مريم عادل
بحيرة مياه طولها 80 مترًا وعرضها 40 مترًا، فى قلب معابد الكرنك بالأقصر على بعد مسافة كبيرة من نهر النيل، ومياهها لا تجف نهائيًا ومتواجدة طوال العام، وكانت تستخدم فى التطهير والاغتسال فى العصور الفرعونية القديمة قبيل الطقوس الدينية للملوك والكهنة وخدم المعبد، هى البحيرة المقدسة داخل مقر معابد الكرنك شمالى محافظة الأقصر.
 
وتُعَد البحيرة المقدسة بمعبد الكرنك سر من أسرار الحياة الفرعونية القديمة، فهى بداخلها مياه ثابتة لا تجف طوال العام، والتى حفرها الملك تحتمس الثالث، وكان يحيط بها سور ضخم فى السابق، ولكنه تهدم مع مرور الزمن.
 
ويوجد على جانبى البحيرة الشمالى والجنوبى مقياس لنهر النيل، لتحديد مواعيد الفيضان كل عام، ومازال لها مدخلان أحدهما من الجهة الشرقية والثانى من الناحية الغربية، يساعد فى نزول المياه وفى كل جهة، سلالم حجرية تساعد فى النزول للمياه والخروج منها.

 مفتش  معابد الكرنك، قال إن الكهنة كانوا يغتسلون داخل البحيرة المقدسة بالكامل قبيل البدء فى أداء أية مراسم دينية أو احتفالات قومية تحضرها الآلهة، وتغذيتها بالمياه عن طريق قناة تصل البحيرة بمياه النيل، والتى أنشأها الملك تحتمس الـثالث.
 
 أن الإعجاز فى هذه البحيرة أن المياه فيها ثابتة ولا يزيد منسوب المياه أو ينقص حتى مع تغير ارتفاع أو نقصان منسوب النيل من أكثر من 3000 سنة، ولم تجف البحيرة أبدًا، وهذا يعد من البراهين المهمة لإثبات عبقرية المهندس المصرى القديم العظيم.
 
 أن عبقرية المهندس المصرى الفرعونى فى تلك البحيرة تؤكد قدرته على تشييد المعابد والمقابر بصورة تاريخية جعلتها مازالت موجودة حتى يومنا هذا، إذ أن البحيرة منسوب المياه فيها ثابت لا يتغير نهائيًا لا بالزيادة ولا النقصان، وذلك رغم عوامل النحت والفقد والتسرب والتبخر، وفى الحاضر القريب وخلال السنوات الماضية أصبحت البحيرة المقدسة بالكرنك مطلب لكافة الأهالى بالأقصر، حيث أن بعض السيدات يعتقدن فى بركتها ويأتون إليها للحصول على البركات.
 
ويقول   أحد الحراس داخل معابد الكرنك، إنه يعمل داخل الكرنك منذ أكثر من 30 سنة وهو طفل مع والده ومن قبلهما جده، وكانوا يشاهدون بصورة يومية قدوم السيدات من الأقصر للحصول على البركات عبر طقوس يقمن بها حول البحيرة، إذ يعتقدن أن المياه بالبحيرة تساعد على العلاج من الأمراض المستعصية ومنها العقم والإنجاب وكذلك تحقيق الأحلام.
 
و يقول  "، أنه شاهد أكثر من مرة سيدات يقمن بالدوران فى 7 لفات حول البحيرة المقدسة ثم ينزلن للحصول على مياة منها، للاستحمام بها والشرب منها عقب ذلك هى وزوجها، وهو ما يظنه أمر غريب للغاية ومخالف للدين والعقيدة، حيث أنها طقوس خرافية لا تمت للواقع بصلة، كما يقمن بتلك الطقوس بالدوران حول الجعران الفرعونى المواجه للبحيرة المقدسة لتحقيق الأمانى.
 
ألكل ، أكد أن البحيرة المقدسة لم تكن مكان لاغتسال الكهنة قبيل الطقوس الدينية فقط خلال العصور الفرعونية، بل إنها فى موقع على بعد خطوات قليلة من منازل العمال وخدم المعبد والملك، حيث كانوا يخدمون الملك بجوارها وذلك عبر النظافة اليومية بالبحيرة وكذلك الاستجمام فى الحر الشديد بالاستحمام فيها بجانب نهر النيل أيضًا.
 
و  كان يتم إطلاق ووضع الطيور والبط والدواجن حول البحيرة وداخلها للسباحة والشرب لتكون بصحة جيدة قبيل ذبحها على موائد الملوك والكهنة والأسرة الملكية، وكذلك كانوا ينقلون منها مياه الشرب لمنازلهم القريبة من البحيرة.
 
اما  كيفية تنظيف البحيرة يومياً من اغتسال وترك للطيور والبط، فيؤكد مفتش الكرنك أن عملية تنظيف البحيرة كانت تتم بصورة مستمرة على مدار الـ24 ساعة أو 48 ساعة، حيث كانت تنزل السيدات والرجال من الخدم بالمعبد وقصور الملوك بالكرنك، وينظفون البحيرة باستمرار بأدوات صنعت خصيصاً لتنظيف البحيرة من أى شوائب أو مخلفات للطيور للحفاظ على لمعان بريقها لمشاهدة قاعها الممتد لأمتار قليلة من الأعلى، حتى لا يتم توقيع العقاب عليهم من الملك وزوجاته وأسرته حال وجودها غير نظيفة.