كتب - أحمد المختار

 
في مثل هذا اليوم الموافق " 3 فبراير " من كل عام ، تحل ذكري وفاة احدي أعمدة مصر في العصر الحديث " السيدة أم كلثوم " كوكب الشرق ، التي رحلت منذ 45 عام و بالتحديد عام 1975 ، لكنها مازالت حاضرة و بقوة في قلوب و آذان محبيها بما تركته من إرث غنائي يصلح لكل زمان حتى الآن و رغم التطور المعلوماتي الكبير الذي نشهده في حياتنا ، ما زالت تتربع في قلوب المصريين و سمعتها الكبيرة أيضاً خارج مصر ، فشمسها لم تغيب و لن تغيب في المستقبل المنظور ، و هنا نحاول جاهدين ذكر أهم المحطات في حياة احدي سيدات مصر العظيمات .
 
بدايات أم كلثوم 
وُلدت " فاطمة إبراهيم السيد البلتاجي " الشهيرة بأم كلثوم عام 1898 في محافظة الدقهلية بالدلتا ، حيث نشأت في بيئة فقيرة لأب كان يشغل وظيفة " إمام جامع " القرية ، حيث بدت عليها علامات النبوغ في الطرب ، فبدأت في عمر صغير التجوال مع والدها مؤدية الأغاني في الأعراس و منشدة الآيات القرآنية في المناسبات الدينية ، و كان والدها يقدمها على أنها صبي كونه لا يُسمح " للمرأة " أن تقرأ القرآن علنًا في المناسبات ، في عمر السابعة بدأ يذيع صيتها و أخذت تغني في منازل الأثرياء الذين أُعجبوا بقوة صوتها و أدائها لدرجة أنها حصلت في إحدى المرات على " 10 قروش " كإكرامية = نصف مرتب والدها حينها ، و في عمر السادسة عشر لاحظ موهبتها المغني الشهير " أبو العلا محمد " و عازف العود " زكريا أحمد " ، و الذي دعاها إلى القاهرة .
 
انتقلت مع عائلتها إلى القاهرة عام 1923 ، لتبدأ حياتها المهنية ، و بدأت بأخذ دروس الموسيقى مع أساتذة خصوصيين " أمين بيه الهادي " معلم العود ، لأن " النادي الموسيقي الشرقي " بالقاهرة لم يكن يقبل " إناثاً " بين طلابه في ذلك الوقت .، حيث أشرف أمين بيه المهدي على تعليمها العود ، و في البدء لقبها سكان القاهرة بـ " البدوية " نظرًا لخلفيتها الريفية ، و في عام 1924  ، تم تقديمها إلى الشاعر " أحمد رامي " ، الذي تولى بدوره تعليمها أصول اللغة و الشعر ، فتحسن مستواها ، و مع رغبتها الشخصية في التطور تعلمت أسلوب حياة العيش في المدينة ، من خلال اختلاطها بسيدات الطبقة العليا ، من خلال حفلاتها ، و غيرت من مظهرها و أسلوبها .
 
السينما 
ظهرت " أم كلثوم " في أول فيلم سينمائي لها عام 1936 " وداد " و قامت ببطولته ، و تلتها خمسة أفلام أخرى قدمت فيه الأغاني المميزة لكبار الملحنين و آخرها عام  1947 في فيلم " فاطمة " ، و هو آخر ظهور لها في السينما ، والأفلام هي " عايـدة - نشيد الأمل - سلامة - دنانير" .
 
الزواج و الحب 
ارتبطت " أم كلثوم " خلال مسيرتها بعدد كبير من الرجال ، و وصل الأمر للزواج ، لكن يعد من يعرفه الجميع الزيجة الأخيرة لها من طبيبها المعالج . 
1 - " الشيخ عبد الرحيم " تزوجها بشكل صوري ، حتى تتمكن من السفر للعراق لإحياء 4 حفلات هناك تحايلاً علي القانون ، و استمرت الزيجة ثلاثة أسابيع .
 
2 - " الشاعر أحمد رامي " كان يعشقها بجنون ، و كانت كتاباته و أشعاره عبارة عن ما يشعر به تجاهها ، لكنها لم تستجب لحبه ، فاضطر للزواج من إحدى أقاربه ، و ردت في احدي اللقاءات التلفزيونية عن هذه النقطة قائلة : " أعلم أن رامي يعشقني ، و كتب في من القصائد ما لا كتبه شاعر قديم في حبيبته ، لكني لو تزوجته ستنطفئ نيران الشعر في أعماقه " .         
 
3 - " الموسيقار محمد القصبجي " جسد عشقه هذه المرة في ألحانه ، و جلوس خلفها على كرسي خشبي و في يده العود ، فعاش صامتًا في حبه .
4 - " شريف صبري باشا " شقيق الملكة نازلي ، حاول الزواج منها لكن عائلته رفضت هذه الزيجة بشدة مما جعله يتراجع عن قراره ويبتعد ، و عاد مرة أخرى ليطلب منها الزواج لكن بشكل سري وهو ما رفضته " أم كلثوم " .
 
5 - " طبيب الأسنان و الملحن أحمد صبري النجريدى " ، دفعها لارتداء الفساتين و التخلص من العقال ، و طلب الزواج منها ، لكن والدها رفض طلبه ، و شعر " النجريدي " بالإهانة فانسحب من حياتها .
 
6 - " الملحن محمود الشريف " ، نشأت بينهما قصة حب كبيرة في منتصف الأربعينيات ، و انتهت بالزواج لكنه لم يستمر سوى أسابيع قليلة ، حيث طلبت الطلاق منه بعدما فوجئت بأنه لا يزال محتفظاً بزوجته الأولى .
7 - " الكاتب الصحفي مصطفى أمين " ، ظن البعض أن العلاقة بينهم توقفت عند حد الصداقة ، إلى أن الدكتورة " رتيبة الحفني " أكدت زواجهما بعقد عرفي ، لمدة 11 عام ، و بعد القبض على " مصطفى أمين " فى قضية " التخابر " بعد تفتيش مكتبه فى صحيفة أخبار اليوم ، عُثر على عقد الزواج و خطابات غرامية من " أم كلثوم " ، ضمن أوراقه .
 
8 - " الدكتور حسن الحفناوي " ، كان يصغرها بـ 17 عام ‏، و تزوجت منه بشكل مفاجئ ، لرغبتها في الاحتفاظ به كطبيب خاص طول الوقت ، و استمر زواجها منه حتى وفاتها .
 
سخريتها من إسماعيل يس 
عندما كانت في إحدى زياراتها لمدينة"  الإسكندرية " برفقة " أحمد رامي و رياض السنباطي " قابلوا بالصدفة ، نجم الكوميديا " إسماعيل ياسين " داخل صيدلية في محطة الرمل .
حيث كان يقف بجانب ميزان فسألته أم كلثوم عن وزنه فأجابها ضاحكاً : " زي الفل 78 كيلو فقط لا غير " ، حينها اندهشت و قالت له : " مش معقول .. لازم اتوزنت من غير بؤك " فضحك الجميع ، و يبدو أن فنان الكوميديا أصر على أن يرد لها المقلب ، فطلب منها أن تزن نفسها وألح في طلبه ، غير أنها رفضت ذلك بضغط من " أحمد رامي " لمعرفته بنيته الانتقام منها ، و عندما لاحظ النجم الكوميديان ترددها قال لها : " أكيد سبتي صوتك في مصر و خايفة توزني نفسك من غيره " فانفجر الجميع بالضحك .
 
الخلاف مع العندليب عبد الحليم حافظ 
حيث قال " حليم " في احدي حفلات عيد الثورة أمام جمال عبد الناصر ، : " لقد شرفتني السيدة أم كلثوم بأن اختتم حفلاً غنت فيه ، و في الحقيقة أن ما حدث يعتبر مقلباً بالنسبة لي " ، حيث كانت قد سبقته بالصعود على المسرح والغناء .
و بحسب روايات عديدة ، هذا التصريح كاد أن يكلف " عبد الحليم حافظ " مشواره الفني ، بعد تلقيه تهديدات من بعض أفراد مجلس قيادة الثورة ، بضرورة الاعتذار لها ، و هو الأمر الذى سارع به " حليم " بفعله ، و ذهب إلى منزلها و اعتذر لها قائلاً : " أنا لم أخطئ ، بل بالعكس كنت أمجدك و في النهاية أنا مثل أخوكي الصغير " ، وهنا قاطعته : " اخرس أنت فاكر نفسك صغير ، أنت عجوز " ، ثم ابتسمت . 
 
منعها من الغناء فى الإذاعة
كانت تغني دائماً لثورة يوليو ، إلا أن رجال الثورة اعتبروها ضمن حاشية " الملك فاروق " ، خاصةً بعد غنائها له ، و من هنا كان بداية طريق القضاء على أم كلثوم ، فتم منع إذاعة أغانيها من قبل الضابط المشرف علي الإذاعة و طردها نهائياً من منصب " نقيبة الموسقيين " باعتبارها " مطربة العهد البائد " ، حتى وصل الخبر إلى جمال عبد الناصر و ألغى القرار . 
 
الجوائز 
نالت وسام الكمال من الملك فاروق ، و في عام 1968 حصلت على جائزة الدولة التقديرية ، و حصلت على وسام النهضة الأردني و نيشان الرافدين العراقي و وسام الاستحقاق السوري و وسام نجمة الاستحقاق الباكستاني ، و وسام الجمهورية الأكبر من تونس عام 1968 ، و وسام الكفاءة المغربي ، كما تم انتخابها كعضو شرف في جمعية " مارك توين " الأمريكية الدولية عام 1953  و منحتها مصر جواز سفر دبلوماسي في نفس العام .