كتب - أحمد المختار

نتحدث اليوم عن إحدى أشهر نجمات " المسرح و السينما " في تاريخ الفن المصري ، حيث أنتجت و مثلت و أخرجت ، و كان لها عدد من التجارب في عالم التأليف ، و يٌنسب لها الفضل فى فتح الباب للأفلام الروائية الطويلة و للظهور النسائي فى هذا المجال ، و هي التي سببت وفاتها صدمة كبيرة لكل محبيها و لزوجها المخرج و الفنان ، حديثنا اليوم عن أم السينما المصرية كما تُلقب " عزيزة أمير " ، و نستعرض هنا أبرز المحطات في حياتها و منها :

سنواتها المكبرة
وُلدت " مفيدة محمد غنيمي " اسمها الحقيقي ، في 17 ديسمبر من عام " 1901 " ، في محافظة " دمياط " و نشأت يتيمة ، بعد أن مات " والدها " بعد " 15 يوماً " فقط من ميلادها ، عاشت طفولتها في " الإسكندرية " ، ثم انتقلت مع أسرتها إلى " القاهرة " لتلتحق بمدارسها  ولكنها لم تكمل تعليمها .

و رغم ذلك ، كانت تُجيد " عزيزة أمير " القراءة و الكتابة ، و اللغة الفرنسية و درست مبادئ العزف على " البيانو " حيث كان حلمها فى الطفولة أن تصبح " موسيقية " ، فتشكل وعيها و ثقافتها .

رحلتها إلي أوروبا
تأثرت شخصية " عزيزة " برحلة قامت بها مبكراً إلى أوروبا مع أحد أصدقاء أسرتها ، و ساهمت هذه الرحلة فى توسيع مداركها و فتحت أبواب عقلها لعشق " الفن " ، حيث ترددت هناك على المسارح و استوديوهات " السينما " ، و يُقال بأنها قد تزوجت من هذا الرجل ، إلا أن الزواج لم يستمر طويلاً ، بسبب كبر سنه و لكونه متزوجا ً.

و خلال رحلتها إلى " أوروبا " تعرفت على المخرج العالمي " دافيدوارك جريفيت " مؤسس السينما في " هوليوود " ، و عرض عليها الظهور في أحد أفلامه العالمية ، إلا أنها عادت لمصر ، ولم تتمكن من المشاركة فى الفيلم .

العودة إلي مصر
لما عادت " عزيزة " إلى مصر بدأ مشوارها الفني بالمسرح ، بعد أن قرأت إعلاناً في الصحف عام 1925 ، مفاده أن " يوسف بك وهبي " يطلب وجوهاً جديدة لفرقة " رمسيس " المسرحية ، فأرسلت إليه خطاباً و أرفقت به صورتها ، و أبدت فيه رغبتها بالعمل في المسرح ، و طلبت منه أن يعطيها دور البطولة ، فأُعجب يوسف وهبي بثقتها في نفسها ، و اختار لها اسم " عزيزة أمير " كاسم فني لها و قدمها في دور العروس الخجولة في مسرحية بعنوان " الجاه المزيف " .

قضت " عزيزة " مع يوسف وهبي موسماً واحداً ، ثم تنقلت بين فرقتي " شركة ترقية التمثيل العربي " و " نجيب الريحاني " ، و مثلت مع الفرقة الأولى مسرحيات " ليون الأفريقي " ، " إحسان بيك " ، " المجاهدون "، " فرانسيسكو " ، " الشرف الياباني " ، و مع الفرقة الأخرى مثلت مسرحية " الآنسة بطاطا " ، ثم عادت إلى فرقة " رمسيس " مع " يوسف وهبي " و قامت ببطولة مسرحية " أولاد الذوات " ، و التي تحولت إلى فيلم سينمائي ، كانت مُرشحة لتمثيل دورها فيه ، إلا أن الدور ذهب إلى الفنانة " أمينة رزق " .

السينما
لم تستمر " عزيزة أمير " في المسرح طويلًا ، حيث اتجهت إلى " السينما " الفن الناشئ في هذا التوقيت ، فقامت بإنشاء شركة سينمائية " إيزيس " ، لتُنتج أول الأفلام المصرية الصامتة ، و هو فيلم " ليلي " الذي أنتج عام 1927 ، و عُرض بنفس العام بحضور أمير الشعراء " أحمد شوقي " ، و بعد إنتاجها للفيلم ، تبعته بفيلم من إخراجها بعنوان " بنت النيل " الذي عُرض في نهاية عام 1928 .

واصلت " عزيزة " رحلتها السينمائية ، حتى أصبحت مُكتشفة المواهب في جميع مجالات الفن ، و ذلك من خبرتها في الإخراج و التمثيل و التأليف و حتى المونتاج ، و ذلك قبل أن تصبح منتجة أيضاً ، و فِي بداية محاولاتها الإخراجية قامت بتقديم فيلمين إخراج و تمثيل و تأليف هما " بنت النيل " و " كفري عن خطيئتك " 1933 .

و خلال مشوارها السينمائي قدمت " عزيزة " 20 عملاً منها : " بسلامته عايز يتجوز " عام 1936 مع نجيب الريحاني ، و قدمت مع زوجها المخرج " محمود ذو الفقار " فيلم " بياعة التفاح " 1939 ، و " حبابة " مع يحيى شاهين عام 1944 ، و " نادية " مع سليمان نجيب عام 1949 ، و كان آخر أفلامها هو " آمنت بالله "  1952 مع مديحة يسري .

الزواج
تزوجت " عزيزة أمير " 3 مرات ، الأولى من أحد الرجال الأثرياء و هي فى سن الـ " 14 " من عمرها ، و الثانية من الثرى الصعيدي " أحمد الشريعي " و الذى ساهم فى تأسيس شركته السينمائية ، و الأخيرة كانت من " محمود ذو الفقار " و الذي قدمته لأول مرة كممثل فى فيلم " بائعة التفاح " من إخراج " حسين فوزي " و عُرض فى 17 أكتوبر 1939 ، و من هنا نشأت قصة الحب بينهم لدرجة أنها حينما ماتت أخذ شركة الإنتاج التي تحمل اسمها باعتباره من الورثة ، و اسمها شركة " م . ذو الفقار و شركاه "

الوفاة
تعرضت " عزيزة أمير " لأكثر من حادث كاد أن يودي بحياتها ، الأول حينما كانت فى طريقها من " القاهرة " إلى " الإسكندرية " و عبر الطريق الزراعي انحرفت سيارتها عن الطريق فى اتجاه ترعة عميقة ، و لكنها نجت منها بأعجوبة ، و مرة ثانية أثناء جولة في النيل حينما خرجت أمواج عالية و على غير العادة فامتلأ القارب بالماء ، و كادت أن تغرق لولا إنقاذها من الناس .
في أوائل سنة 1952 شعرت بالألم ، و قرر زوجها " محمود ذو الفقار " ، أن تسافر إلى باريس للعلاج ، و كانت برفقتها بنت أختها ، و التي كانت تعتبرها بمثابة ابنتها ، لأنها لم تنجب ، و كانت هذه البنت تناديها بـ " ماما زوزو " و تركت زوجها الضابط السابق فى الجيش جمال عزمي و بقيت إلى جوارها .

و عادت " عزيزة أمير " إلى القاهرة ، و ابتعدت عن الوسط الفني ، لمدة شهرين تعالج بالمُسكنات ، إلي أن تُوفيت صباح يوم " 28 فبراير " سنة 1952 .

إرثها
هي ممثلة و مؤلفة و مخرجة ، و أنتجت أول فيلم صامت مصري حمل اسم " ليلى " ، حيث خلّد التاريخ سيرتها و اسمها ، لتصبح واحدة من أشهر النساء اللاتي أثرن في صناعة السينما ، و تُعد أول امرأة تقتحم صناعة السينما ليس فى مصر فقط بل فى العالم بأسره ، في وقت لم يكن للمرأة ظهور في أغلب المجالات .