لم يكن اللواء حسن ناجى، نائب رئيس حزب الحرية المصرى، الذى توفى، مساء الثلاثاء الماضى، بعد أن سقط به مصعد كهربائى خلال افتتاحه أحد مقرات حزبه بالسويس، هو الضحية الأولى لحوادث «الأسانسيرات»، فقد سبقه ضحايا كثيرون، فى ظل غياب اشتراطات التشغيل والسلامة بالمصاعد.

ومن الحوادث المفجعة التى تداولتها وسائل الإعلام مؤخراً، حادثة مصرع الطفلة «جنى» التى كانت تبلغ من العمر عامين ونصف، خلال صعودها مع أهلها «الأسانسير» الخاص بالعيادات التابعة لمستشفى كفر شكر المركزى بمحافظة القليوبية، بعد أن انزلقت بين المصعد والحائط ولقيت مصرعها فى الحال.

وحصد حادث سقوط أسانسير بمستشفى بنها الجامعى بمحافظة القليوبية، أوائل عام 2018، 7 أشخاص لقوا مصرعهم إثر سقوط الأسانسير من الدور السابع، وكان من بين الضحايا صبى عمره 16 سنة، وسيدة عمرها 71 سنة، وقد اتضح بعدها أنه سبق تحرير محضر سلامة وصحة مهنية ضد المستشفى يشير إلى عدم وجود تقارير فحص وصيانة دورية للأسانسيرات.

وأدى غياب باب المصعد فى إحدى العمارات السكنية بمدينة طلخا بالدقهلية إلى مصرع طفل عمره ثلاث سنوات فى أواخر 2017، وكان قد سبقه طفل آخر، عبدالله أحمد إبراهيم موسى (15 عاماً)، الذى سقط من الأسانسير من الدور العاشر إلى الأرضى بمجمع للأيتام بنفس المدينة.

ولا تزال ذكريات سقوط مصعد إحدى شركات النقل الحكومية بمجموعة من العاملين عالقة بذهن «ح.م»، الموظفة السابقة بإحدى شركات النقل الحكومية، التى سقط بها الأسانسير مع 6 من زملائها منذ 4 أعوام، قبل خروجها على المعاش، وأحدث بهم إصابات متفاوتة، كانت أشدها من نصيب مديرتها التى اضطرت لتركيب شرائح ومسامير، فيما أُصيب عامل الأسانسير بكسر فى ذراعه، وأصيبت هى بتآكل حاد فى الغضاريف ما تزال تعانى من آثاره للآن، بينما سقط شفاط الأسانسير على وجه زميلة أخرى لها وأحدث تشوهات به، ناهيك عن الآثار النفسية للحادث.

مشرف صيانة: سوء التصنيع والتركيب وتهالك أجزاء المصاعد وغياب الصيانة وراء الحوادث
ويقول المهندس محمد محسن، مشرف عام أعطال وصيانة بإحدى المؤسسات، إن هناك الكثير من الأسباب التى تؤدى إلى سقوط المصاعد بعيداً عن سوء استخدام المواطنين لها، وإنه توجد وسائل حماية بالمصعد حتى فى حالة انقطاع السير، حيث توجد أجزاء فى المصعد وظيفتها هى عمل إيقاف تلقائى فى حالات السقوط الحر، مشيراً إلى أن أسباب السقوط تنحصر إما فى سوء التصنيع أو تهالك أجزاء المصعد وسوء التركيب، وأن بعض الأجزاء تحتاج إلى تغيير بشكل دورى وفى فترات محددة، مشيراً إلى أن الالتزام بهذه التعليمات غير متبع بشكل منظم، وأنه فى حالة تنبيه الشركات التى تتولى الصيانة بتغيير بعض الأجزاء من دون استجابة من العملاء يكون على الشركة أن تسلم العميل تقريراً بإخلاء مسئوليتها عن أى أضرار مادية أو حوادث قد تحدث، لعدم التزام العميل بتوفير قطع الغيار والأجزاء المطلوب تغييرها فى المصعد.

ينبغي تغيير الحبل كل 6 أو 7 سنوات
ويوضح «محسن» أن المصعد يجب أن يكون به جهاز يسمى «باراشوت» به حساسات ميكانيكية يتم ضبطها على السرعة المحددة للمصعد، هذه الحساسات تعمل فى حالات النزول فقط للمصاعد، وأنه فى حالة انقطاع الحبل لأى ظرف طارئ فإن الجهاز يصدر أمراً بوقف المصعد، حيث يوقف عمل المحرك ويطلق «كلابشات» تمسك فى الجدران والأعمدة بالمبنى فتحول دون سقوط المصعد وحماية المواطنين داخله، ولكن هذا الجهاز لا يهتم بتركيبه كل المواطنين من السكان وإذا تم تركيبه فإنهم يهملون تجديده وصيانته والتأكد من عمله بأداء جيد، متابعاً: «مش بس الناس بتهمل فى الجهاز ده اللى اسمه باراشوت، لا ده كمان فى الحبل اللى المفروض يتغير كل 6 أو 7 سنوات».

ويضيف أنه فى بعض الأحيان تكون أجزاء المصعد التى يتم تركيبها غير مطابقة للمواصفات وتكون أقل كفاءة من الأجزاء الأصلية ما يسبب احتمالية سقوط المصعد، وخاصة مع الاستخدام السيئ وزيادة الحمولة التى تؤدى إلى زيادة عامل الاحتكاك وتلف أجزاء المصعد بصورة أسرع، معلقاً: «بس حتى الحمولة الزائدة اتعالجت بأدوات ذكية تطلق صفارة إنذار فى حالة الحمولة الزائدة والأسانسير ما يطلعش إلا لما الحمولة تتظبط، ولو فيه واحد راكب زيادة لازم ينزل».

ويقول يسرى سيف، صاحب إحدى شركات تركيب المصاعد بالقاهرة، إن أغلبية حوادث سقوط المصاعد تعود إلى عيوب فى التركيب، مؤكداً أن كون المصعد يعمل لا يعنى أنه تم تركيبه بشكل صحيح وسليم، لأنه أحياناً يكون المصعد يتحرك بصورة عادية رغم وجود خطأ فى تركيبه يمكن أن يؤدى إلى كوارث على المدى البعيد.

صاحب شركة: عمر المصعد فى الخارج من 5 إلى 6 سنوات ودورة الصيانة كل 15 يوماً.. ونحن مازلنا نعمل بتكنولوجيا قديمة تجاوزها الزمن
ويتابع «سيف»: «الدول التى صنعت المصاعد فى الخارج تقول إن عمره من 5 إلى 6 سنوات ويتم تغييره بالكامل، ولكن لأن عندنا فى مصر الحالة الاقتصادية سيئة جداً لا يلتزم الناس بهذا التغيير المكلف، ويظل الأسانسير عشرات السنين»، مشيراً إلى أن الذى ينفق على تغيير المصاعد وتجديدها هو شركات التأمين، ولكن هذا الأمر يحدث فقط فى الدول الغربية التى تلتزم بمعايير الأمن والسلامة، موضحاً أن دورة الصيانة تكون كل 15 يوماً، وهذا عندما يكون المصعد تم تركيبه بشكل صحيح وكل أجزائه مصنّعة وفقاً للمواصفات العالمية، ولكن فى مصر لا تحدث الصيانة الدورية، وفى كثير من الأحيان يأتى فنى الصيانة عندما تحدث أعطال فى المصاعد فقط، وليس بمواعيد ثابتة ودورية لتجديد بعض أجزاء المصاعد من دون أن تتعطل تماماً، لأن لها وقتاً محدداً ولا بد من تغيرها فيه وليس الانتظار لحين تعطل المصعد أو حدوث مشكلة، كأحبال المصاعد التى من المفترض أن يتم تغييرها بالكامل كل 4 سنوات، مناشداً المواطنين ضرورة الالتزام بالصيانة الدورية وعدم التكاسل فى تغيير قطع غيار المصعد وعمل دورات الصيانة فى موعدها.

ويضيف «سيف» أن الكثير من تركيبات المصاعد فى البنايات الحديثة لا تتم بشكل صحيح بل وحتى المصاعد نفسها تكون خاماتها أقل كفاءة من المصاعد المطابقة للموصفات، معلقاً: «يعنى لما يكون عندى عمارة 12 دور وتسأل على تركيب أسانسير يقول لك مليون جنيه وبعدين تلاقى حد يركبهولك بـ150 ألف جنيه بس، ده هيكون معناه إيه غير إن الخامات أقل فى الجودة»، مشيراً إلى أن تكنولوجيا المصاعد الموجودة حالياً؟! تم إلغاؤها فى الدول الغربية المتقدمة منذ نحو 15 عاماً، وأنها فى مصر تعمل بالتكنولوجيا القديمة، حيث فى الخارج استحدثوا طرقاً جديدة فى عمل المصاعد بضغط الهواء بدون محرك يعلق فى الأعلى ويقوم بسحب المصعد بالطريقة التقليدية، معلقاً: «يعنى احنا كده شغالين بعربية كارو مقارنة بالدول المتقدمة، وعدد الحوادث اللى بتحصل دى نحمد ربنا عليها مقارنة بمستوى جودة المصاعد اللى عندنا، واللى فيه منها قديم بقاله سنين طويلة ومش بيتجدد».

وكشفت بنود القانون رقم 119 لسنة 2008، الخاص بتركيب أصحاب العقارات للمصاعد والحصول على تراخيص باستخدام هذه الخدمة، عن وجود عدد من الشروط الهامة والإجراءات التى يجب أن يقوم بها صاحب العقار، وتتوافر لديه، ومنها أن يكون الحصول على تراخيص تركيب المصعد لمالك العقار أو وكيل أعماله بموجب توكيل رسمى، أو تُمنح التراخيص لرئيس اتحاد الشاغلين، وعدم وجود مخالفات أو مستحقات متأخرة، وفى حالة المبانى التى تستوجب تركيب عدد من المصاعد بالمبنى الواحد يلزم تقديم عقد مصاعد لحساب قيمة تكاليف المصعد تُحسب ضمن رسوم ترخيص المبنى، وعلى المستفيد أن يقوم بملء النموذج الخاص بالخدمة، وسداد رسوم المعاينة وتسديد الرسوم مقابل الحصول على رخصة تركيب المصعد. وحددت بنود القانون إجراءات الجهة المقدمة للخدمة، بواسطة الإدارة المختصة وهى التى تعتمد التأشيرة إذا تم قبول الطلب، وتحدد بعده الرسوم المستحقة، أو تقوم برفضه إن وجدت مخالفة.