى له معه، فيقول: «لقد سخر منى عندما كنت فى سن الحادية عشرة حينما ظهرت بنظارات جديدة، وقمت بالرد عليه ببعض السخط، حيث قلت (أنت تعرف أن لدى عيوناً بحالة سيئة، كنت بحاجة إلى نظارات جديدة) فأجاب بابتسامة (هل كنت بحاجة إلى إطار جديد أم عدسات جديدة فقط؟)، ووضع يده على رأسى». وعن الذى تعمله «راجموهان» من جده يقول: «تعلمت الصبر فقد كان خير مثال على الإنسان الصبور الذى يتحمل أى ظروف، والرغبة فى التواصل مع الآخرين فى الفريق، وأتذكر نصيحته بأنه إذا كان هناك أى ظلم أرفع صوتى ضده، وعلمنى ألا أخاف ولا أخيف أحداً، ولا أكره أى إنسان».

ويختتم راجموهان غاندى حديثه لـ«الوطن»: «فى حياته حقق نتائج رائعة بسبب كل أولئك الذين قاتلوا إلى جانبه، أو الذين قاتلوا من قبله، إذا كان حياً اليوم، فلن يهزم عنف اليوم بنفسه، كان يحتاج إلى جيش من زملائه المقاتلين، لن يتخلى أبداً عن إيمانه بالحقيقة والعدالة والله أو فى إخوانه من البشر».