فاروق عطية
كان أول تفشي لمرض كورونا الجديد (كوفيد- 19) في سوق ووهان للمأكولات البحرية بمدينة ووهان بمقاطعة هوبي وسط الصين في ديسمبر 2019م. ظهر المرض بين عمال يعملون في سوق لبيع الأسماك وثمار البحر بالجملة (يعيش في ووهان حوالي 11 مليون نسمة). قررت سلطات الصين إغلاق السوق الذي وصف"بالفوضى والقذارة"، ثم تفشي المرض في بانكوك وطوكيو وسول وبكبن وشنغهاي وجوانجودونج وهونج كونج ومكاو وإيفرت وفيتنام وسنعافورا، وفرضت عدة مدن صينية قيودا صارمة على السفر، وأُقفلت مدن بالكامل، أبرزها مدينة "ووهان" البؤرة الرئيسية لانتشار الفيروس. ثم امتد نشاطه للعديد من الدول مهددا جميع دول العالم.  
 
   ترجح بعض التقارير بأن الفيروس قد يكون انتقل من بعض الثدييات البحرية التي تحمل فيروس "كورونا" مثل حيتان بيلوجا، التي كانت تباع في السوق، الذي ضم حيوانات ميتة أخرى مثل الخفافيش والدجاج والثعابين والكلاب. وقد يكون أنه انتقل حديثا من حيوان إلى آخر، مع العلم أن الخفافيش تعتبر "خزانا" لهذا النوع من الفيروسات، وبالتالي قد يكون انتقل منها إلى حيوان وسيط قبل أن يتحور ليصبح قابلا للانتقال إلى البشر وبينهم.
 
   يُعتقد أن انتقال فيروسات كورونا من إنسانٍ إلى آخر يحدثُ أساسًا بين الأشخاص المُقربين أثناء الاتصال المُباشر عبر الرزاز التنفسي الناتج عن العطس أوالسعال. يصيب فيروس كورونا الحلق، ويؤدّي إلى التهابات في الجيوب الأنفية وهناك يتكاثر وبعدها ينتقل إلي الرئتين ويؤدي إلى صعوبة التنفس، ويمكن القول إنّ كورونا هو فيروس خطير قد يؤدّي إلى الوفاة إذا كان في أخطر حالاته خاصة لدي كبار السن والمرضى بأمراض مزمنة ومنخفضي المناعة.
 
أما فترة الحضانة بين العدوى وظهور الأعراض الأولى، فهي بين (يومين و14 يوما) يكون الفيروس فيها معديا، ولذلك من الممكن انتقاله قبل معرفة الشخص المصاب، علما بأن الأعراض الرئيسية لهذا المرض تتشابه مع أعراض الإنفلونزا، وهي ارتفاع درجة الحرارة (الحمى) والصُداع والتعب والمشاكل التنفسية والإسهال أحيانا، لذا يجب تحديد الأشخاص المصابين في أسرع وقت ممكن حتى يمكن مساعدتهم، والتعامل معهم بشكل مثالي بطريقة تقلل من احتمال انتشار العدوى بين المخالطين. ويعتقد أن فيروس (كوفيد ـ 19) هو مزج بين فيروسين قديمين (كورونا سارس) و (كورونا ميرس). 
 
   سجلت أول إصابة بفيروس (كورونا سارس) شمال الصين في  ديسمبر 2002م، واعتبر كتهديد عالمي في مارس 2003م. مكتشف هذا الفيروس هو الطبيب الإيطالي كارلو أورباني الذي توفي بسببه. يهاجم الفيروس الجهاز التنفسي مسببا للمرض، تمتد فترة حضانته من (2ـ 7) أيام ليصبح بعدها الشخص معديًا. تنتقل الإصابة سريعًا من خلال الاتصال المباشر مع المصابين، حيث تنتقل الفيروسات من خلال الرزاز الخارج من الجهاز التنفسي أثناء العطس أو السعال أو ملامسة أي سطح ملوث بالفيروس وتصل للأنف أو الفم أو حتي العينين. تتسبب الإصلبة بهذا الفيروس لوفاة حوالي 9% من المصابين. 
 
   أكتُشف فيروس (كورونا ميرس) المسبب لالتهاب الرئوي الشرق اوسطي (متلازمة الشرق الأوسط التنفسية) لأول مرة في ابريل 2012م، حيث لم يكن حينها معروفًا لدى البشر، وكان يسبب مرضًا شديدًا للمصابين به بالمملكة السعودية ووفاة 35% من حالات الإصابة. بالرغم من أن معظم الحالات البشرية المصابة بمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية نتجت عن انتقال العدوى بين البشر فإن من المرجح أن الجِمال هي المستودع الرئيسي الذي يستضيف فيروس كورونا ميرس المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية. 
 
   يُعتقد، على نطاق واسع، أن سلالات الفيروسات التي سببت انتشار وبائي (سارس) و(ميرس)، والوباء الحالي (كوفيد- 19) لم تنشأ عند البشر بل عند الحيوانات. ويندر أن تنتقل الفيروسات الخطرة التي تنقلها بعض الحيوانات إلى البشر، ويكون في أغلب الحالات هناك حاجز بين الفصائل المختلفة لا تتمكن الفيروسات من اجتيازه، ولكن في بعض الحالات يحدث الانتقال حينما يكون الإنسان مريضا بأمراض مزمنة ويعاني من ضعف في المناعة يسمح للفيروس بالدخول، قد تحصل حالات إصابة نادرة ومتفرقة.
 
   ينتمي الفيروس الجديد (كوفيد ـ 19) الذي أدى إلى سقوط مئات الضحايا في الصين، إلى فئة من الفيروسات معروفة لدى الخبراء، ويشبه هذا الفيروس اثنين من الفيروسات القاتلة، وهما "سارس" الذي تسبب في وفاة 9 % ممن أصيبوا به و"ميرس" أو كورونا الشرق الأوسط الذي أدى إلى وفاة 35 %ممن أصيبوا به. وفي العموم لا تعد الفيروسات التي تنتمي إلى سلالة "كورونا" خطيرة جدا، فالبشر يمكنهم التغلب على بعضها ولكن مكمن الخطورة في الفيروسات التي تنتقل من الحيوانات إلى البشر وتبدأ الخطورة عادة بطفرة وراثية غير طبيعية.
 
عندما ينتقل فيروس من سلالة إلى أخرى، لا يمكنك التنبؤ مسبقًا بما سيفعله، لكن من المألوف إنه إذا وجد عائلا جديدا قد يصبح شديد الخطورة في مراحله المبكرة، وذلك لأن جهازنا المناعي لم يختبر مواجهة هذه السلالة الجديدة من قبل، وبالتالي يمكن أن نكون ضعفاء للغاية عندما ينتقل فيروس كورونا فجأة من الحيوانات إلى البشر، احتمالات حدوث طفرة في فيروسات مثل كورونا مرتفع إلى حد ما.
 
   انتشرت على وسائل الميديا تكهنات وادعاءات أغلبها خاطئا عن صحة ونشأة فيروس كورزنا (كوفيدـ 19)  مسبب المرض منها: 
1ـ أن الصين قد قامت بالتضحية ببضع آلاف من رعاياها وتعريضهم للإصابة بهذا الفيروس الذي تمتلك وسيلة علاجه، واختلقت إشاعة انتشار وتفشي المرض في مدينة ووهان حتي ترعب الشركات الأمريكية والأوربية العاملة في الصين حتي تعرض أسهمها للبيع وتشتريها حكومة الصين بأبخس الأثمان وبعد الحصول على مبتغاها تقوم بمعالجة من لم يمت منهم.
 
2ـ أن الولايات المتحدة الأمريكية هي صاحبة هذا الفيروس المخلق بمعاملها، وأنه قد تسرب خطأ وأصاب بعض أفراد الجيش الأمريكي وأرسلت الولايات المتحد جنودها المصابين بالفيروس للصين في فبراير 2019م للمشاركة في العرض العسكري بمدينة ووهان وكانوا السبب في انتشار العدوى بها. وتوافق ذلك مع التصريحات الصينية التي ألمحت إلى أن الجيش الأمريكي ربما يكون السبب في نشر فيروس كورونا في مدينة ووهان الصينية وسط تصاعد حدة التوترات بين البلدين حول مصدر انتشار الفيروس.
 
3- انتشار شائعة أن السلاح الجديد لمواجهة اقتصاد الصين المتنامي المهدد للاقتصاد الأمريكي المتردي هو استهدافها بهذا الفيروس الغامض كسلاح بيولوجي اقتصادي ضد الصين، في ظل ترجيحات خبراء أمريكيين بأن هذا الفيروس سيقتل نحو 65 مليون شخص خلال عام ونصف.
 
4ـ يقولون هو ليس بفيروس بل هي تجربة لغاز قاتل (السارين) حدثت في مختبر بيولوجي أمريكي بأفغانستان لم تتم السيطرة عليه يوم 4 يناير 2020م في افغانستان ( وبسببه تم توقيع اتفاقية تعاون بين الولايات المتحدة وطالبان بعد 40 عام صراع) وأصيب بسببه 67 جندي أمريكي في نهاية شهر يناير في المختبر، تكتمت عليه الولايات المتحده وتم ارسال الجنود المصابين للصين للمشاركة في العرض العسكري في فبراير في يوهان، لإبعاد شبهات وفاتهم عند العودة بسبب الغاز واعلن وفاتهم بسبب كذبة الفيروس.
 
ضغط السلطات الأمريكية اجبر الصين لخلق كذبة الفيروس وايهام العالم أن الصين هي مصدر الفيروس وبالتحديد مدينة يوهان وذلك لتغطية موت الجنود الامريكان بحجة أنهم كانوا في يوهان وتعرضوا للإصابة بالفيروس.  
 
5ـ كان أخر هذه الإدعاءات، مقطع فيديو انتشر على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك شاهده ملايين، يتهم فيه شخص يتحدث باللغة الفرنسية معهد باستور الفرنسي بنشر فيروس كورونا المتحور (كوفيد-19)، ويزعم أن المعهد لديه براءة اختراع الفيروس عام 2004م. يجلس هذا الشخص أمام الكاميرا ماسكًا بيديه وثيقة تتضح أمام الكاميرا، نشرت على الموقع الرسمي لمكتب البراءات الأوروبي، تتضمن بحثا مفصلا عن سلالة جديدة من كورونا مرتبطة بمتلازمة الجهاز التنفسي الحادة (سارس). زعم الرجل أن هدفه من نشر مقطع الفيديو هو نشر الحقائق والتي يمكن الحصول عليها على موقع المعهد. وقال إنه وخمسة أشخاص آخرين بذلوا مجهودًا كبيرا من أجل "كشف الحقيقة"، وتوضيح كيف ظهر الفيروس، وكيف سينتهي، ومن المستفيد من ورائه.
 
تم نشر هذا الفيروس من أجل تحقيق المزيد من المكاسب المادية"، خاصة وأن براءة الاختراع التي في حوزته التي تحمل رقم (EP1694829-B1) موجود بالفعل وتعود لمعهد باستور الفرنسي، توضح أن العاملين في المختبر يستعدون للكشف عن لقاح من شأنه علاج الفيروس، في الوقت الذي يسارع العلماء والمراكز البحثية إلى اختراع لقاح من شأنه القضاء على كورونا المتحور.
 
وقال "الفرنسيون قاموا ببناء مختبر، وبمساهمة الصين طبعًا من نوع (P4)"، وزعم أن هذا النوع من المختبرات متخصص في احتضان الفيروسات الأكثر خطورة في العالم". وادعى أنهم حصلوا على وثيقة للحكومة الفرنسية تعود إلى عام 2017م، أظهرت أن طبيب أدوية وزوجته الباحثة كانوا يعملون في هذا المختبر. وتابع: "لا أعلم كيف هرب الفيروس من المختبر، ربما عن طريق هروب خفاش مصاب إهمالا أو تعمدا، ولكن ما أستطيع تأكيده بالوثائق هو أن الفيروس خرج من ووهان الصينية، وأن الفرنسيين لهم يد فيما حدث".
 
   لو أيقنا أن الوقاية خير العلاج وأيمنا أن هذا الفيروس وأي فيروس شديد الضعف في البداية ومن السهل القضاء عليه، لقضينا عليه في أقصر وقت. ويبدأ الفيروس في التواجد بمنطقة الحلق والجيوب الأنفية، يستقر علي الغشاء المخاطي ليتكاثر ويشتد عوده، لذا يجب القضاء عليه بمجرد الإحساس بجفاف الحلق أو حرقان به بالتغرغر بماء ساخن مشبع بالملح عدة مرات يوميا، أيضا بشرب سوائل ساخنة كل نصف ساعة مثل الليموناد الساخن أو الشاي أو القهوة أو أي مشروب آخر حتي ينتقل الفيروس إذا وجد إلي المعدة وحامض الهيدركلورك بالمعدة كفيل بالقضاء عليه، المهم ألا نعطيه الفرصة للوصول إلى الرئتين حيت يتوحش بهما ويسبب الخطورة.
 
   ما يهمنا هنا فقط جلاء الحقيقة ومعرفة من المتسبب في قتل الملايين بهذه الجريمة الشنعاء والتي لن تسقط بالتقادم. وما يهمنا أيضا أن نعود للإيمان بأن الله وحده القادر علي حماية خليقته من هذا الفيروس الغاشم، وأن نصلي إلي الله أن يحفظ جميع البشر ونتوقف عن الدعاء بحماية المسلمين فقط كعادة أأمتنا والدعوة علي الكفار بالفناء، لأن الكفار هم الذين يملكون العلم والمختبرات والقادرين علي تخليق الأمصال. واذ(كورونا) في صلواتكم.