كتبت - أماني موسى
يوافق اليوم 20 فبراير ذكرى اغتيال بطرس باشا غالي، على يد إبراهيم ناصف الورداني عضو الحزب الوطني، حيث قام الأخير بإطلاق ست رصاصات أصابت اثنتان منها رقبته على بطرس غالي أمام وزارة الحقانية في الساعة الواحدة ظهرًا بتاريخ 20 فبراير عام 1910.
 
كان إبراهيم الورداني شابًا في الرابعة والعشرين من عمره، درس الصيدلة في سويسرا لعامين، ثم سافر إلى إنجلترا فقضى بها عامًا آخر حصل خلاله على شهادة في الكيمياء وعاد إلى مصر في يناير 1909م ليعمل صيدلانيًا وكان عضواً في الحزب الوطني، وعندما ألقي القبض عليه أقر أنه قتل بطرس غالي لأنه "خائن للوطن"، وأنه غير نادم على فعلته، وأصر على أقواله تلك في المحكمة.. نورد بالسطور المقبلة أبرز المعلومات حول قصة الاغتيال الأشهر بمصر.
 
وُلد بطرس باشا نيروز غالي عام 1846، وتوفي في 20 فبراير 1910، وهو رئيس وزراء مصر من 12 نوفمبر 1908 إلى 1910. والده نيروز غالي كان ناظرًا للدائرة السنية لشقيق الخديوي إسماعيل في الصعيد، تلقى تعليمه في كلية البابا كيرلس الرابع.
 
لم يكن اغتيال بطرس غالي باشا، رئيس وزراء مصر، مجرد حادثة اغتيال عادية، بل كان خبرًا تحدثت عنه البلاد بطولها وعرضها، كونها أول عملية اغتيال لمسؤول مصري في التاريخ الحديث، ثاني عملية اغتيال في تاريخ مصر الحديث بعد كليبر قائد الحملة الفرنسية الذي خلف نابليون بونابرت في مصر.
 
كان بطرس باشا غالي، أول قبطي يحصل على لقب البشوية، وعين وزيرًا لخارجية مصر في عهد المعتمد البريطاني لورد كرومر (1885 1908)، ثم رئيسًا للوزراء (1908- 1910)، وهو جد بطرس غالي المستشار السابق للرئيس محمد أنور السادات للشئون الخارجية والأمين العام السابق للأمم المتحدة.
واقعة الاغتيال.. 6 رصاصات تخترق جسده والأمن يمسك بالجاني
حدثت واقعة الاغتيال ظهر يوم 20 فبراير في تمام الواحدة ظهرًا، حيث كان بطرس غالي خارجًا من مكتبه وأثناء دخوله سيارة رئاسة الوزراء أطلق الورداني عليه 6 رصاصات استقرت 3 منهم في رقبته واثنتان في كتفه فسقط غارقًا في دمائه، وكان يلفظ أنفاسه الأخيرة، إلا أنه تم نقله إلى المستشفى وهناك أجروا له عملية جراحية استغرقت ساعة و نصف، و لكنه فارق الحياة في نفس اليوم.
 
وبكاه الخديو عباس باشا الثانى وقال فى اجتماع طارئ واحسرتاه يا عظيم الرجال ويا أقدر الوزراء ويا أمير المخلصين.
 
المحقق: يا مسكين لو عرفت أنه أكبر وأصدق وطنى فى خدمة البلاد ما فعلت فعلتك
تمكن طاقم الحراسة الخاص به من الإمساك بالجاني، وتبين أنه ناصف الورداني ذو الـ 24 عامًا، وقبل فتح تحقيق رسمي معه، سأله وكيل الحقانية "فتحى زغلول"، الذى كان عضوًا أيضًا فى محكمة دنشواى: «لماذا فعلت فعلتك بالباشا؟»، فأجاب القاتل: "لأنه خائن للوطن"، فرد عليه زغلول باشا قائلاً: «يا مسكين لو عرفت أنه أكبر وأصدق وطنى فى خدمة البلاد ما فعلت فعلتك»، ثم تولى النائب العام تحقيقه مع إبراهيم الوردانى، وكان النائب العام آنذاك هو عبدالخالق ثروت باشا، وحكمت المحكمة على الوردانى بالإعدام وتم تنفيذ الحكم فيه فى 28 يونيو 1910. 
 
العائلة البطرسية تنشأ الكنيسة البطرسية فوق ضريحه تخليدًا لذكراه
جدير بالذكر أن الكنيسة البطرسية نسبة لاسم الرسولين بولس وبطرس، والتي تقع بمنطقة العباسية، تولت عائلة بطرس باشا غالي بناءها فوق ضريحه عام 1911 م على نفقتها الخاصة، تخليدًا لذكراه، حيث يوجد أسفل الكنيسة المدفن الخاص بالعائلة.
سبب الغضب منه والتخطيط لاغتياله
علل البعض سبب هذه العبارة بأن بعض المصريين كانوا يعتبرون أن اتفاقية الحكم المشترك لمصر والسودان التي تمت بين المعتمد البريطاني اللورد كرومر ومصر ممثلة في وزير خارجيتها آنذاك بطرس باشا غالي، هي السبب وراء هذه الواقعة، حيث منحت هذه الاتفاقية صلاحيات للإنجليز أكبر من الجانب المصري في حكم السودان، وكانت تعني فعليًا انفصال السودان عن مصر للأبد.
 
كما أن حالة غضب كانت من الشعب تجاه بطرس غالي إذا كان رئيسًا للمحكمة التي تم تشكيلها لمحاكمة أهالي دنشواي بعد حادثة دنشواي التي أصيب فيها ضابط إنجليزي بضربة شمس ومات.
 
المفتي يرفض الإعدام للورداني لمانع شرعي
وقال عبد الخالق باشا ثروت في مرافعته في هذه القضية، "أن الجريمة المنظورة أمام المحكمة جريمة سياسية وليست من الجنايات العادية، وأنها "بدعة ابتدعها الورداني بعد أن كان القطر المصري طاهرًا منها"، وطالب بإعدام للورداني، ويوم 18مايو1910م أصدرت محكمة الجنايات حكمها بالإعدام، وأرسل الحكم إلى المفتي الشيخ بكري الصدفي لإقراره، لكنه أعرب عن رفضه لحكم الإعدام لمانع شرعي، إلا أن المحكمة لم تأخذ برأيه، وكانت تلك سابقة أن يعترض المفتي على حكم محكمة الجنايات. 
 
توثيق حياة بطرس غالي بمكتبة الإسكندرية
وفى الذكرى المئوية الأولى لاغتيال بطرس باشا غالى عميد العائلة البطرسية 1910 قامت مكتبة الإسكندرية فى إطار مشروع ذاكرة مصر المعاصرة بتوثيق حياته، وأرشفة مقتنيات العائلة البطرسية من وثائق وصور وكتب وأوسمة ونياشين بالتعاون مع أعضاء العائلة. وبلغ عدد صفحاتها 340 صفحة، وتتضمن دراسة تاريخية وثائقية شاملة لتاريخ العائلة ودورها السياسى والاجتماعى والدينى فى تاريخ مصر والكنيسة القبطية المصرية من خلال ما يزيد على 400 وثيقة و350 صورة، من الأرشيف الخاص بالعائلة ومن دار الوثائق القومية.