زاهي حواس
أعتقد أن يوم 10 يناير سوف يظل من أهم الأيام فى مصر الحديثة'> تاريخ مصر الحديثة؛ خاصة لأننا أرسلنا رسالة للعالم كله أن مصر هى مهد الأديان السماوية، وأن مصر لا تفرق بين مسلم ومسيحى ويهودى. واستطاع د. خالد العنانى، وزير السياحة والآثار، أن يفتتح مسجد الفتح الأثرى بعد ترميمه على حساب وزارة الأوقاف، وصلى الجمعة بالمسجد، وألقى د. مختار جمعة، وزير الأوقاف، خطبة الجمعة. وبعد ذلك سافرت مع د. عنانى لزيارة الكنيسة المرقسية بالإسكندرية، والتى تقع مباشرة أمام معبد إلياهو هانبى، والذى يقع بشارع النبى دانيال بمحطة الرمل، ويعتبر أقدم معبد يهودى بالإسكندرية حيث تم تسجيله عام 1987. وقد شيدته الجالية اليهودية بالإسكندرية عام 1354 ميلادية. وقد دُمر عندما شيد نابليون حصن كريستيان بدلاً منه عام 1798م.

وقام عباس حلمى الأول عام 1850 بتجديد المعبد. وأصبح ذا طابقين: واحد للرجال وآخر للسيدات. وتوجد به مكتبة قديمة تحتوى على 50 نسخة قديمة من التوراة وكتب تعود إلى القرن الخامس عشر الميلادى. وقد قامت شركة «المقاولون العرب» بترميم هذا المعبد، وتابع الأعمال المهندس محسن صلاح، وهو من الرجال الذين يعملون فى صمت دون ضجيج. وأعتقد أن الأعمال التى قامت بها الشركة خلال رئاسته تعتبر من المشاريع القومية الكبرى سواء فى الطرق أو المشروعات العملاقة التى تتم حاليًا فى مصر. وأقول إنه رجل محترم ومخلص فى عمله وعندما تقوم الشركة بالانتهاء من أى مشروع نجد المهندس محسن صلاح يجلس فى الخلف سعيدا وهو يرى رجاله يقومون بهذه الإنجازات العظيمة. وأعتقد أن وزارة الآثار يجب أن تكرم عمال ومهندسى المقاولون العرب لهذا الإنجاز العظيم ولذلك أقول للمهندس محسن صلاح: «شكرا».

وقد تم أولاً توثيق معمارى لجميع أجزاء المعبد، وبعد ذلك تمت أعمال الترميم والتى استغرقت حوالى 3 سنوات، وتكلفت حوالى 68 مليون جنيه. ويعتبر هذا المعبد قريباً إلى قلب اليهود المصريين؛ للاعتقاد أن النبى إلياهو هو أحد أنبياء اليهود وقد ظهر بعد وفاته لعدد من رجال الدين اليهودى فى المكان المقام عليه المعبد. وقد شهد الافتتاح د. خالد العنانى، ود. مصطفى الفقى، واللواء محمد الشريف، محافظ الإسكندرية، ود. عصام الكردى، رئيس جامعة الإسكندرية، وماجدة هارون، رئيسة الجالية اليهودية المصرية، والعديد من قيادات الآثار الذين أشرفوا على عمليات الترميم. وتحدث د. مصطفى الفقى فى احتفال افتتاح المعبد الذى حضره أكثر من مائتى إعلامى من العالم كله. وقال إن ما يحدث اليوم هو رسالة مصرية للعالم كله، وإن هذه ليست أول مرة يجرى فيها ترميم معبد يهودى، فقد جرى ترميم معبد موسى بن ميمون والذى يقع بحارة اليهود بالقاهرة القديمة، أحد أهم المعابد القريبة إلى قلب اليهود. وأضاف أنه يذكر الجميع أن الطائفة اليهودية المصرية كانت جزءًا لا يتجزأ من الوطن المصرى حتى إن الحاخام الأكبر شارك فى لجنة إعداد الدستور عام 1923، وتولى قطاوى باشا اليهودى المصرى وزارة المالية، وبذلك كانت مصر دائمًا ملتقى الثقافات والحضارات وملاذ الديانات. وأضاف الدكتور الفقى أيضًا أن عهد الرئيس السيسى هو العصر الذهبى للوحدة الوطنية، وكان تشريفه منذ عدة أيام بحضور قداس عيد الميلاد بالكاتدرائية الكبرى هو دلالة مكملة لما نشهده اليوم، وأنه الرئيس الذى يرعى الأزهر الشريف ويهتم بالدعوة الإسلامية الصحيحة، ويرعى مبدأ المواطنة فى أروع صورة.

وفى النهاية، تحدث د. خالد العنانى فى المؤتمر الصحفى وقال: إنه خلال أربع ساعات استطاع أن يفتح المسجد بالقاهرة والكنيسة للزيارة ويأتى إلى المعبد. وأضاف أنه لا توجد دول فى العالم يحدث بها هذه المزارات الثلاثة التى يستطيع أن يقوم بها شخص ما خلال 4 ساعات قليلة. وتحدث عن أهمية ترميم هذا المعبد الأثرى؛ لأنه جزء من حفظ التراث الإنسانى ورعاية مصر لآثارها بغض النظر عن اختلاف الديانات. وقد سجل د. العنانى العديد من الأحاديث لعدد كبير من القنوات المحلية والعالمية. وقد كانت فرصة أن أتحدث عن ترميم هذا المعبد والذى يعتبر من أهم مشاريع الترميم الذى قامت به شركة مصر الوطنية- المقاولون العرب- وتحدثت عن أول عمل ترميمى تم فى المعابد اليهودية، وذلك عندما كنت أمينًا عامًّا للمجلس الأعلى للآثار وهو معبد موسى بن ميمون.

وأخيرًا أقول إن هذا اليوم الجمعة 10 يناير كان مشهدا رائعا يشير إلى عظمة مصر وحضارتها المتتابعة، خصوصا أن ذلك يأتى قبل فترة من افتتاح المتحف المصرى الكبير الذى سوف يعرض العمق الحضارى لمصر وسوف يكون هدية الرئيس السيسى للعالم كله فى القرن الواحد والعشرين.. مصر لن تنسى هذا اليوم، بل العالم كله.
نقلا عن المصرى اليوم