في إحدى الساحات بقرية "دلاص" التابعة لمركز ناصر بمحافظة بني سويف، يجتمع المسلمون لأداء صلاة عيد الأضحى المبارك، ليفاجأوا بمجموعة من الشباب المسيحيين معهم في الساحة أو المسجد، حاضرين الصلاة مهنئين بالعيد، يوزعون بعض الهدايا البسيطة أو الحلويات، في مشهد تغمره المحبة والمودة والتلاحم.

"الناس دول أهلنا وكبرنا وإتربينا معاهم، وعمرنا ما شوفنا منهم حاجة وحشة".. بتلك الكلمات بدأ باسم مكرم حديثه لـ"الوطن" عن سبب مشاركتهم المسلمين في صلاة العيد، وحرصهم على التواجد في ساحات ومساجد الصلاة بالقرية، فالشاب البالغ من العمر 33 عامًا قضى حياته بين مسلمي القرية ولم يشعر يومًا بوجود فرق بينه وبينهم.

"باسم" يُرجع الفضل لصاحبه في الفكرة التي بدأوا تنفيذها منذ عيد الفطر الماضي، حيث ألهمهم أبونا بيجول ناجي راعي كنيسة مارجرجس بمركز ناصر بالفكرة "أبونا بيجول يبقى ابن خالتي ويعتبر كبيرنا، والناس دول أهله اللي اتربى وكبر وسطهم وبيحبهم وبيحبوه وحريص على مشاركتهم دايما".

قرية "دلاص" بها 3 مساجد رئيسية، المسافات بينها ليست كبيرة، يقسم الشباب أنفسهم إلى ثلاثة مجموعات في كل منها أربعة أو خمسة أفراد، لكل مسجد مجموعة، ينتظرون أداء المسلمين للصلاة، ثم يبدأون في الطواف على المصلين داخل أو خارج المسجد "بنستأذن من خطيب المسجد وندخل بعد ما يرحب" ومن ثم يبدأ توزيع الشيكولاتة والهدايا البسيطة.

ردود الفعل كانت فوق توقعات "باسم"، فالفرحة الشديدة والترحاب الكبير والبهجة العظيمة كانت أكثر مما يتمناه "من ساعة ما بدأنا على العيد الصغير وإخواتنا المسلمين ردود فعلهم أبهرتني، واللي حصل العيد اللي فات حصل العيد ده بس الجديد إننا اتصورنا المرة دي"، وهو ما لم يحدث المرة السابقة خوفًا من أن تنالهم الاتهامات بالرغبة في عمل "شو".

مجموعة "باسم" التي كانت تضم من أبناء القرية كلا من هاني رزق وروماني فايز وعيد حبيب، كانت مسؤولة عن مسجد يسمى "جامع الروضة"، والذي طلب خطيبه الشيخ علاء صالح منهم أن يلتقطوا صورًا تذكارية عقب الصلاة لنشرها على حساباتهم في موقع التواصل الاجتماعي، ليرفع حرجًا كبيرًا عن الشاب ورفاقه.

"القصة كلها مبنية على الحب" وصفٌ أطلقه هاني رزق أفراد فريق "باسم"، فعلى الرغم من قلة عدد المسيحيين في القرية، حسب وصفه، فإنهم لم يتعرضوا لأي أذى أو مضايقات من أهالي "دلاص" طوال حياتهم، والعلاقة بين المسلمين والمسيحيين جيدة للغاية ولم تشهد أي مشكلات "الناس هنا بيراعونا، في الحزن والفرح ودايما معانا".

فكرة "أبونا بيجول" التي بدأوها في عيد الفطر أتت ثمارها في عيد الأضحى التالي "الناس العيد ده بقوا مستنيينا في الصلاة، ويقولولنا اتأخرتم ليه، والجو مليان مودة ومحبة"، حيث يبدو أن مسلمي القرية اعتادوا ذلك الشكل من التهنئة من شركائهم في الوطن.