بقلم : زهير دعيم 
غندورة قطّة جميلة المنظر ، طيّبة القلب، ناصعة البياض، مكحولة العينيْن ، كلّ من رآها وصادقها أحبّها .
 
  فقد أحبها الدّيك ذو العرف الأحمر، وأحبّها الكلب المُرقّط وجميل الطفل الصغير ، أحبوها جميعًا ،  لأنها مُسالمة وتكتفي بما أعطاها الله لها ولجرائها الثلاثة الصغار ، الذين يعيشون في بيت مُتواضع نظيف.
 
  كان الجِراء الثلاثة ينتظرون كل يوم عودة امهم بالطعام بشوق ، وينتظرون حكاية جميلة منها ، وغندورة تُحّب جراءَها حُبًّا كثيرًا، وخاصّةّ الصغير الذي جُرِحَ في اعتداء غامض عليه بعد ولادته بيومين.
 
  ولم تهتدي غندورة على المعتدي ، رغم أنها سألت جيرانها :الديك والكلب وجميل الصغير ...الكل قالوا ..لسْتُ أنا ..لم أسمع ولم أرَ !.
 
  وحين سألت غندورة جارتها البومة ، اصفرّت واحمرّت وأنكرت، فهي على حدّ زعمها تحبّ الغندورة وجراءها !!.
 
مرّت الأيام وباضت البومة بيضتين في عُشّها على جذع الشجرة القريب من بيت القطة ، أفرختا بعد أيام عن فرخيْنِ صغيرين .
 
  فرحت البومة فرحًا عظيمًا،  وهنأتها جارتها الغندورة  وهنأها الكلب والديك والطفل جميل، وأحضروا لها الهدايا الجميلة .
 
   في يوم من الايام قال القط الصغير لامّه : أُمّاه أنّي لم أرَ منذ يومين جارتنا البومة تُفتِّش عن طعام لفرخيها ، أخاف أن تكون قد أصابها مكروه . وحرّك القطّان الآخران رأسيهما دلالة الموافقة .
 
الحقّ معكم يا صغاري ، انّ الجارَ للجار ، سأذهب حالاً لأرى ما الأمر..
 
  تسلّقت الغندورة جذع الشجرة بخفة،  فاذا البومة الاُم تَئِن من الوجع وفرخاها جائعان .
 
  مسكينة أنتِ يا جارتي ، لماذا لم تخبريني بالأمر  كُنْتُ  أحضرت لكِ ولصغاركِ نصف ما أحضرت من طعام .
 
 قالت البومة دامعة : "لا استحقُّ معروفك يا جارتي الغالية ، نعم أنّي لا أستحق !
 
قالت القطّة :لا تقولي هذا ...وعادت الى بيتها لتعود مع جرائها الثلاثة وهي تحمل طعامًا للبومة وفرخيْها .
 
  استقبلت البومة وفرخيها جيرانهم بالبسمة والترحاب ، رغم الوجع والمرض والجوع ، وعانقت البومة القطّ الصغير مُعانقة حارة وهي تبكي .
 
  لماذا تبكينَ يا جارتي  قالت الغندورة،  سأُحضر لكِ ولفرخيكِ كلّ يوم طعامًا  كما أُحضِر لصغاري ، حتّى تشفين تمامًا من مرضك .
 
  آه ..لو تعلمين ، ان ضميري يؤنّبني ..آه ..ليته ينكسر هذا المِنقار ...مِنقاري الذي جرحْتُ به قطّكِ الصغير ...سامحيني يا اُختي سامحيني أرجوكِ..
 
  وتعانقت القطّة الغندورة والدموع تسيل على خدّيها مع البومة الحزينة، وهي لا تنفكّ تقول : سامحيني ...سامحيني .
 
أمّا الصغار فراحوا يرقصون ويغنّون . حضر الديك ذو العرف الأحمر والكلب المُرقّط والطفل جميل ، وشاركوا في الرقص والغناء . ولم يسأل أحدٌ منهم لماذا ؟ لماذا هذا الاحتفال!!