هل تؤدي "بلطجة" أردوغان الي حرب عالمية او اقليمية؟
منذ أكثر من ثمانية أشهر تشهد ليبيا حربا شنها المشير خليفة حفتر للسيطرة على العاصمة طرابلس، وتتعدد عدوانية أردوغان في الشمال السوري ، مما اسفر عن هجوم من الرئيس الفرنسي ماكرون ، وتنديدات مختلفة من منظمات حقوق الانسان ، وموقف رافض من الاتحاد الاوروبي .

في تلك الازمة  اسرع فايز السراج الي رجب طيب أردوغان في قصر دولمة بهجة على الضفة الأوروبية لإسطنبول، وفق ما أعلنت الرئاسة التركية دون إعطاء مزيد من التفاصيل،  وما يدل علي هلع  السراج انه التقي اوردغان منذ أسبوعين  والذي اسفر عن توقيع اتفاق أمني عسكري بينهما أثار حفيظة عدة دول مجاورة من بينها اليونان، بعد أيام من تلويح رجب طيب أردوغان بإرسال قوات تركية إلى ليبيا لدعمه.

ويأتي هذا اللقاء بين هلع السراج وخوفة من اقتحام المشير حفتر لطرابلس لكي  يعقد بعيدا من الإعلام، ولذلك جاء هذا اللقاء المفاجئ ، ولم يكن مدرجا على جدول الأعمال المعلن للرئيس التركي، في قصر دولمة بهجة على الضفة الأوروبية لإسطنبول، وفق ما أعلنت الرئاسة التركية دون إعطاء مزيد من التفاصيل.

ويذكر أن الرجلين قد التقيا في 27 نوفمبر في إسطنبول حيث وقعا اتفاقا يرسم الحدود البحرية المثيرة للجدل كما وقعا اتفاق تعاون أمني يتيح لتركيا تقديم مساعدات عسكرية إلى حكومة الوفاق التي تعترف بها الأمم المتحدة.

وقد طرح الاتفاق الأخير السبت على البرلمان التركي لمناقشته والمصادقة عليه. والثلاثاء أعلن أردوغان أن تركيا مستعدة لنشر قوات في ليبيا لدعم حكومة الوفاق .

وتتجه الأنظار في ليبيا إلى طرابلس حيث يشن "الجيش الوطني الليبي" بقيادة المشير خليفة حفتر، الرجل القوي في الشرق الليبي، هجوما للسيطرة على طرابلس معقل حكومة الوفاق.

وخلال مقابلة مع قناة "خبر" التلفزيونية التركية اكتفى أردوغان في ردّه على سؤال عن هذا اللقاء بالقول إن "تركيا تقرر لوحدها المبادرة التي تتّخذها" في حال طلبت حكومة الوفاق من أنقرة إرسال قوات تركية، وتابع "لقد قلت سابقا إننا مستعدون لتقديم كل أنواع الدعم إلى ليبيا".

كما أعلنت أنقرة أنها ستسمح لليبيين ممن هم دون 16 عاما وفوق الخامسة والخمسين بدخول أراضيها من دون تأشيرات، في مؤشر آخر إلى التقارب بين تركيا وحكومة الوفاق الليبية.

ودانت دول عدة الاتفاق البحري الموقع بين أنقرة وحكومة الوفاق، بينها اليونان وقبرص لأنه يعطي أنقرة سيادة على مناطق شاسعة في شرق البحر المتوسط الغني بالموارد النفطية.

 وبعد توقيع الاتفاق أكدت الحكومة التركية أنها ستمنع أي عملية استكشاف للنفط لا تحظى بموافقتها.

وتشهد ليبيا نزاعا بين حكومة الوفاق المدعومة من تركيا وقطر، والمشير خليفة حفتر المدعوم من مصر والإمارات. فيما تشن قوات حفتر منذ أبريل هجوما للسيطرة على طرابلس وقد أعلنت الخميس  الماضي أنها بدأت "معركة حاسمة" للسيطرة على العاصمة الليبية.

وفي هذا السياق المتأزم أعلنت تركيا السبت أنها ستنشر طائرات مسيّرة في مطار يقع في الشطر الشمالي من قبرص الذي تحتله أنقرة منذ العام 1974.
تركيا تستغل الناتو بدعم امريكي:

من جهة اخري أكد حلف شمال الأطلسي (الناتو) على مبدأ الوحدة الأربعاء خلال قمة في لندن، إلا أن النقاش حول التوترات مع تركيا فرض نفسه خلال أشغال هذه القمة تطرقت لهذه المسألة مع إيف بوايي، الباحث المتخصص في شؤون حلف شمال الأطلسي.

إرغم الخلافات المستمرة، خصوصا حول تركيا، اعتمد أعضاء حلف شمال الأطلسي إعلانا مشتركا الأربعاء 4 ديسمبر ، بعد عدة أيام من المحادثات المتوترة في لندن، عشية الإعلان، تسببت سلسلة من السجالات بين دونالد ترامب وإيمانويل ماكرون ورجب طيب أردوغان في تفاقم التوتر داخل الحلف ما ساهم أيضا في إضعافه، ولا سيما أمام صعود روسيا والصين

وجاءت التصريحات الأخيرة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون التي اعتبر فيها حلف شمال الأطلسي (الذي أسس عام 1949) في حالة  "موت سريري" وتصاعد التوتر مع الرئيس التركي حول تدخل أنقرة في سوريا، لتوتر كذلك الأجواء قبل ساعات من بداية إحياء  الذكرى الـ70 لتأسيس الناتو في لندن.
وحتى بعد  هذا الإعلان المشترك، ما زالت الخلافات قائمة، إذ أعلنت أنقرة عن اتفاق تعاون عسكري مع ليبيا، ما أثار غضب اليونان التي ترى في ذلك انتهاكا للمناطق البحرية وطالبت بدعم حلف شمال الأطلسي

خلال اجتماعات قادة حلف شمال الأطلسي، تضاعفت الهجمات ضد تركيا، خصوصا فيما يتعلق بالتدخل العسكري في سوريا ضد الأكراد.  كيف تمكنت تركيا من شن هجومها هناك من دون دعم  حلفائها في الناتو؟

بالنسبة لأردوغان فإن قضية الأكراد ولجوء المعارض فتح الله غولن إلى الولايات المتحدة قد سمما الأوضاع. وبما أن أردوغان يعتبر أن القضية السورية قد سويت بشكل أو بآخر، فقد منح نفسه هامشا للمناورة من خلال إنشاء منطقة عازلة بين المناطق الكردية في سوريا وتركيا.

لذلك شن هجومه. وأعتقد أنه فعل ذلك بموافقة الولايات المتحدة.  لا يتم الإعداد لهجوم عسكري في الخفاء. الفرنسيون كانوا على علم بأن الجيش التركي حشد بعض قواته على طول الحدود مع سوريا. ويبدو أن الولايات المتحدة قد منحت صكا على بياض لأردوغان لشن هجومه ضد الأكراد.

وعموما، لا يمكن لحلف الناتو أن يعارض قرار أردوغان بفرض هذه المنطقة  العازلة على الأكراد  حتى لو كانت هذه الخطوة تشكل خطورة، لأن جزءا من الأكراد هم حلفاؤنا وكان إيمانويل ماكرون على حق في الإشارة إلى ذلك، وهو ما يلقي الضوء على شكل من أشكال ازدواجية المواقف لدى الأتراك. فتركيا تدّعي أنها عضو في حلف شمال الأطلسي وأنها شريك قوي في الحلف، وفي الوقت نفسه يحركها نوع من تطلعات الإمبراطورية العثمانية حيث تنظر أيضا نحو الشرق، باتجاه آسيا الوسطى. وتسعى لإرساء علاقات أوثق مع روسيا. ويشار إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيستقبل تركيا في بدايات شهر يناير ، كما اشترت أنقرة من روسيا  صواريخ من طراز. S-400 المضادة للطائرات

لعدة سنوات عرقلت تركيا عددا من القرارات داخل الناتو وهذا ليس بالجديد. أما  فيما يتعلق باتفاقية التعاون مع ليبيا فيجدر هنا أن نستحضر التاريخ، إذ تحاول تركيا استعادة مجد الإمبراطورية العثمانية في منطقة كانت دائما منطقة نفوذ تركي. وهذه ليست نهاية التاريخ، بل هي عودة إلى التاريخ.

نحن نشهد عودة القوى التقليدية على الساحة الدولية. يواجه الفرنسيون والأوروبيون صعوبة في تحقيق هذه العودة نظرا لانشغالهم بالديناميكية الأوروبية. لكن الدول التي ليست في هذه الديناميكية تراهن على القومية وتستعيد قوتها الجيوسياسية من التاريخ. لذلك ترغب تركيا في إعادة بعث الإمبراطورية العثمانية في شكل مختلف.

من وجهة نظر عسكرية وجيوسياسية، ليس لدى تركيا أي سبب لترك الناتو، ومن مصلحة كل الدول الأعضاء البقاء في صلب الناتو مهما كانت اختلالات الحلف.  بالنسبة للولايات المتحدة البقاء في الحلف يكفل لها مراقبة الأمن الأوروبي والتأثير في شركائها داخله، ولا سيما دول أوروبا الشرقية الصغيرة التي تعتمد على الحماية الأمريكية، تركيا أيضا دولة تستطيع أن تشكل معبرا للعتاد العسكري خصوصا للجيش الأمريكي الذي قد يجد نفسه في مواجهة عسكرية في آسيا الوسطى وجنوب روسيا. تركيا لديها إذا أهمية استراتيجية بالغة.

هنا تبرز الاشكالية حول اذا تدخلت تركيا في ليبيا عسكريا ، وهي استطاعت من قبل ان تغزو شمال سوريا وتفرض منطقة عازلة رغم تنديدات بعض دول الاتحاد الاوربي ، اذا حدث ذلك سيفؤض ذلك علي مصر أن تتدخل لحماية امنها القومي ، وسوف يختلف مع تركيا بشدة ايطاليا لان ليبيا ايضا تمثل الحديقة الخلفية لها ، وسيصبح الروس الذين يؤيدون المشير حفتر في موقف حرج بين الحليف التركي ورغبة روسيا في التواجد في ليبيا بعد سوريا .

تري الي اين يجرنا اوردغان ؟ هل يؤدي الامر كما فعل هتلر من قبل الي حرب عالمية في ليبيا ؟ خاصة وان ترامب في موقف حرج نتيجة محاولات عزلة ،كما ان ادانة تركيا والاعتراف من الكونجرس والشيوخ بقيام تركيا بمذابح الاكراد جعل ترامب في اضعف احوالة تجاة تركيا .
هكذا فالموقف اصبح اكثر تعقيدا .
سليمان شفيق