ماهر عزيز
الصراع القائم الآن بين آراء عدة حول وجود المرأة بالهيكل فيه من الخلط والخطأ بقدر ما فيه من الجهل بالقصد الإلهي ، وفيه كذلك الارتداد والنكوص لطقوسية يهودية عتيدة أسقطها السيد المسيح جملة واحدة والي الأبد..
 
بينما الأمر في جوهره يتعلق بالتقسيم الوظيفي الخالد للرجل والمرأة.. فكما أن المرأة بزخم الطاقة الروحية والعاطفية لديها ترضع صغارها حنانها وتربيتها في عملية تنشئة طويلة وشاقة يشارك فيها الرجل ، ولكن في حدود ضيقة لا يؤهله لسواها تكوينه الطبيعي الذي جبل عليه... كذلك الرجل أيضا بالوظيفية الأصيلة والتخصص التاريخي والرمزية العتيدة يقوم بالوظيفة الكهنوتية التي قد تشارك فيها المرأة بخدمة شموسية أو علي نحو أخر ممكن.. ولكن في تلك الحدود التي يؤهلها خارج نطاقها لوظيفية مغايرة تكوينها الطبيعي الذي جبلت عليه ... " غير أن الرجل ليس من دون المرأة ، ولا المرأة من دون الرجل . لأنه كما أن المرأة هي من الرجل ، هكذا الرجل أيضا هو بالمرأة . ولكن الجميع هم من الله " [ 1كو 11 : 11 و 12 ] ....
 
أما الاستناد في تحديد دور المراة تجاه الخدمة بالهيكل - سواء كهنوتية أو غير كهنوتية - الي النجاسة أو الطهارة فذلك عار وسقوط يجب أن تتنزه عنه الأطراف جميعا...
 
فالاحالة الي النجاسة هي تداعيات عقل مظلم بفكر رديء لا يزال مسجونا في عهد قديم بائد حطمه يسوع بذاته الي حرية مجد أولاد الله...
 
التخصص الوظيفي والأهلية الوظيفية فقط هي الحاكم الأوحد والنهائي... أما النجاسة أو الطهارة فقد حسمها يسوع ذاته حسما اكيدا نهائيا جملة واحدة والي الأبد..
 
لمست نازفة الدم هدب ثوبه الأقدس فشفيت في التو ، وأعلن يسوع بذلك قاطعا ان بيولوجيا المرأة طبيعة حياتية شريفة جبلت عليها في قداسة الطبيعة ذاتها ووظيفيتها الخالقة ، وهي بذلك لا تنجسها البتة ..
 
هذه الواقعة المصيرية الفارقة .. واقعة شفاء نازفة الدم ( ومعها واقعة إطلاق التي ضبطت في ذات الفعل مبررة علي ألا تعود ) .. أسس بها يسوع للمرأة مكانتها الحقيقية في العهد الجديد .. ففي اغلالها القديمة ، وبعوائد وعقيدة وطقسانية العهد القديم : كيف للنجاسة أن تقترب من الطهر كله ، وكيف للدنس أن يلامس القداسة ؟؟؟ ... لكنه اذ يمنحها الشفاء يمنحها في الوقت ذاته قوة هائلة من عظمة لاهوته لتغيير الواقع الظالم الذي رزحت تحت أغلاله ردحا طويلا من الزمن ، ويخرجها مرة واحدة والي الأبد من أسر طقوسية قديمة شرعت لعهد قديم تمم هو خلاصه وأسقطه سقوطا عظيما الي الانتهاء ...
 
غير يسوع بقوة لاهوته الخارج منه لشفائها - وهي في نظر الشريعة والطقسانية السائدة نجسة - غير مفهوم النجاسة تماما في رسالة شديدة الوضوح بأن طبيعتها إذ اقتضتها هكذا لدورها الخلاق في العالم فليس ذنبها أن هذه الطبيعة قد هيأتها علي هذا النحو .. بل طبيعتها طاهرة ومقدسة ولها التبجيل والاجلال والكرامة لأنها هي ذاتها الخليقة التي صنعها الله..
 
رد لها يسوع كرامتها المهدرة بطقوسية العهد البائد الذي هدم صروحه كلها بعهده الإنساني الجديد ...
 
لكن الإغراق الحالي في الطقوسية المفرطة للعبادة الراهنة رد العبادة للأسف الي استلهام الكثير من رؤاها واعتقاداتها الي الطقسانية اليهودية التي حطمها يسوع وبدد ظلامها بنوره الساطع الباهر لانسانية العهد الجديد ..
 
في كل فكرهم الراهن وطقسانيتهم المفرطة مازالوا عبيدا لعهد قديم حطم يسوع أغلاله منتصرا بقيامته لانسانية جديدة بعهد جديد .