كتب – روماني صبري 

 رغم إنها ماتت منذ أكثر من 40 عاما، ألا أن أعمالها السينمائية لازالت تعيش في وجدان المشاهد المصري والعربي، هي إمبراطورة الكوميديا خفيفة الظل، نجحت في رسم الابتسامات على الوجوه لاسيما العابثة منها، شاركت في 200 فيلم سينمائي، علاوة على ذلك قدمت المئات من المسرحيات مع فرقة بديعة مصابني و نجيب الريحاني، خطت مجال الفن ككومبارس تغني مع المجاميع على خشبة مسرح مصابني، وعلى حين فجأة أخبرتها الأخيرة إنها ستعلمها الرقص، فرفضت وذهبت إلى فرقة الريحاني حتى تجسد الأدوار المسرحية التي طالما حلمت بلعبها، أنها الفنانة المصرية زينات صدقي التي غيبها الموت عن الحياة في الثاني من مارس 1978 عن عمر 64 عاما.
 
بنت البلد الاسكندرانية 
ولدت زينب محمد سعد في 5 مايو عام 1913، في حي الجمرك بمدينة الإسكندرية، والتحقت بمعهد أنصار "التمثيل والخيالة"، الذي كان أسسه الفنان (زكي طليمات) في الإسكندرية لكن والدها منعها من إكمال دراستها وقام بتزويجها وهي لازالت في الخامسة عشر من العمر، ولم يستمر الزواج لأكثر من عام، بدأت حياتها الفنية كمغنية في بعض الفرق الفنية، حتى أبصر موهبتها الفنان نجيب الريحاني وعرض عليها دورا في مسرحية له، وأطلق عليها اسم زينات حيث تسمت باسم صديقتها المقربة "خيرية صدقي" حين أخذت منها اسم صدقي، وكانت القاسم المشترك في دور سليطة اللسان أو الخادمة أو المرأة بنت البلد في عدد الأفلام المصرية.
 
عمها يهددها بالقتل 
سافرت زينات إلى بيروت بتشجيع من والدتها، بعد أن اقسم لها عمها بأنه سيقتلها، حين علم أنها باتت تغني في الأفراح والتياتروهات، بعد وفاة والدها، وفي بيروت امتهنت الغناء وأطلقت على نفسها "الست زينب المصرية"، حتى غنت أغنيتها الخاصة الأولى والأخيرة، حيث كانت تغني أغاني المشاهير، وكتب هذه الأغنية أحد المعجبين بها، وتقول كلمات الأغنية :    
 
أنا زينب المصرية
ارتيست لكن فنية
اغني وأتسلطن... يا عينية
تعالَ شوف الارتيست
الست زينب المصرية
جمال وخفة إسكندرانية
ع المسرح  جوهرة يا عينيه
الست زينب المصرية
ارتيست لكن فنية
 
تزوجت .. و3 مرات 
ظن الكثير من المصريين أن زينات لم تتزوج في الحقيقة، مستندين في ذلك إلى ادوار الفتاة غير المتزوجة "الشعنونة" التي جسدتها في أكثر من فيلم، لكن في الحقيقة تزوجت زينات 3 مرات، وكانت الراحلة فائقة الجمال تمتلك قوام ملفوف وعيون خضراء، ما جعل والدها يخشي عليها من حيل الشباب، فأخرجها من المدرسة وزوجها لطبيب وكان رجل صموت يحب الهدوء، لذلك لم تنسجم معه هي التي تحب الغناء مثل والدتها السيدة حفيظة، المحبة للغناء وتدق على العود، فقررت الانفصال عنه بعدما غيب الموت والدها.
 
 
 
وسرعان ما دفع باسم زينات إلى واجهة نجمات الكوميديا النسائية، والتي ضمت وقتها ماري منيب ووداد حمدي، حيث ارتاح لها الجمهور لبراعتها في تجسيد الأدوار الكوميدية دون أي مبالغة في الأداء، وكان كبار الفنانون يشعرون بالراحة حين تعمل معهم زينات ومنهم الفنان إسماعيل ياسين، عبد الحليم حافظ، شادية، يوسف وهبي، أنور وجدي.
 
تجاربها الصعبة
وبعد سنوات من النجاح، ابتعد عنها الوسط الفني فراحت تبيع أثاث منزلها حتى تحصل على الطعام، فزينات التي أضحكت الملايين لا تجد من يواسيها بكلمة طيبة، أو يمسح دموعها المأساوية وظلت في طي التجاهل، حتى كرمها الرئيس الراحل أنور السادات في عيد الفن عام 1976.
 
وفوق كل ذلك عرفها مرضا في الصدر، حيث أصيبت بماء على الرئة، وقبل رحيلها  لم تقدم أي عمل طوال 6 أعوام إلا فيلما واحدا هو" بنت اسمها محمود" عام 1975وماتت بعده بـ3 سنوات.