ساهمت أبحاثه في علاج " الطاعون – التيفود – الكوليرا – الحمي الصفراء " 
 
كتب – أحمد المختار
في ظل الحديث عن الأزمة الخانقة ، التي يمر بها العالم في أحلك أوقاته ، جراء تفشي وباء فيروس " كورونا " المُستجد ، و الذي حصد آلاف الأرواح حول العالم ، و مسجلاً أرقاماً قياسية من أعداد المصابين ، محققاً سرعة انتشار ، تسببت في عجز صناع القرار في أعتي الدول ، في القدرة علي مواجهته بالشكل الأمثل ، و في خضم تلك السلبيات ، كان لابد من تناول سيرة حياة قصة واحد من أعظم العلماء في تاريخ البشرية ، الذي ساهم في ابتكار " البسترة " ، و إيجاد لقاحات للجمرة " الخبيثة " ، و " داء الكلب " ، ألا و هو العالم الفرنسي الشهير " لويس باستور " ، و نستعرض هنا أبرز المحطات في حياة ذلك العالم ، و منها : 
 
البدايات 
وُلد " لويس باستور " في عام 1822 في مدينة " دول " شرق فرنسا ، ظهرت لديه منذ عمر مبكر كأي طالب موهبة " الرسم و التلوين " ، حيث حصل على درجة بكالوريوس في " الفنون " عام 1840 ، و بعدها بسنتين بكالوريوس في " العلوم " بالكلية الملكية في " بيزنسون " ، و درجة دكتوراة من المدرسة العليا للأساتذة في باريس عام 1847 .
 
التدريس و الزواج 
أمضى " باستور " عدة سنوات في البحث و التدريس في مدرسة " ديجون " الثانوية ، و في عام 1848 أصبح أستاذاً في الكيمياء بجامعة " ستراسبورج " ، و قابل " ماري لوران " ابنة رئيس الجامعة ، و تزوجا في عام 1849 ، و أنجبا خمسة أطفال ، لم يتخطى مرحلة الطفولة سوى " اثنين " منهما .
 
الكيمياء
كان " باستور " في عام 1849 ، يُحاول حل مُعضلة تتعلق بحمض " الطرطريك " - مادة كيميائية توجد في رواسب النبيذ المتخمر - ، و وجود مركب أخر يسمى بحمض " البارا- طرطريك " ، يتواجد أيضاً في رواسب النبيذ ، و يُماثل تركيب الأول ، لكن " باستور " انتبه أن الثاني لم يقم بتدوير الضوء ذي الاستقطاب المسطّح ، فتوصل إلي أنه لا بد للمركبين أن يكونا مختلفين بالبنية بطريقة ما ، رغم تشابههما بالتركيب الكيميائي ، حيث لاحظ " باستور " نمطين مختلفين من البلورات الصغيرة ، و رغم أنهما كانا يبدوان متطابقين تقريباً ، فصلهما و صنع محلولاً من كليهما ، و عندما مرّر الضوء المستقطب من خلال المحلولين ، أداراه باتجاهين متعاكسين ، بينما عندما اجتمع النمطان البلوريان في محلول واحد ، أُلغِيَ تأثير الضوء المستقطب ، و قد أثبتت هذه التجربة أن الدراسة المجردة لتركيب " مادة كيميائية " ما غير كافية لفهم آلية سلوكها ، فالشكل و البنية مهمّان أيضاً ، و قد أدّيا لنشوء مجال " الكيمياء الفراغية " .
 
النظرية الجرثومية 
تمكن " باستور " من تطوير النظرية الجرثومية ، و أقنع معظم أوروبا بها في النهاية ، حيث أوضح أن الجراثيم كانت المسؤولة عن تحميض النبيذ و البيرة و حتى الحليب .
 
صناعة الحرير
ساهم " باستور " في إنقاذ صناعة " الحرير " عام 1865 ، فأثبت مهاجمة الميكروبات لبيوض " دودة القز " مُسببة مرضًا مجهولاً ،  حيث طور طريقة تمنع عدوى تلك البيوض ، فاعتمدها منتجو " الحرير " حول العالم سريعاً .
 
الاكتشافات 
كان اكتشاف " باستور " الأول في مجال اللقاحات عام 1879 لمرض " كوليرا الدجاج " ، فبعد تعريض الدجاج بالخطأ لنوع مُضعَف من الفيروس المسبب لها ، ثبُت أنه أصبح أكثر مقاومة للفيروس الأصلي ، و تابع بعد ذلك توسيع النظرية الجرثومية ، فطوّر لقاحات لعدة أمراض مثل " الجمرة الخبيثة ، و الكوليرا ، و السّل و الجُدري " .
 
داء الكلب 
في عام  1882 قرر " باستور " تركيز جهوده على " داء الكلب " ، و في عام " 1885 " لقح صبياً يبلغ التاسعة من عمره ، بعدما عضّه كلب مسعور ، و قد أكسبه نجاح لقاحه هذا الشُهرةً العالمية .
 
إسهاماته
ساعد " لويس باستور " في زيادة متوسط " العمر " المُتوقع للبشر في أواخر القرن التاسع عشر و أوائل القرن العشرين ، و استخدمت مبادئه من خلال علماء في وقت لاحق في تطوير بعض الأمصال لعلاج بعض الامراض مثل " التيفود ، و الكوليرا ، و الحمى الصفراء ، و سلالات مختلفة من الطاعون "  .
 
أقواله
الحظ يفضّل حاضر الذهن .
العلم لا يعرف بلداً ، فالمعرفة تنتمي للبشرية ، و هي الشعلة التي تضيء العالم بأكمله .
دعني أخبرك سراً أوصلني لهدفي ، إن قوتي تكمن في إصراري و حسب .
إن التغلب على المصاعب هو ما يصنع الأبطال .
على المرء أن يعمل ؛ على المرء أن يعمل ، لقد بذلت شخصيًا كل ما في وسعي .
لا تُفسد نفسك بشكوكية عقيمة .
 
الوفاة 
تُوفي " لويس باستور " في عام 1895 ، و كان يبلغ من العمر " 73 عاماً "  ، و في يومه الأخير قال : " أود أن أكون أصغر سناً ، لكي أخصص نفسي لدراسة الأمراض الجديدة " .