بقلم الأب أثناسيوس حنين
المحبة أقوى من الموت ’ ولأننى أحببتك فأجترئ أن أؤبنك حيا ’ لأن مدح الأحياء ممنوع فى تراثنا !!! ’ لأنى بت على قناعة أنك قد مت ’ روحيا ’ وحياتك صارت مستترة فى المسيح الذى ملك عليك كيانك وقادك ويقودك’ مع حفنة من خيرة شباب وصبايا مصر والمهجر ’ حينما شخت ’ مع بطرس ’ الى حيث لا تشاء ’ بعد أن كدت تمنطق ذاتك ’ صبيا شابا ’ وتمضى حيث تشاء ! لقد عاشرت الكبار من جماعتنا يوما ولم ترضخ للوعود والا كنت اليوم من ذوئ الشأن ! أعرف أن أمورا كثيرة فى الكنيسة ’ أورشليمنا وأمنا جميعا ’ قد صدمتك مع باقة من رفاقك ’ وقررتم أن تقتحموا الواقع المسيحى الباهت بالانجيل ’ بعد أن سحرتكم رسالة المسيح وأمسكت بتلابيبكم كلمة الحياة ’ فصرتم تاشترونها ’ ببساطة مذهلة وعفوية مدهشة ’عبارات سهمية وتلغرافية لا يفهمها الا الواصلون ’ وربما يتعثر فيها المبتدئون ! أمثالى ! انجرحت لأنك عود طرى متشددا فى الصدق ’ ملحا فى النزاهة ’ مفرطا فى العطاء ’ دائم الذهول أمام بلورية الأبرار’ شاكا وشاكيا وناقدا لكل مقولات التاريخ الوضعى لكى ما تتأمل فى تاريخ الروح فقط ! لأن التاريخ ’ عندك وعند رفاقك ’ ليس بحثا بل تبتلا ’ ليس لغوا بل تسبيحا ’ ليس كذبا بل صدقا ’ ليس وثنا بل مسيحا ! باح لى صديق مشترك بأنه قد طرق باب قلبك فى عوز طارئ ’ فأعطيته ’ مع زوجتك ’ كل ما تملك فى سيمفونية عطاء منقطعة النظير ! وأنقذته من كارثة عائلية ! الرب يملاء مخازنكم بالخيرات الأنية والأتية .وبالرغم من كل الخيبات الزمنية ’ تبقى على الضياء الانجيلى الربانى السماوى الواقف على ارض الواقع .
 
مشكلتنا معك يا صديقى أنك تحيا ما تقول ! وتمطرنا كل يوم بهذه العبارات السهمية المتناهية فى البساطة’ شكلا ’ والغويصة والعويصة والعميقة موضوعا . أنت لم تخترع شيئا من عندياتك ’ أنت ابن تراث عميق ’ اذا اعتاد المسيحيون الأكابر أن يقولوا أقوالا صارت مأثورة لأنه فى الواقع كانت أفعالا ’ وسماها تراثنا (الابوثيجمتا أى أقوال الشيوخ ) وصارت درسا كبيرا فى علم الباترولوجى .
 
لم يكن كبارنا فى الروح قد اصابهم هذا الوباء المنتشر اليوم وهو (الاسهال الكلامى !) حسب تعبير أحد مستنيرينا ويسكن الأن الأحضان الأبوية . لقد صار عندك وعند رفاقك الحب الكبير هو فقط الهام المعرفة أو ينبوعها .
 
أنتم لستم نساطرة النية انفصاميون وشيزوفرونيون ولا مونوفيزى الرؤية اختلاطيون ومشوشون وتائهون ’ ولا غنوسيون عقلانيون بل مستقيمى الرأى أرثوذكسيون ’ كما أنكم لستم من تلاميذ مدرسة (السولا اسكربتورا) ولكنكم موحدون الكلمة وتاريخها وأسباب نزولها ’ بين القلب والعقل ’ بين الروح والجسد ’ بين السماء والارض ’ بين الكلام والفعل ’ بين المسيح وأخوته الأصاغر ’ وبين التراث والمعاصرة .
 
نعم ’ تريدونها مسيحية نقية بلا غضن ولا شائبة ولا شئ من هذا ’ وكنيسة عفيفة ونقية كعروس مزينة لعريسها وتشاركون فى تهييتها وتزيينها ’بطرق وأنواع ووسائل متعددة ’ لعريسها ! أنتم من مدرسة الأنبياء الذين اذا احبوا الرب غضبوا ! غضبوا ’ من كبارنا ’ الذين تأسرهم منافع الدنيا فى دينهم ’ وأنتم تريدون هذه الدنيا ما تيسر لها على صورة الملكوت ! ماذا يبقى لابناء الأنبياء الا أن "يهدموا ويبنوا ويقتلعوا ويغرسوا " ’ ماذ يبقى لابناء السيد الا أن يأخذوا السوط ’ سوط الكلمة ’ ويضربوا الصيارفة وباعة الحمام اذ لا مبيت لهم فى بهاء الوطن المرتجى ’ والكنيسة ’ مطرح الاطلالات على الجمال الأنى والأتى !
صديقى ناجى
 
قبل أن اعرفك حق المعرفة ’ أنت ورفاقك ’كنت أظن أن السماء تجيئنا فقط من أبواب حددتها لنا الشريعة والماضى الغابر ! ’ غير أنى أدركت بك وبرفاقك ’ وعن خيرة ’ أن السماء تهبط ’ فى الحاضر العامر ’ حيث تريد ولا تستشير ’ وأن الروح يهب حيث يشاء ولا يأخذ أذنا من أحد . أنتم ’ وعن حق كبير ’ تقاومون التشنج التقوى ’ وترفضون الجفاف اللاهوتى وتتنصلون من العصبية القومية . وهل سيدكم شيئا غير ذلك ! دمت للمسيح .تحياتى للزوجات الفاضلات اللواتى يقفن خلفكم ويدعمون أنينكم ويحتضن أشواقكم ويفلترن مخاضكم ويشاركونكم نعمة العطاء ’ ولاولادكم الدعاء ان يصيروا كغروس الزيتون حول موائدكم العامرة دوما .